فرانس برس: السياسة الخارجية السعودية المتشددة تثير غضبا دوليا

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

يرى محللون أن الانفتاح الدبلوماسي الذي تنتهجه السعودية قد يتأثر سلبا بالأزمة الأخيرة مع كندا على خلفية ملف حقوق الانسان في المملكة والغارة الدامية على اليمن التي سببت مقتل 29 طفلا.

وذكر تقرير لوكالة فرانس برس أن التطورات هذا الأسبوع قد تجعل علاقة السعودية مع واشنطن أكثر تعقيدا، وقد تعرضها لمزيد من الضغوط.

وأدت غارة للتحالف السعودي الإماراتي (الخميس) في صعدة شمال اليمن إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى أغلبهم من الأطفال ما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي معا إلى المطالبة بفتح تحقيق في الحادثة.

وأصرّ التحالف على أن مسلحين حوثيين كانوا على متن الحافلة، لكن صورا للصحافة العالمية أظهرت عددا كبيرا من الأطفال في حالة صدمة وتغطيهم الدماء وهم ينقلون الى المستشفيات التي تجهد للتأقلم مع ظروف حرب مستمرة منذ ثلاث سنوات خلفت ما وصفته الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية.

ردود فعال غاضبة على مقتل الأطفال:

قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن سيغورد نيوباور إن الحرب تصبح على نحو متزايد غير شعبية لدى المجتمع الدولي، بما في ذلك الكونغرس الأمريكي، وأضاف “هذا الهجوم للأسف بات الشأن المعتاد وليس الاستثناء”.

ويُتهم التحالف بشكل متكرر باستهداف المدنيين في اليمن منذ بدء تدخله العسكري عام 2015.

ووصف التحالف غارة الثلاثاء بأنها “عمل عسكري مشروع” ردا على إطلاق الحوثيين صاروخا على منطقة جيزان جنوب السعودية قبل يوم ما أدى إلى مقتل يمني.

لكن هذا لم يوقف سيل الإدانات الدولية، فقد كتب مدير اليونيسف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تويتر “لا أعذار بعد الآن” وأضاف: “هل يحتاج العالم حقا الى المزيد من أرواح الأطفال الأبرياء لوقف الحرب الوحشية على الأطفال في اليمن؟”

أمّا يان إيغلاند رئيس المجلس النروجي للاجئين فكتب على تويتر “هذا منفّر ومعيب ومثير للسخط، انه تجاهل صارخ لقواعد الحرب عندما تصبح حافلة تحمل تلامذة أطفال هدفا للهجوم”.

مقاربة “إغلاق باب النقد” واصطفاف الحلفاء:

وتأتي الغارة التي هي جزء من تدخل عسكري يعكس السياسة الخارجية المتشددة لولي العهد السعودي بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية مع كندا في وقت سابق هذا الأسبوع.

ويعتقد خبراء أن رد الفعل السعودي قد يمس بجهود المملكة لجذب استثمارات أجنبية تحتاجها بشدة لتمويل خطتها الإصلاحية بعدم الاعتماد كليا على النفط في اقتصادها، وتبيّن هذه الخطوة كيف أن المملكة الغنية بالنفط غير مستعدة لتحمّل أي انتقاد سواء كام داخليا ام خارجيا في ظل ولي العهد الشاب.

وقالت مجموعة “يوراسيا ” للاستشارات إن “القيادة العليا غير مهتمة على وجه الخصوص بتأثير كندا العالمي”. وأضافت “بدلا من ذلك هي مهتمة بإغلاق الباب امام أي نقد أوسع في المستقبل، وأيضا من جانب دول أوربية وعلى قضايا أخرى”.

لكن رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو رفض التراجع وأكد ان بلاده سوف تستمر بتناول قضايا حقوق الانسان، في حين شدد مسؤولون سعوديون في تصريحات خاصة على أن احترام الحساسيات الثقافية والاشتباك الدبلوماسي خلف أبواب مغلقة مقاربتان أكثر فعالية من الشجب العلني للمملكة.

وأعربت كندا عن خيبة أملها من قوى غربية كبرى لعدم تلقيها دعما علنيا منها، ومن ضمنها الولايات المتحدة التي زوّدت التحالف الذي تقوده السعودية بأسلحة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

وقالت مجموعة يوراسيا “في غياب صوت الولايات المتحدة القوي (في ظل حكم الرئيس دونالد ترمب) حول حقوق الإنسان والقيم الديموقراطية، أصبح الزعماء العرب أقل استعدادا لتحمّل نصيحة غربية سواء حول الإصلاح السياسي أو الحكم”.

ويقول بيري كاماك من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن “الرئيس ترمب جعل العلاقات مع السعودية جانبا مركزيا من مقاربته للشرق الأوسط، لكن الاستياء تجاه السعودية داخل الكونغرس آخذ بالتنامي” وأضاف “هناك احتمال حقيقي أن يتحرك الكونغرس بطريقة هادفة لتقييد تدخل الجيش الأمريكي في الحرب اليمنية”.

وأكد تقرير فرانس برس أن الأزمة الدبلوماسية أربكت أيضا حلفاء كندا الأوربيين، ونقلت الوكالة عن جيمس دورسي، الأستاذ في جامعة اس. راغارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة قوله إن “عدم اصطفاف حلفاء كندا الغربيين معها في الخلاف مع السعودية يحمل مخاطر إغواء المملكة بشعور خاطئ بأن العقوبات الاقتصادية ستشكل درعا لها، هذا إن لم توقف النقد الآخذ بالازدياد لسجلها في مجال حقوق الإنسان وسلوكها في الحرب اليمنية”.

المصدر : مواقع فرنسية