“تحيا مصر” من الإغاثة إلى البيزنس

لا يزال مصريون يعتبرون أن هدف صندوق “تحيا مصر” الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل نحو ثلاث سنوات هو مواجهة الفقر والبطالة وتردي الخدمات الصحية.

ورغم أن هذا الغرض لم يتضح حتى الآن، فقد صرح وزير الإنتاج الحربي بأن الصندوق سيكون من ضمن المساهمين في مشروع إنشاء مصنع لأدوية ليدخل بذلك عالم الاستثمار و”البيزنس”.

كانت البداية مع تصريح في 24 يونيو/حزيران 2014 أعلن خلاله السيسي “تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه مصري أي ما يعادل نحو 2333 دولارا، وأيضا عن نصف ما يمتلكه من ثروة – لم يعلن عن قيمتها – لصالح مصر، مطالبا المصريين ببذل الجهد والتكاتف خلال هذه المرحلة”.

وفي 1 يوليو/تموز 2014 أعلنت رئاسة الجمهورية عن تدشين صندوق “تحيا مصر” وأصدرت الرئاسة بيانا قالت فيه: “إن ذلك يأتي تقديرا للحظات الدقيقة التي يمر بها الوطن وما يصاحبها من ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة”.

وتم إنشاء حساب بالبنك المركزي لتلقي مساهمات المصريين في الداخل والخارج بجميع البنوك المصرية لحساب الصندوق على أن يكون الصندوق تحت الإشراف المباشر من رئيس الجمهورية.

وفي 8 يوليو/تموز 2015 نشرت الجريدة الرسمية قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 84 لسنة 2015 بإنشاء صندوق تحيا مصر كصندوق خاص يتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويتبع رئيس مجلس الوزراء. وفي الرابع عشر من نفس الشهر نشرت الصحف ما  يفيد تواصل مساهمات رجال الأعمال والشركات والهيئات بصندوق “تحيا مصر”، حتى وصل حجم التبرعات إلى أكثر من 5 مليارات جنيه.

عقب ذلك امتلأت وسائل الإعلام  بأخبار تبرعات الأفراد والجهات والمؤسسات لصندوق تحيا مصر، وفي حواره مع صحيفة الأهرام المنشور يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2015 قال السيسي إنه كان يهدف أن تصل حصيلة صندوق “تحيا مصر” إلى 100 مليار جنيه، لكنها لم تتعد 5 إلى 6 مليارات جنيه.

غموض

ورغم مرور ثلاثة أعوام على الإعلان عن الصندوق تتباين تصريحات المسئولين عن أهدافه ومشروعاته، فقد ذكر محمود عبداللطيف، المدير التنفيذي للصندوق، سابقا أن الصندوق سيساهم في حل مشاكل أطفال الشوارع وتوفير البيئة المناسبة لتطويرهم وتوعيتهم، ومحاولة مساعدة السكان في إعادة الخدمات. وفي وقت لاحق قال  عبداللطيف إن أحد الأهداف الرئيسية للصندوق تقوم على تشكيل حكومة صغيرة تضم بداخلها جميع التخصصات الأساسية والمجالات المختلفة لدعم مشروعات التطوير القائمة بالدولة والمساهمة بها، وفي تصريح آخر قال عبداللطيف إنه سيتم تحويل الصندوق إلى صندوق سيادي، لا يعتمد فقط على الهبات والتبرعات، وفي تصريح أخير قال إن الصندوق يعد “النواة الأولى” لتدشين بنك للفقراء في مصر.

في المقابل قال شريف سامي، رئيس هيئة الرقابة المالية، إن صندوق تحيا مصر من الأفضل أن يكون صندوقا استثماريا أو جزء منه من أجل تسهيل إعادة استثمار أرباحه، مشيرا إلى أن غياب الشفافية سيقلل من الإقبال على التبرع للصندوق.

ومع ازدياد الغموض حول حجم أموال الصندوق ومصير هذه الأموال، بدأ الحديث على استحياء من خلال بعض المطالبات بالإعلان عن تفاصيل تبرعات الصندوق وما هي الجهات التي ستنفق عليها هذه الأموال. وعلى إثر ذلك نشرت الصحف المصرية في 13 مارس/آذار 2016 تصريحات لمحمود عبداللطيف، الرئيس التنفيذي لصندوق تحيا مصر في حينها، أكد فيها أنه سيتم الإعلان عن حجم الأموال التي جمعها الصندوق منذ إنشائه سواء من التبرعات الداخلية “المؤسسات، والهيئات، والوزارات، ورجال الأعمال”، وكذا الجهات الخارجية. إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.

ورغم أن الهدف الأساسي لإنشاء الصندوق وتمويله من خلال التبرعات حسب ما هو منشور على صفحة الصندوق على الإنترنت هو “تبني وحماية الحلول الجذرية الذكية المرنة لإستدامة الحياة الكريمة للمصريين من خلال تجميع وإطلاق طاقة مصر الشبابية مدعومة بفكر علمائها وخبرائها”.

بيزنس

لكن جريدة البورصة نقلت الأربعاء عن اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي، قوله إن صندوق “تحيا مصر” سيكون من ضمن المساهمين في مشروع إنشاء مصنع لأدوية الأورام، وإن شركة “we can” المؤسسة حديثاً، ستعقد اجتماعاً لمجلس إدراتها، الذى يضم ممثلين عن وزارتى الصحة والإنتاج الحربى وصندوق تحيا مصر، وشركة فاركو للأدوية، للاتفاق على حصة مساهمة كل جهة فى مشروع تصنيع أدوية الأورام محلياً. وأضاف أن حصص وزارة الصحة، وصندوق تحيا مصر ووزارة الانتاج الحربى ستتجاوز 50% من المشروع، وأن الحصص الأولية لكل جهة تم الاتفاق عليها ولكن نسبة صندوق تحيا مصر سترتفع، لذا سيتم الاجتماع لمناقشة النسب الجديدة.

فهل تحول الصندوق من الإغاثة إلى البيزنس بأموال المتبرعين؟

المصدر : الجزيرة مباشر