فرنسا تزاحم بقوة المرشحين العرب على رئاسة الـ”يونسكو”

أيام وتنطلق عملية انتخاب المدير العام الحادي عشر لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)
أيام وتنطلق عملية انتخاب المدير العام الحادي عشر لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)

قبل أيام من انطلاق عملية انتخاب المدير العام الحادي عشر لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) تبدو حظوظ المرشح الفرنسي أقوى في مواجهة ستة مرشحين آخرين.

ويتنافس ثلاثة عرب على المنصب، ما يرجح استمرار عدم فوز أي عربي برئاسة المنظمة، التي تأسست عام 1945، وفق مختصين.

وفي هذه المعركة الانتخابية، فإن ثمة خمسة عوامل تدعم الموقف الفرنسي، وهي: تعدد المرشحين العرب، والأزمة الخليجية، والدعم الفرانكفوني، وأن الدول الممولة تفضل فرنسا، إضافة إلى أن باريس هي مقر الـ”يونسكو”.

الانتخابات، التي تنطلق الإثنين المقبل، اعتبرها أكاديمي مصري “عملية معقدة”، تسير، وفق خبير قطري، إلى “تفتيت عربي تزيده الأزمة الخليجية الراهنة”، مقابل “تكتل لدعم فرنسا”.

من جهتها، تعتبر القاهرة أن فرص مرشحتها متساوية مع منافستها الفرنسية، وتأمل في انسحاب بقية المرشحين العرب، وهي الحالة الوحيدة التي يرى خبيران أنها ستقود إلى منافسة مصرية -فرنسية شرسة.

وبدأت محاولات العرب لنيل لهذا المنصب، عام 1999، عندما ترشح مدير مكتبة الإسكندرية آنذاك، المصري إسماعيل سراج الدين، والأديب والدبلوماسي السعودي، غازي القصيبي، فخسر الاثنان أمام الياباني كوشيرو ماتسورا.

وفي مقرها بباريس، انطلقت (الأربعاء) اجتماعات المجلس التنفيذي للـ “يونسكو”، وتستمر أسبوعين، وعلى رأس مهامها اختيار مدير جديد، ليخلف البلغارية إيرينا بوكوفا، عبر اقتراع سري.

ويُعلن اسم الفائز في المؤتمر العام للمنظمة (جمعية عمومية تضم 193 دولة)، في 14 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ويباشر مهام عمله في اليوم التالي.

ويُنتخب مدير عام المنظمة لولاية من أربع سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لولاية ثانية مرة واحدة.

ويُجرى الانتخاب على خمس جولات كحد أقصى، بين 9 و13 من أكتوبر/ تشرين أول الجاري، في حال لم يحصد أي مرشح أغلبيةً مطلقةً في الجولات الأربع الأولى، أي 30 صوتا على الأقل من أصوات الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي، وهي 58 دولة.

ووفق مبادئها الأساسية، تهدف الـ “يونسكو” إلى إحلال السلام والأمن عبر رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، لإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية.

وإيرينا بوكوفا (البلغارية) هي المديرة العامة الحالية والعاشرة لدورتين متتاليتين، منذ عام 2009، على حساب وزير الثقافة المصري الأسبق، فاروق حسني، وبفارق أربعة أصوات في الدورة الأولى من الاقتراع.

ولخلافة بوكوفا، رشحت فرنسا وزيرة الثقافة والاتصال، أودري أزولاي، في مواجهة المرشحة المصرية، مشيرة خطاب، ووزير الثقافة القطري السابق، حمد عبد العزيز الكواري، واللبنانية فيرا خوري، التي تعمل في الـيونسكو” منذ 20 عاماً، وتامل في جعل لبنان مركزا لحوار الثقافات والحضارات، وإن بدت حظوظها أقل.

ويضاف إليهم مرشح أذربيجان، بولاد أوغلو، ومرشح جواتيمالا، ومرشح فيتنام، فام سان شاو، ومرشح الصين، كيان تانغ.

ومر عشرة مديرين على “اليونسكو”، وهم: إيرينا بوكوفا (بلغاريا/ 2009- 2017)، وكويشيرو ماتسورا (اليابان/ 2009-1999)، وفيديريكو مايور (إسبانيا/ 1999-1987)، وأحمد مختار أمبو (السنغال/ 1987-1974).

إضافة إلى رينيه ماهيو (فرنسا/ 1961- 1974)، وفيتوريو فيرونيزي (إيطاليا/ 1958 – 1961)، ولوثر إيفانز (الولايات المتحدة الأمريكية/ 1953 – 1958)، وجون و. تايلور (الولايات المتحدة/1952– 1953)، وخايمي توريس بوديت (المكسيك/ 1948 – 1952)، وجوليان هكسلي (بريطانيا/ 1946 – 1948).

وخلال الفترة الماضية حاول كل مرشح تقديم رؤيته المتعلقة بالتعليم والعلوم والثقافة، وقبل الرؤية كانت الاتصالات والجولات المكوكية، بعضها رئاسية، لدعم المرشحين.

ووفق صالح غريب، رئيس قسم الثقافة والفن بجريدة “الشرق” القطرية، الذي عمل لفترة مع المرشح القطري بوزارة الثقافة، فإن “وجود أكثر من مرشح عربي سيجعل فرص فوز أي منهم منعدمة”.

كما أن “الأزمة الخليجية (الراهنة) عقدت العملية برمتها، وتبدل التوحد الخليجي خلف المرشح القطري، الذي يستحق هذا المنصب، بفضل جهوده الثقافية محلياً ودولياً”.

ومنذ 5 من يونيو/ حزيران الماضي، قطعت كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتقول إنها تواجه حملة “أكاذيب و”افتراءات” تستهدف فرض الوصاية على قرارها الوطني.

وشدد غريب على أن “الأزمة الخليجية تصدر إلى العالم صورة الخلاف العربي، وبات الواقع ينبأ بأن الخلافات ستعرقل فرص الفوز، ولن تسمح الدول المصوتة بأن يذهب المنصب إلى مرشح عربي خلفه أزمات”.

ورجح فوز المرشح الفرنسي لأسباب، هي: “الخلاف العربي، وكون باريس هي مقر المنظمة، وحشد دعم غالبية الدول الفرنكوفونية، إضافة إلى أن الدول الممولة (للمنظمة) ستفضل فرنسا على العرب لتحمل مسؤولية اليونسكو”.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، رئيس الحملة الانتخابية لـخطاب، فإن المرشحة المصرية “تحظى بتأييد عربي واسع ودعم أفريقي وآسيوي، فضلا عن دول أوربية وأخرى في أمريكا اللاتينية”.

واستدرك العرابي “لكن في النهاية انتخابات اليونسكو، وكأية معركة انتخابية، تلعب فيها السياسة دورًا كبيرًا، ولا تعتمد فقط على الكفاءة”.

ورأى أن “المنافسة قوية بين المرشحة المصرية ونظيرتها الفرنسية، ولا توجد أي عقبات فنية أمام خطاب، حيث أثبتت كفاءتها وجدارتها في المناصب التي تقلدتها، إضافة إلى الرصيد الحضاري والثقافي المصري”.

وأشار سفير مصر في باريس ومندوبها لدى الـ”يونسكو”، إيهاب بدوي، إلى أن “العديد من الدول تتخذ قرارها في اللحظات الأخيرة، لرصد ما قد يستجد من أمور ومواءمات وتفاهمات سياسية”.

وأعرب بدوي عن أمله في انسحاب بقية المرشحين العرب لصالح المرشحة المصرية، “منعا لتفتيت الأصوات العربية، خاصة وأنها (خطاب) تمثل كل من العرب وإفريقيا ومنطقة المتوسط”.

واعتبر بدوي أن خطاب “من أقوى ثلاثة مرشحين، وتحظى بدعم رسمي من الاتحاد الأفريقي والمجموعة الإفريقية هي أكبر المجموعات الجغرافية الست في المجلس التنفيذي من حيث عدد المقاعد، وبالتالي عدد الأصوات”.

لكن “الدعم وحده ليس كافيًا”، حسب حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، الذي رأى أن “مشيرة خطاب ليست ذات ثقل، كما أن المرشح القطري في موقف صعب” في ضوء تداعيات الأزمة الخليجية.

وخلص الأكاديمي المصري إلى أن “المرشحة الفرنسية هي الأوفر حظًا”.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر