شاهد: شاب سوري أقعدته رصاصة النظام فأبدع في بناء المجسّمات

الشاب السوري عبيدة شنو، أصابته رصاصة للنظام فأقعدته، لكنها عجزت عن سلب إرادة قوية فجرت في أعماقه روح التحدي، فكان أن قرّر القيام بعمل فني يعوض به عجزه عن الحركة.

عبيدة (30 عامًا)، من ريف حمص الشمالي المحاصر، هو واحد من ملايين السوريين الذي سلبهم قصف النظام أجزاء من أجسادهم.

غير أن ما يميّز عبيدة هو أن إعاقته ولّدت لديه عزيمة فولاذية قرر من خلالها تحدّي وضعه الجديد، وتعويض عجزه عن الحركة بتحويلها لدافع ومحفّز على الإبداع.

فعبيدة يلازم الفراش منذ أكثر من 7 سنوات، في بيته بمدينة الحولة.

ومع عدم ظهور بوادر أمل بشفائه، وفي ظل عدم وجود من يرعاه في بلد يغرق في أتون الحرب، أدرك أن عليه الاعتماد على نفسه.

قرار تطلب منه اختيار مجال يبدع فيه، ويكون ملائمًا لوضعه الراهن، وهذا ما جعله يختار صناعة مجسمات لأبنية ومساجد ونصب وأعمدة وجسور.

وبناءً على ذلك، بدأ عبيدة المصاب بشلل سفلي، بتصميم مجسمات تجسد الواقع، باستخدام أدوات بسيطة.

وقال عبيدة إن إصابته أدّت لكسر فقرتين في ظهره، وشلل بأطرافه السفلية.

ورغم إصابته التي كلفته الحركة، إلا أن عبيدة يحتفظ بتفاؤل قلما يتوفر حتى لدى الأسوياء.

أما البدايات، فكانت بصناعة بيت ريفي، ومن ثم توسع عمله أكثر، ليشمل صنع مجسمات أكبر، ومعالم سورية، مثل مسجد خالد بن الوليد الموجود بمدينة حمص، والجسر المعلق في دير الزور.

وبمرور الوقت، وصقل موهبته، قام بتطوير عمله عبر الاستعانة بصور للجسم المراد تجسيده، وذلك من خلال عمل يشبه التخطيط الهندسي.

وأشار إلى أن عمله لم يقتصر على ذلك، بل تعداه لصناعة أدوات مكتبية وبيعها بأسعار جيدة تساعده على شراء معدات للعمل الذي يقوم به، وبنفس الوقت شراء أدوية لنفسه.

وعلاوة على المعالم السورية، يسعى عبيدة لتجسيد معالم عالمية، بطريقة محترفة، رغم ضعف إمكاناته المادية وبساطة المعدات التي يمتلكها.

وفي هذا الصدد، لفت إلى أنه يسعى لـ”تجسيد كافة المعالم التاريخية الموجودة في سوريا، مثل الجامع الأموي في دمشق، والمسجد العمري في درعا (جنوب)، وآثار مدينة تدمر (وسط).

كما يرنو أيضا إلى تجسيد مدرج بصرى (جنوب)، وبرج إيفل في فرنسا، والمسجد الأزرق في تركيا (مسجد السلطان أحمد)، وغيرها من المعالم التاريخية العالمية.

أحلام كسرت حاجز الإعاقة الذي يمنعه من الحركة، وحرر فكره الإبداعي ليحلق عاليا في مختلف بلدان المعمورة، ويختار منها معالمها وآثارها لتجسيدها في مجسمات فيها الكثير من الدقة والرونق.

إبداع شكّل ترياق حياة مضاد للقصف الذي يستهدف ريف حمص من قبل النظام، وللحصار المطبق على أكثر من 250 ألف مدني واستهدافهم بالقنص؛ ما أسفر عن إصابة عشرات الشبان بإعاقات متنوعة أقعدتهم عن مزاولة حياتهم اليومية.

المصدر : الأناضول