رويترز: النزاع السعودي الكندي يقوّض مساعي الرياض لجذب المستثمرين

قالت وكالة رويترز إن النزاع المتفاقم بين السعودية وكندا بشأن ملف حقوق الإنسان في السعودية يهدد بتقويض مسعى الرياض لجذب الاستثمار الأجنبي والذي يواجه بالفعل صعوبات.

وذكر تقرير للوكالة أن تصرفات الرياض قد تلحق الضرر بالتجارة بين الدولتين، فعلى سبيل المثال، قالت المؤسسة الحكومية المسؤولة عن شراء القمح في المملكة إنها أبلغت مصدري الحبوب بأنها لن تشتري القمح والشعير الكنديين.

وأضافت أن النزاع يثير علامات استفهام على نطاق أوسع أمام المستثمرين الأجانب، الذين تعول عليهم الرياض ليصبحوا شركاء، في استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات، في تحديث أكبر اقتصاد عربي.

ويعول ولي العهد السعودي منذ صعوده إلى السلطة في 2015 على رؤوس الأموال الأجنبية لتطوير الاقتصاد والخصخصة، تتضمن طرحا عاما أوليا لشركة النفط العملاقة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، وفي الوقت نفسه يسعى لاستعراض قوة السعودية في منطقة الخليج التي تشهد عدم استقرار متزايدا، ويخوض حربا مكلفة في اليمن، ويعمل على عزل قطر الحليفة السابقة، ويعمق منافسة على النفوذ في المنطقة مع الخصم اللدود إيران.

وفي الداخل، راقب المستثمرون الأجانب عن كثب حملة على الفساد شملت احتجاز أمراء ومسؤولين كبار وبعض رجال الأعمال ممن لهم أنشطة دولية كبيرة، وقال منتقدون إن النزاع يهدد بإبطاء خطة الاستثمار الأجنبي التي تواجه صعوبات، وتباطأت التدفقات إلى المملكة فيما يرجع بشكل رئيسي إلى هبوط أسعار النفط لسنوات، لكن الاضطرابات في المنطقة تحول دون تسارع التدفقات.

التحول الاقتصادي يحتاج “الأصدقاء وليس الأعداء”

وأشار التقرير إلى ما كتبه المعلق السعودي البارز جمال خاشقجي في صحيفة واشنطن بوست “ببساطة، فإن السعودية لا يمكنها تحمل تبعة استعداء أي قطاعات أخرى من المجتمع الدولي وسط حملة عسكرية لا تلقى قبولا في اليمن، إنها مواجهة غير مباشرة مع إيران. والأكثر أهمية، فإن خطة التحول الاقتصادي للمملكة تتطلب المزيد من الأصدقاء وليس الأعداء”.

وقال خاشقجي إن محمد بن سلمان “يحتاج إلى استخدام وسائل وأساليب مألوفة لدى المستثمرين، إذا خشي المديرون التنفيذيون للشركات من ردود أفعال عنيفة على أي انتقادات محتملة تتعلق باستثماراتهم، فإن الرؤية الجديدة للسعودية ستكون في خطر محدق”.

وتصّر المملكة على أن لديها مبررات لمعاقبة كندا على ندائها العلني بشأن النشطاء، وشجبت في بيان “هذا التصرف” ووصفته بأنه تدخل سافر في الشؤون الداخلية للمملكة، واستبعد وزير الخارجية السعودي حدوث وساطة، وقال إن الرياض قد تتخذ المزيد من الإجراءات… لكن بالنسبة للبعض، فإن النزاع مع كندا يعزز انطباعا بانتهاج سياسة مندفعة.

وأظهرت بيانات من الأمم المتحدة أن الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية هبط في 2017 إلى أدنى مستوياته في 14 عاما، وهو ما يشكل ضربة لخطط ولي العهد لزيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى المملكة بشكل حاد.

وفي محاولة لتصحيح هذا الاتجاه، استضافت السعودية العام الماضي تجمعا لمستثمرين دوليين في الرياض، على غرار منتدى دافوس، حيث يريد بن سلمان تحويل عاصمة المملكة إلى مركز مالي إقليمي.

ولكن في غضون أيام، تبدد الابتهاج بذلك الحدث بفعل الحملة على الفساد التي اتسمت بالصرامة والسرية، وشملت احتجاز رجال أعمال بارزين من بينهم الأمير الوليد بن طلال، الذي يمثل واجهة مجتمع الأعمال السعودي أمام العالم الخارجي.

وكنتيجة لذلك، يواجه مديرو الصناديق معضلة بشأن السعودية، حيث يجرون تقييما لتطورات جذابة مثل الخصخصة وتصنيف المملكة كسوق ناشئة من جانب (إم.إس.سي.آي) لمؤشرات الأسواق اعتبارا من منتصف 2019، مقابل عوامل أخرى تنطوي على مخاطر في المملكة.

وفي 2017، صدرت السعودية منتجات وخدمات بملياري دولار إلى كندا، وهو أقل من واحد في المئة من إجمالي صادرات المملكة إلى العالم التي بلغت 220.07 مليار دولار، في حين كانت صادرات كندا إلى السعودية أقل من تلك النسبة.

ولم يتضح حتى الآن مدى تأثير النزاع على مثل ذلك النشاط، رغم أن تجميد برامج التبادل التعليمي مع كندا ربما يؤثر على آلاف الطلاب السعوديين، ويكلف الجامعات الكندية فقدان رسوم دراسية بملايين الدولارات.

لكن حتى الآن، لا يزال الغموض يخيم على الأجواء، وقال عمر علام، وهو دبلوماسي كندي سابق ورئيس مجموعة علام الاستشارية العالمية “على صعيد كل الأنشطة، نحن ندخل منطقة خطيرة لا أحد في الواقع يريدها”.

المصدر : رويترز