رغم الاحتياطي التاريخي.. لماذا يستمر الجنيه المصري في الانخفاض أمام الدولار؟

من المتوقع تراجع الجنيه حتى يصل لمستوى 18 جنيها بنهاية العام في السوق الرسمية

رغم الارتفاع التاريخي للاحتياطي النقدي المصري، ورفع تصنيف مصر الائتماني، إلا أن الجنيه المصري شهد انخفاضا أمام الدولار.

فعلى عكس التوقعات، واصل الدولار ارتفاعاته أمام الجنيه مسجلاً أعلى مستوى له أمام العملة المحلية في شهور، وسجل متوسط سعر الدولار خلال تعاملات اليوم 17.73 جنيه للشراء، و17.83 جنيه للبيع في البنوك، وبذلك يكون الجنيه قد خسر نحو 10 قروش أمام الدولار.

كان البنك المركزي المصري قد قال مطلع الشهر الجاري، إن حجم أرصدة الاحتياطي من النقد الأجنبي، ارتفع إلى نحو 44.03 مليار دولار في نهاية أبريل/نيسان 2018، وهو أعلى مستوى في تاريخ الاحتياطي مقارنة بنحو 42.6 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2018 بزيادة نحو 1.4 مليار دولار، ويغطي الاحتياطي الحالي من النقد الأجنبي نحو 7.6 شهر من الواردات السلعية لمصر.

كما رفعت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” تصنيف مصر الائتماني بالعملات المحلية والأجنبية من B سالب إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وأرجعت الوكالة رفع تصنيف مصر الائتماني إلى استمرار ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، إلى جانب تنفيذ الإصلاحات التي يدعمها برنامج صندوق النقد الدولي.

وأشارت إلى أن التصنيف الائتماني يظل مقيدا بسبب العجز المالي، وارتفاع الدين العام، وانخفاض مستويات الدخل.

وقالت إن تكاليف الاقتراض وفاتورة دعم الوقود ارتفعت خلال العام الماضي بسبب انخفاض قيمة الجنيه، والتي كانت أكبر من المتوقع فضلاً عن ارتفاع أسعار الفائدة؛ ما أدى إلى ارتفاع الدين الحكومي إلى ما يزيد عن 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وذكرت الوكالة أنه يمكن أن ينشأ ضغط سلبي على تصنيف مصر الائتماني، إذا انحرفت خطة تخفيض الدين الحكومي تدريجيا إلى الناتج المحلي الإجمالي عن مسارها بسبب اختلالات مالية، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وانخفاض ملحوظ في قيمة العملة عما كان متوقعًا، وتراجع مستويات احتياطي النقد الأجنبي بشكل ملحوظ، مشيرة إلى أن سوء الأوضاع الأمنية قد يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني؛ ما يعيق التعافي في الاستثمار والسياحة.

يُضاف إلى ما سبق بدء عودة السياحة الروسية لمصر، والتي كانت توقفت عقب سقوط الطائرة الروسية فى منطقة الحسنة بشمال سيناء، في نهاية أكتوبر/ تشرين أول من عام 2015، إذ تعتبر السياحة من أهم مصادر العملة الصعبة للبلاد، والتي تضررت بشدة بعد الحادث.

كذلك دخول حقل “ظهر” للغاز الطبيعي مرحلة الإنتاج، وبحسب تصريحات حكومية فإن الوفورات الناتجة عن إنتاج مصر للغاز الطبيعي ودخول مرحلة الاكتفاء الذاتي ستوفر نحو 40 مليار جنيه (2.2 مليار دولار) في الموازنة المقبلة، بخلاف وقف استنزاف احتياطي النقد الأجنبي لمواجهة الاحتياجات الاستيرادية.

هذه المؤشرات الإيجابية، كان من المفترض أن تنعكس إيجابا على سعر الجنيه المصري مقابل الدولار، لكن على العكس من ذلك انخفض سعر الجنيه.

كان عدد من بنوك الاستثمار قد توقع أن يتراوح سعر الدولار أمام الجنيه بين 16 و18.6 جنيها خلال العام الحالي، بينما رأى بنك استثمار فاروس في تقرير له، أن متوسط سعر الدولار سيرتفع خلال العام المالي المقبل إلى 18.6 جنيها مقارنة بمتوسط 17.5 جنيها خلال 2017-2018، على أن يواصل الارتفاع في 2019-2020 ليسجل 19.8 جنيها.

وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني توقعت أن يرتفع متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، في نهاية العام المالي 2019- 2020 إلى 21.5 جنيها، كما توقعت الوكالة أن يبلغ متوسط سعر الدولار أمام الجنيه بنهاية العام المالي الحالي 19.5 جنيها

يرى برلماني مصري سابق في تصريح للجزيرة مباشر أن انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار رغم ارتفاع الاحتياطي أمر طبيعي خاصة أن هذه الزيادة مصدرها ديون وقروض مستحقة للغير، وليست من موارد عادية كالصادرات، والسياحة، وقناة السويس، والاستثمار الأجنبي المباشر، إذ يتألف الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر بغالبيته من قروض يجب سدادها، كما اقترنت زيادة الاحتياطي بزيادة غير مسبوقة في حجم الدين الخارجي الذي أصبح يمثل أكثر من ضعف الاحتياطي.

المصدر : الجزيرة مباشر