شاهد: جولة بين الحطام في “حرستا” بالغوطة الشرقية

باتت رحلة، كانت تستغرق قبل الحرب في سوريا 15 دقيقة بالسيارة من دمشق، تستغرق الآن أكثر من ساعة، يتخللها تسلق فوق أكوام هائلة من القمامة والركام.

وبزيارة منزله في بلدة حرستا للمرة الأولى منذ 6 سنوات، لم يتمكن “داني مكي” من التعرف عليه.

زيارة مكي، وهو صحفي سوري ولد في بريطانيا، هذا الأسبوع منحته فرصة ليلقي أول نظرة على الدمار الذي لحق بحرستا، حيث استسلم مقاتلو المعارضة بعد هجوم جوي وبري ضار من قوات النظام السوري بهدف إعادة السيطرة على الغوطة الشرقية الواقعة على أطراف دمشق.

ووافق مقاتلو المعارضة على إلقاء السلاح مقابل عبور آمن إلى شمال غربي سوريا الخاضع للمعارضة.

ومع انتقال آلاف المقاتلين، انتقل أيضًا سكان حرستا إلى مراكز حكومية في دمشق وحولها تاركين المدينة، التي كانت في يوم ما موطنًا لحوالي 35 ألف شخص، أثرًا بعد عين.

وكانت حرستا من أوائل المدن التي انتفضت ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011، وسرعان ما سيطرت عليها المعارضة المسلحة إلى جانب مدن أخرى في الغوطة الشرقية.

وعلى مدار ست سنوات حاول جيش النظام طرد المسلحين دون تحقيق انتصار حاسم، إلى أن شن الهجوم الذي بدأ الشهر الماضي، وأعلن جيش النظام السوري السيطرة رسميًا على حرستا يوم الجمعة الماضي.

لكن مكي، المقيم مؤقتًا في دمشق، تمكن من الدخول لفترة وجيزة بعد ظهر الاثنين الماضي لرؤية منزله، حيث عاشت أمه وجدته قبل الحرب.

مر مكي إلى جوار محطة مياه على حافة البلدة التي كانت منذ وقت قريب منطقة جبهة للمعركة، وسار على طرق ترابية غير ممهدة حيث أثارت الدبابات والشاحنات العسكرية سحب الغبار والدخان.

وفي التقاطع المؤدي إلى منزله، قال إن صفًا من الحافلات كان يقطع الطريق، فتعين عليه تسلق تل من التراب بطول 3 أمتار، بعد أن وضع كحاجز بين الجانبين المتناحرين، ثم فوق كومة أخرى ضخمة من التراب التي وضعت فوق المكان لكي لا ينمو العشب الطويل عليه، حسب قوله.

وكانت منطقته تدعى “حي الحدائق”، وقال “رأيت فقط شوارع ممتلئة بالأنقاض لدرجة أنك لا تستطيع رؤية الأرض من ارتفاعها.”

وعندما وجد متجر بقالة، وأدرك أنه في شارعه، عثر على مبناه السكني. ومن النظرة الأولى، لم يبد الأمر بالغ السوء.

لكنه دخله ورأى أن حتى المصعد قد اختفى. الدرج أصبح مظلمًا، مغطى بالأنقاض والزجاج.

الشقة نفسها أصبحت بلا جدران، فقد أطيح بها وأصبحت مفتوحة على الشارع من ثلاثة جوانب، والأرضيات تحولت إلى ركام. كل المتعلقات اختفت، حتى الأبواب.

المصدر : أسوشيتد برس