شح المياه ينذر بكارثة في غزة

يثير تفاقم مشكلة المياه في قطاع غزة عاماً بعد عام قلق مسؤولين وخبراء مختصين بمجال المياه، في انتظار البدء بمشاريع معالجة وتحلية لتخفف من تداعيات الأزمة التي تشتد أواصرها على السكان مع اشتداد حرارة كل صيف.

ففي القطاع الذي لا تتعدى مساحته الـ350 كيلومترا مربعا يعاني أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني من شح في المياه وتلوثها بمعدلات كبيرة جداً، مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية وأزمة بيئية خلال السنوات المقبلة ما لم يصار إلى وضع حد للتدهور المائي هناك.

ويشير مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل منذر شبلاق، إلى جملة من الأسباب التي أفضت إلى أزمة المياه في غزة المحاصرة، يقف في مقدمتها الاكتظاظ السكاني الكبير والتزايد الديمغرافي على رقعة جغرافية محدودة ليس أمام سكانها سوى الاعتماد على مياه الخزان الجوفي.

وأضاف أن استنزاف السكان لمياه الخزان الجوفي، قابله تراجع في نسبة سقوط الأمطار، ومنع الاحتلال الإسرائيلي انسياب الوديان المؤدية إلى غزة عبر إقامة السدود الترابية ومئات الآبار الاسترجاعية والمصائد المائية بغية تخزينها والاستفادة منها في زراعة محاصيله الزراعية بصحراء النقب خلال الصيف.

وأوضح مسؤول المصلحة التي تعنى بتطوير خدمات المياه بقطاع غزة، أن مجمل ما يتم استنزافه من مياه الخزان الجوفي أكبر بكثير من المياه العائدة إلى الخزان، حيث تبلغ كمية المياه المستهلكة من الخزان الجوفي سنوياً نحو 180 مليون متر مكعب، في حين أن العائد إلى الخزان الجوفي لا يتعدى سنوياً في أحسن الأحوال ثمانين مليون متر مكعب.

واستناداً إلى أرقام وتقارير المصلحة، فإن العجز السنوي في الخزان الجوفي يبلغ مائة مليون متر مكعب، يتم تعويضها عبر ظاهرة زحف مياه البحر وتسرب مياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي، وهو ما تسبب في تلوث الخزان وزيادة عنصري الكلوريد والنترات فيه.

ووفق التقرير السنوي الذي أصدرته المصلحة العام المنصرم فإن 5% فقط من مياه قطاع غزة صالحة للشرب.

ويرجع شبلاق، تفاقم أزمة المياه إلى توقف مشاريع محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومحطات التحلية بفعل اندلاع الانتفاضة والحصار الذي حال دون الشروع بتنفيذها خلال السنوات العشرة الأخيرة، والتي كانت ضمن خطة السلطة الفلسطينية البديلة لتحسين الوضع المائي.

ويؤكد مدير عام المصلحة أن نسبة الاستهلاك المنزلي للمياه في قطاع غزة قبل عشر سنوات تراوحت ما بين خمسين وستين مليون متر مكعب سنوياً، بينما بلغت كمية الاستهلاك السنة الأخيرة مائة مليون متر مكعب.

وذكر في حديثه للجزيرة نت أنه لتفادي أزمة المياه خلال السنوات العشر القادمة، فإن قطاع غزة بحاجة إلى محطات تحلية تنتج مائة مليون متر مكعب للاستخدام الآدمي ومحطات لمعالجة مياه الصرف الصحي يمكنها معالجة ثمانين مليونا بحيث يمكن الاستفادة من أربعين مليونا منها في الزراعة أو حقن الخزان الجوفي لتعويض النقص الحاد فيه.

ومن جانبه، حمل الخبير المائي ومدير الإدارة العامة للمياه بوزارة الزراعة نزار الوحيدي، الاحتلال الإسرائيلي، المسؤولية المباشرة عن تدهور الوضع المائي في قطاع غزة، كونه المتهم الأكبر بتلويث الخزان الجوفي بالميكروبات والمواد العضوية، وعدم سماحه بدخول مواد التعقيم وأجهزة تحليل المياه عالية الجودة، وأجهزة تحليل العناصر الثقيلة في المياه منذ أكثر من عشرين عاماً.

وبين أن وجود محطات المياه العادمة فوق خزانات جوفية مائية عذبة زاد الوضع المائي بالقطاع سوءا، وتسبب في تلوث أكثر من 80% من آبار غزة.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن التغلب على مشكلة المياه يتطلب إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وضبط وتقنين الري الزراعي واستخدام المياه بالمنازل، إضافة توعية وإرشاد المواطنين بالمشكلة وأخطارها، وإعادة تأهيل شبكات نقل وتوزيع المياه.

ومن جانبه أوضح الأستاذ المساعد بقسم البيئة وعلوم الأرض بالجامعة الإسلامية بغزة زياد أبو هين، أن القطاع يعيش كارثة مائية حقيقية كون مشكلة مياهه في الكم والنوع.

وذكر للجزيرة نت أن نقص المياه وعدم جودتها لها تأثيرات سيئة على صحة الإنسان وتصيبه بالعديد من الأمراض، لافتاً إلى أن ما يزيد على 80% من آبار القطاع تتجاوز نسبة النيترات فيها ثلاث أضعاف المسموح بها محلياً وعالمياً، وكذلك نسبة الكلوريد بمياه غزة تبلغ ما بين ألف و1200 مليغرام في اللتر، في حين الموصى بها عالمياً يجب ألا تزيد على 250 مليغراما في اللتر.