صناعة النفط الأمريكية على وشك تحطيم الرقم القياسي

حقل نفطي بالقرب من هايز بولاية كانساس-29 يونيو 2017.

يتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي متجاوزا عشرة ملايين برميل يوميا بفضل زيادة إنتاج النفط الصخري ليحطم الرقم القياسي الذي سجل في العام 1970.

فالحكومة الأمريكية تتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 11 مليون برميل يوميا في أواخر العام 2019 ليناطح إنتاج روسيا التي تتصدر قائمة منتجي النفط على مستوى العالم.

والآثار الاقتصادية والسياسية لارتفاع الإنتاج الأمريكي مذهلة إذ تمثلت في خفض واردات البلاد من النفط بمقدار الخُمس على مدار عشر سنوات وإتاحة وظائف بمرتبات كبيرة في المجتمعات الريفية وتقليص أسعار البنزين للاستهلاك المحلي بنسبة 37% من الذروة التي بلغتها في العام 2008.

كما اختفت المخاوف التي تملكت الولايات المتحدة خلال السبعينيات من حدوث أزمات حادة في الطاقة وحلت محلها سياسة رئاسية تقوم على تحقيق الهيمنة عالميا في مجال الطاقة.

وقال جون إنغلاند، رئيس قسم الطاقة والموارد الأمريكية بشركة ديلويت الاستشارية، إن لذلك الأمر آثار إيجابية لا تصدق على الاقتصاد الأمريكي وعلى قوة العمل إذ حل الغاز الصخري محل الفحم في محطات توليد الكهرباء، وأصبحت صادرات الطاقة الأمريكية تنافس نفط الشرق الأوسط على المشترين في آسيا.

وقفز حجم التجارة اليومية في التعاقدات الآجلة على النفط الأمريكي لأكثر من مثليه في السنوات العشر الأخيرة فتجاوز متوسطه 1.2 مليار برميل يوميا خلال 2017 وذلك وفقا لمجموعة (سي.إم.إي) لإدارة البورصات.

كما أصبح سعر خام القياس الأمريكي، غرب تكساس الوسيط، يحظى بمتابعة دقيقة في مختلف أنحاء العالم من جانب المتعاقدين الأجانب على شراء البنزين ووقود الديزل والنفط الخام الأمريكي.

ولا تزال مسألة ما إذا كان من الممكن أن يستمر الإنتاج الصخري بهذه الوتيرة سؤالا مفتوحا، فقد أثار النمو السريع مخاوف من اقتراب هذه الصناعة من ذروتها ومن أن تكون توقعات الإنتاج مفرطة في التفاؤل.

وقد سجلت تكاليف الأيدي العاملة والخدمات المتعاقد عليها ارتفاعا حادا في الآونة الأخيرة في أكثر حقول النفط نشاطا وارتفعت بشدة أسعار الأراضي التي يمكن الحفر فيها، كما أن بعض المستثمرين الذين يمولون الإنتاج الصخري يطالبون شركات الإنتاج بالتركيز على تحسين العوائد في الأجل القصير بدلا من التوسع في الحفر.

غير أن المنتجين الأمريكيين فاقوا بالفعل التوقعات وتغلبوا على تحديات خطيرة بما في ذلك الجهود الأخيرة التي بذلتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لكي تخسف الأرض بشركات الإنتاج الصخري وذلك بإغراق الأسواق العالمية بالنفط.

وتراجعت أوبك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016 وطبقت تخفيضات في الإنتاج وسط ضغوط من أعضائها بسبب تدني الأسعار التي هوت إلى ما دون 27 دولارا للبرميل في وقت سابق من ذلك العام بعد أن كانت تتجاوز 100 دولار في 2014.

وانتصر أصحاب الإنتاج الصخري في حرب الأسعار من خلال تخفيضات كبيرة في التكاليف والتطور السريع في تكنولوجيا الحفر، وأصبح سعر النفط الآن أعلى من 64 دولارا للبرميل أي ما يكفي لدى كثير من المنتجين الأمريكيين لتغطية نفقات التوسع في الحفر وتوزيع أرباح على المساهمين في آن واحد.

وساعدت كفاءات التشغيل التي حفزتها المعركة مع أوبك الشركات الأمريكية على إنتاج ما يكفي من النفط للمطالبة بإلغاء حظر فرض على الصادرات ونجحت في ذلك، فقد ألغى الكونغرس الأمريكي في أواخر العام 2015 الحظر الذي فرض في أعقاب الحظر النفطي الذي فرضته أوبك في العام 1973.

وتصدر الولايات المتحدة الآن ما يصل إلى 1.7 مليون برميل يوميا من النفط الخام وستصل القدرة التصديرية هذا العام إلى 3.8 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي، وأدى هذا الطلب على الصادرات مع ارتفاع الإنتاج في مواقع نائية مثل غرب تكساس ونورث داكوتا إلى طفرة في إنشاءات خطوط الأنابيب بالولايات المتحدة، ومن الممكن الآن حفر الآبار خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع بعد أن كانت عملية الحفر تستغرق ما يصل إلى الشهر قبل بضعة أعوام.

 وتتوقف المرحلة المقبلة من نمو الإنتاج الصخري على أساليب استخراج المزيد من النفط من كل بئر، وتقوم الشركات الآن بتثبيت مجسات على رؤوس الحفر لتحقيق مزيد من الدقة في الوصول إلى المكامن النفطية مستخدمة في ذلك الذكاء الصناعي والتشغيل عن بعد لتحقيق أقصى استفادة من المعدات والمهندسين المدربين.

 وقبل نحو عشر سنوات كان جانب كبير من اهتمام شركات النفط الأمريكية الكبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون ينصب على الحقول في دول أخرى فتركت تطوير الصناعة الصخرية في الولايات المتحدة للشركات الأصغر، أما الآن فقد عادت واتجهت إلى شراء شركات الإنتاج الصخري والأراضي وحولت المزيد من الاستثمارات من الخارج إلى داخل الولايات المتحدة.

ويعمل هذا التحول في اهتمام الشركات الكبرى على رفع تكاليف الأيدي العاملة وأراضي الحفر في المنطقة فيما يمثل دفعة أخرى للأجور والثروة في المناطق الريفية.

المصدر : رويترز