في مصر: معدل التضخم سبعة أضعاف زيادة الأجور

مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع
مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار السلع

قبل شهرين من ثورة يناير 2011، أصدرت محكمة القضاء الإداري في مصر حكما يحصل العامل بمقتضاه على 1200 جنيه كحد أدنى للأجر شهريا ما اعتبر في حينه انتصارا كبيرا للعمال والموظفين

أصبحت أوضاع المصريين المعيشية أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل يناير 2011، ومع تطبيق الحكومة تدابير اقتصادية، ذات تأثير تضخمي مثل تعويم الجنيه، وضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء والغاز، وصلت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية تآكلت معها القيمة الشرائية لأصحاب الدخول الثابتة من الموظفين وأصحاب المعاشات.

ازدادت معاناة أصحاب الدخول الثابتة وانتقل الكثير منهم إلى شريحة الفقراء، وأصبح الحد الأدنى للأجور، والذي يعادل حاليا 67 دولارا تقريبا لا يكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لشخص واحد فضلا عن إعالة أسرة كاملة.

فقد قفزت معدلات التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في مصر إلى 34.2% في يوليو/تموز الماضي، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لتسجل أعلى معدل خلال أكثر من 70 عاما.

وتمثل هذه الزيادة في الأسعار سبعة أضعاف زيادة المرتبات في الموازنة العامة للدولة خلال العام نفسه، فقد بلغ حجم الأجور في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الماضي 2016-2017 مبلغ 228 مليار جنيه، ارتفعت لتصل في موازنة العام الحالي إلى 239 مليار جنيه، بزيادة 11 مليار جنيه فقط، تمثل نسبة 4.8% فقط.

وبالرجوع إلى أرقام الموازنة العامة للدولة قبل وبعد 25 يناير 2011، نجد أن الباب الأول في المصروفات بالموازنة والخاص بأجور وتعويضات العاملين، في موازنة عام 2010-2011 آخر أعوام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، بلغ 96.3 مليار جنيه بما يمثل 7% من الناتج المحلي الإجمالي، مع معدل تضخم بلغ 11% في يناير 2011.

وبعد ثورة يناير والتي كانت  العدالة الاجتماعية أحد مطالبها الأساسية، بدأت حكومات ما بعد الثورة في تحسين أوضاع العاملين وزيادة رواتبهم، حتى ارتفعت مبالغ الأجور في موازنة العام 2013-2014 إلى 178.6 مليار جنيه تمثل 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وبنسبة زيادة بلغت 85.5% وهي آخر موازنة أقرها مجلس الشورى قبل الانقلاب العسكري في يوليو 2013، مقارنة بآخر موازنة قبل الثورة، وبمتوسط زيادة سنوية بلغت 28.5%.

وتزامن هذا مع انخفاض معدل التضخم السنوي ليصل إلى 6.6% في يناير 2013. وكان الموظفون العاملون في الإدارة المحلية والذين يمثلون غالبية العاملين في الحكومة أكثر المستفيدين من هذه الزيادات، إذ ارتفعت نسبة الحوافز الشهرية التي يحصلون عليها من 25% من الراتب الأساسي، إلى 200% من الراتب، تدل على ذلك أرقام بند المكافآت في الموازنة حيث ارتفعت من مبلغ 35.1 مليار جنيه قبل الثورة في موازنة العام 2010-2011، إلى 75.3 مليار جنيه في موازنة العام 2013-2014 بنسبة زيادة بلغت 115%.

وتدهورت أحوال الموظفين بشكل سريع بعد انقلاب يوليو 2013، إذ انخفضت نسبة الباب الأول من الأجور وتعويضات العاملين إلى ما نسبته 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت 239.6 مليار جنيه، ارتفاعا من 178.6 مليار جنيه قبل الانقلاب وبمتوسط زيادة سنوية بلغ 8.5% فقط، بينما ارتفعت معدلات التضخم إلى معدلات غير مسبوقة منذ عقود.

ولم تقف معاناة الموظفين بعد الانقلاب عند هذا الحد، بل زادت قيمة الضرائب التي تحصلها الدولة على رواتبهم، وبالعودة إلى أرقام الموازنة نجد أن قيمة الضرائب على الدخول من التوظيف ارتفعت من مبلغ 22.3 مليار جنيه في موازنة العام 2013-2014 إلى مبلغ 37.4 مليار جنيه في موازنة العام الحالي بنسبة زيادة بلغت 68%.

المصدر : الجزيرة مباشر