تصاعد موجة “الكراهية” ضد الإسلام في الغرب

مظاهرة معادية للإسلام في أستراليا
(أرشيفية)

أصبح الهجوم على الإسلام مادة خصبة لدى النخبة السياسية في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وشارك في هذا الهجوم رئيس الوزراء الأسترالي السابق توني أبوت، والمترشحان الأمريكيان الجمهوريان لانتخابات الرئاسة الأمريكية بن كارسون ودونالد ترامب.

من أقصى المشرق تأتي تصريحات رئيس الوزراء الأسترالي السابق توني أبوت لدعوة الغرب إلى “إعلان تفوقه على الثقافة الإسلامية” لأن “الثقافات “غير متساوية”، وقال في مقال نشرته صحيفة ديلي تلغراف إنه على الغرب أن يكون “مستعدا لإعلان التفوق الواضح لثقافتنا على ثقافة تبرر قتل الناس باسم الله”.

وكتب رئيس الوزراء السابق الذي كان يوصف ب”الناسك المجنون”  “لا يمكننا الاستمرار في إنكار المشكلة الكبرى في الإسلام”. وأضاف أن “الإسلام لم يعرف يوما حالة من الإصلاح  ليقبل بعد ذلك بالتعددية والفصل بين الكنيسة والدولة”. وطالب أبوت الأستراليين بمزيد من الجهود لدفع الثقافة الغربية قدما “والكف عن الاعتذار من أجل القيم التي تجعل بلدنا حرا وعادلا ومزدهرا”.

وقد سبق رئيس الوزراء الايطالي السابق سليفيو بيرلسكوني، المتهم بقضايا فساد وممارسة الجنس مع قاصر، وإقامة حفل ماجن في قصره بجزيرة سردينيا قوله إن “الحضارة الإسلامية دونية وإن الحضارة الغربية تتفوق عليها”، وكذلك تصريحات رئيس وزراء المجر الذي حذر من “أن اللاجئين المسلمين يهددون الهوية المسيحية لأوروبا”

على الساحة الأمريكية يتخذ الهجوم على الإسلام منحى تصاعديا، خاصة في الحملات الانتخابية، ويتم الترويج أن العقيدة الإسلامية تتعارض مع المبادئ الأمريكية، وذهب المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية رجل الأعمال الملياردير دونالد ترامب إلى القول “إن الإسلام في أمريكا مشكلة يجب التخلص منها”، في تصريحات أدلى بها خلال مناظرة أجراها. ورفض ان ينأى بنفسه عن رأي أحد مؤيديه اتهم الرئيس باراك أوباما بأنه مسلم “وليس حتى أمريكيا” قائلا: “لدينا مشكلة في هذه البلاد وتسمى بالإسلام، ونعلم أن رئيسنا الحالي (باراك اوباما) واحد منهم وأنت تعلم أنه ليس بأمريكي حتى، ولدينا مخيمات تدريب عسكرية تنمو حيث يريدون قتلنا، وسؤالي متى سنتخلص منهم؟”. ورغم تعرض ترامب لضغوط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لكي يعتذر عن هذه الملاحظات، الا انه رفض ذلك قائلا إنه “ليس من مهمته” الدفاع عن أوباما.

كما أعلن ترامب في بيان أنه يريد غلق الحدود الأمريكية أمام المسلمين”.

وزعم زميله المترشح الجمهوري وطبيب الاعصاب المتقاعد بن كارسون  “إن أي مسلم لا يصلح أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، فعقيدة الرئيس ينبغي أن تكون منسجمة مع الدستور الأمريكي، والإسلام لا يتوافق مع الدستور الأمريكي”. مع ان الدستور الأمريكي علماني.

وشبّه “بن كارسون” اللاجئين المسلمين الهاربين من سوريا ب”الكلاب المسعورة ” وقال كارسون “علينا التمييز بين الأمن والإنسانية”، وأضاف “إذا كان هناك كلب مسعور في الحي فعلى الأرجح لن ترى فيه خيرا كما أنك ستبعد أولادك عن طريقه، لكن ذلك لا يعني أنك تكره الكلاب”. ودعا كارسون إلى “اعتماد آليات تدقيق لتمييز الكلاب المسعورة”.

ويأتي تعليق كارسون في اليوم نفسه الذي صوت فيه مجلس النواب الأمريكي على قرار بتعليق استقبال لاجئين سوريين وعراقيين في الولايات المتحدة إلى أن يتم تطبيق آليات تدقيق أكثر صرامة. وأقر النص بتأييد الغالبية الجمهورية مدعومة بعدد من الديمقراطيين وحصل على 289 صوتا مقابل 137 على ان يطرح على مجلس الشيوخ.

وتتوافق وجهات نظر كارسون مع وجهة نظر مستشاره الجنرال روبرت ديز، وهو لواء متقاعد تخرج من الأكاديمية العسكرية الأمريكية في 1972، يعرف بتعصبه ضد الإسلام. وتتماشى مع اعتقادات ديز التي أوردها في كتابه «الأمم المرنة»، إلا أن الأخير يعد أكثر تطرفاً في عدد من القضايا، أبرزها نظرته إلى الدين الإسلامي.

وكان ديز قال في مقابلة العام الماضي إن “محاولة إرضاء الدين الإسلامي عبر وصفه بأنه دين محب للسلام، أمر غير حكيم”، وأوضح أنه «عندما يتعلق الأمر بالإرهاب، فإن كل المسلمين الذين يشكلون 23.4 في المئة من سكان العالم، مشكوك في أمرهم».

ويتشارك ديز وكارسون في عمق القناعات الدينية لديهما، فديز من الداعين إلى وضع استراتيجية للأمن الوطني ترتكز على التبشير المسيحي. أما جراح الأعصاب الشهير، فهو من أفراد الكنيسة السبتية، إحدى الكنائس الإنجيلية القائمة على انتظار المجيء الثاني للسيد المسيح، ما يثير الريبة في أوساط الكثيرين ممن يخشون أن تؤثر هذه القناعات على مسلكه السياسي إذا أصبح رئيساً.

أما في ألمانيا فطالب سيغمار غابرييل نائب المستشارة الألمانية السعودية بالتوقف عن تمويل المساجد في الخارج. وصرح غابرييل، وهو أيضا وزير الاقتصاد الألماني: “أن المساجد في جميع أنحاء العالم ممولة من السعودية”، وأضاف لصحيفة بيلد أم سونتاغ الألمانية “في ألمانيا العديد من الإسلاميين الذين يعتبرون أشخاصا خطيرين خرجوا من هذه المجتمعات”.

وقال رئيس المجموعة البرلمانية في الحزب الديموقراطي الاجتماعي الألماني توماس اوبرمان “سنمنع الدعم الذي تقدمه السعودية في بناء أو تمويل المساجد في ألمانيا حيث يتم نشر الأفكار (الوهابية)”.

وعلى الرغم من ردود الفعل الغربية المعارضة لهذه التصريحات الا أن ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين تتنامي وتتخذ ظاهرة “الإسلاموفوبيا” شكلا مرضيا، لا تنفع معها “تصريحات المجاملة”، على الرغم من اهمية هذه الاصوات مثل تصريحات المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست الذي وصف اتهامات ترامب المعادية للإسلام  بأنها “منحطة أخلاقيا وسيكون لها عواقب على أمننا الوطني”، وقال إن “السؤال الحقيقي للحزب الجمهوري هو ما اذا كان سيسمح لنفسه بالانجرار إلى مزبلة التاريخ مع دونالد ترامب” غير المؤهل لشغل منصب الرئيس

أما في بريطانيا فقد وقع أكثر من 35 ألف بريطاني التماسا على الإنترنت لمنع ترامب من دخول بريطانيا، وجاء في نص الالتماس: “حظرت المملكة المتحدة دخول العديد من الأفراد لتبنيهم خطابا يحض على الكراهية.. وإن هذا المعيار لن يطبق بنزاهة على الغني والفقير وأيضا على الضعيف والقوي.” وعلى الرغم من هذه المواقف الإيجابية القليلة الا أن ردود الفعل العربية والاسلامية على التصريحات المعادية للإسلام والمسلمين خجولة ومتواضعة، يجري تجاهلها والتعتيم الإعلامي معها.