سلطان “الفور”علي دينار.. كاسي الكعبة وحليف العثمانيين

قصر السلطان علي دينار في إقليم دارفور -غرب السودان

يحتل السلطان علي دينار، آخر سلاطين الفور مكانة كبيرة لدى السودانيين، فإلى جانب مناهضته للاستعمار الإنجليزي، اهتم بتأسيس دولة قائمة على تعاليم الإسلام ونشر العدالة.

وتأخذ سيرة السلطان علي دينار (1856-1916)، آخر سلاطين الفور، عند السودانيين بعداً أسطوريا، فإلى جانب مناهضته للاستعمار الإنجليزي للبلاد في 1898، اهتم بتأسيس دولة دينية قائمة على تعاليم الشريعة الإسلامية ونشر العدالة الاجتماعية.

وأخذت سلطنة الفور، (14451916م)، تسميتها من القبيلة المؤسسة لها (الفور) التي تقطن حتى الآن في إقليم دارفور غربي البلاد.

وعمد السطان علي بن السلطان زكريا بن السلطان محمد الفضل، والذي سيعرف بعد توليه الحكم في 1898 بـ”علي دينار” على تأسيس الخلاوى ومراكز تحفيظ القرآن والمحاكم الشرعية، ونظم إدارة الدولة القائمة على النهج الإسلامي.

ومصدر الفخر عند سرد سيرة السلطان دينار، يبدأ في الوضوح عند ذكر ما يعرف عامياً بـ” المحمل” والذي يعني الحمولة التي كان يسيرها إلى الأراضي المقدسة في مكة والمدينة.

ويعتز السودانيون بأن أحد سلاطينهم كان يرسل خراج المحاصيل الزراعية، إلى المحتاجين في الأراضي المقدسة، ويكسو الكعبة المشرفة عند موسم الحج.

 وحسب مؤرخين، فإن الإنجليز عطلوا آنذاك القافلة السنوية، التي كانت تذهب من مصر إلى مكة المكرمة حاملة كسوة الكعبة، ليبادر السلطان دينار بتسيير قافلة بديلة.

ووقتذاك حفر السلطان دينار، آبارا في الأراضي المقدسة لترتوي منها قوافل الحجيج.

 ويؤكد مؤرخون سودانييون، من بينهم البروفسيور يوسف فضل، أن الآبار الشهيرة التي يطلق عليها (أبيار علي) في الأراضي المقدسة تحمل اسم السلطان علي دينار.

وكانت جيوش السلطان دينار، في تلك الحقبة، تعمل على تأمين قوافل الحجيج القادمة من دول غربي أفريقيا نحو الأراضي المقدسة، وتبدأ رحلة سيرها من مدينة الفاشر عاصمة السلطنة (مركز ولاية شمال دارفور)، حتى تبلغ آخر رقعة في الأراضي السودانية عند جزيرة سواكن شرقي البلاد، حيث كانت تشرف على تأمين الرحلات البحرية أيضاً حتى تبلغ الأراضي المقدسة.

وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 1916، استشهد السلطان دينار، وآلاف من جنوده، عقب معركة “برنجية” حامية الوطيس، بين جيش السلطنة وقوات الاستعمار الإنجليزي على تخوم الفاشر عاصمة السلطنة.

وعقب المعركة أخضعت سلطنة الفور، أو ما عرف لاحقا بإقليم دارفور، كآخر رقعة من الدولة السودانية بشكلها الجغرافي الحديث للحكم الإنجليزي.

عندما تولى دينار، عرش السلطنة سعى إلى تحديثها من جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، ولتقوية السلطنة ذات التوجهات الإسلامية، كانت رؤيته مساندة الخلافة العثمانية، في الحرب العالمية الأولى (1914-1916)، وعزز موقفه منها، فكان ذلك سببا رئيسيا في تحرك الإنجليز ضده للقضاء عليه وتقويض حكمه.

الآن وبعد مرور أكثر من قرن على استشهاد السطان دينار، أبدى عدد من المسؤولين الأتراك اهتمامهم بالإرث الذي خلفه، عرفاناً لمساندته لدولة الخلافة الإسلامية.

وفي 2006، أعلن رئيس الوزراء التركي وقتها رجب طيب أردوغان، عند زيارته لإقليم دارفور، عزمه على تجديد قصر السلطان علي دينار، ذلك القصر الذي أشرف على تشييده ما بين 1911 و1912، على مساحة 3 آلاف متر مربع، مهندس تركي يدعى الحاج عبد الرازق.

وبعد سقوط السلطنة، اتخذ المستعمر القصر مقرا لهم، وبعد استقلال البلاد في 1956، حافظت الحكومات الوطنية عليه كإرث وطني، ليتحول في 1977، بقرار من الرئيس الأسبق جعفر نميري، إلى متحف يؤرخ للسلطنة، وحضارات السودان النوبية القديمة. 

المصدر : الأناضول