شاهد: مُسن فلسطيني يزرع أرضه على وقع القنابل والرصاص

ينثر المسن الفلسطيني صبري دويكات، حبوب القمح في أرضه بكفين أنهكتهما تجاعيد تروي حكايات عمره الذي يفوق سنوات الاحتلال.

يزرع دويكات الذي تجاوز السبعين من عمره، أرضه غير آبه بأصوات الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع التي تطلقها قوات إسرائيلية تتمركز على حاجز مجاور.

وعادةً ما تطلق تلك القوات الرصاص والقنابل لقمع فلسطينيين يتظاهرون بشكل متكرر، احتجاجاً على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، ورفضاً للقرار الأمريكي باعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لإسرائيل.

ولا يخشى دويكات خطر الموت الذي يواجهه مع كل مواجهات تندلع بين مئات الشبان الفلسطينيين والجيش قرب الحاجز العسكري المحاذي تمامًا لأرضه، جنوب مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وبينما يواصل نثر الحبوب الذهبية، يقول دويكات “هذه أرضنا نعيش منها وعليها، وسوف أبقى أزرعها وأحميها بكل ما أملك، لنقول للاحتلال الإسرائيلي إننا متمسكون بها ولن نتخلى عنها أبدًا”.

ومنذ نحو عشر سنوات بدأ المسن الفلسطيني الذي ينحدر من قرية “روجيب” قرب مدينة نابلس، زراعة الأرض التي استأجرها من صاحبها، رغم الخطر الذي يواجهه، فهي قريبة من حاجز “حوارة” العسكري، الذي يشهد مواجهات من حين لآخر بين مئات الشبان الغاضبين وقوات الاحتلال.

وعلى وقع انفجارات تكاد تصم الآذان وأزيز رصاص لا يكاد يتوقف، واصل دويكات عمله وحديثه “الأرض غالية، وهناك شباب يقاوم الاحتلال في سبيل هذه الأرض، لذلك نحن نزرعها، لنقول للاحتلال أننا متمسكون بها”.

قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص لا تسقط فقط بمحاذة أرض المزارع دويكات، فهي تتطاير أيضًا من فوق رأسه، إذ يتمركز جنود إسرائيليون على تلة صغيرة قرب أرضه، ويطلقون ذخيرتهم باتجاه المتظاهرين الفلسطينيين.

ولا يقتصر الخطر الذي يواجهه المزارع المسن على ذلك، فهو يتعرض لمضايقات وتهديدات متواصلة من جنود الاحتلال خاصة في حالات التصعيد، وأثناء اندلاع المواجهات، إلا أنه لا يشعر بالخوف منهم، كما يؤكد.

وتابع “لم أفعل شيئا حتى أخاف، فأنا أزرع أرضي وأحميها وأعتني بها، وسأبقى كذلك حتى أموت. هم (الجنود) يحاولون منعي باستمرار من العمل وفي بعض الأحيان يدخلون الأرض وهم يحملون بنادقهم ويسألوني ماذا أفعل؟.. أرد عليهم بأني أزرع الأرض.. وبعدها أواصل عملي رغم وجودهم”.

وبينما ينظر إلى أرضه البالغة مساحتها 6 دونمات (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، بعد جلوسه لاستراحة قصيرة، يقول دويكات “كل جيل يذهب يأتي بعده جيل يبقى متمسكًا بهذه الأرض. الأرض غالية على الفلسطينيين جميعًا وليست علي وحدي”.

ولا يواجه المزارع دويكات الخطر وحده، وإنما يواجهه مزارعون آخرون في الأراضي المحيطة والقريبة، إلا أنهم يواصلون عملهم بلا خوف، فزراعة الأرض بالنسبة لهم أسلوب آخر لمقاومة الاحتلال.

وما أن أنهى المسن الفلسطيني حديثه حتى عاد لنثر بذور القمح في أرضه.

وتشهد معظم المدن الفلسطينية، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي مظاهرات ومواجهات بين شبان فلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، رفضًا لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، اعتبار بلاده رسميًا القدس المحتلة (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة مزعومة لإسرائيل.

المصدر : الأناضول