تجدد الدعوات لحل سياسي بليبيا

دعت عدة دول إلى ضرورة إجراء حوار وبحث عن حل سياسي للأزمة الليبية، وفي مقدمتها فرنسا التي كانت تعتبر أكثر المتشددين بشأن تنحية العقيد الليبي معمر القذافي وأول المعترفين بمجلس الثوار الليبيين وأحد أهم قادة الحرب، فيما بدا تعبيرا عن نفاد الصبر جراء تطاول الحرب.

فقد قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن فرنسا ستعمل مع الاتحاد الأفريقي من أجل إيجاد “حل سياسي” للمشكل الليبي.

وأضاف أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا “لقد تبادلنا وجهات النظر بشأن ليبيا، وسررنا بأن بيان القمة الأفريقية الأخيرة كان أقرب من بياناتها السابقة من وجهة نظر فرنسا والتحالف”.

وأوضح قائلا “لقد اتفقنا أنه من الضروري أن نبدأ البحث عن مخرج سياسي لمشكلة ليبيا، يتضمن وقفا حقيقيا لإطلاق النار وحوارا وطنيا بين كل الأطراف”. ولكنه أضاف أن “مفتاح ذلك كله هو تخلي القذافي عن السلطة وعن مسؤولياته العسكرية والمدنية”.

وفي الأثناء، قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه إن الوقت قد حان كي يتفاوض المعارضون الليبيون مع حكومة العقيد الليبي، مشيرا إلى تزايد نفاد الصبر إزاء التقدم في الصراع.

وقال لونغيه لمحطة “بيافام” التلفزيونية الفرنسية “طلبنا أن يتحدث كل منهما مع الآخر”، مضيفا “موقف المجلس الوطني الانتقالي المعارض بعيد جدا عن المواقف الأخرى. الآن هناك حاجة للجلوس حول الطاولة”.

وسئل هل من الممكن إجراء محادثات إذا لم يتنح القذافي؟ فقال “سيكون في غرفة أخرى في قصره وله لقب مختلف”.

وفي نفس السياق انتقد الجنرال الفرنسي فنسان ديبورت الطريقة التي تعامل بها الحلف مع المشكلة الليبية، وقال إن الوقت قد حان لإيجاد تسوية مع السلطات الليبية.

وقال ديبورت -الذي عاقبه وزير الدفاع لانتقاده العلني للطريقة التي أديرت بها الحرب في أفغانستان- “ذهبنا إلى ليبيا مثلما ذهب الأميركيون إلى العراق في 2003 … ونحن نعتبر أن قدرتنا ستكفي بسهولة لتحقيق نتائج سياسية”.

وفي هذا السياق، قالت وزيرة الميزانية بالحكومة الفرنسية فاليرى بيكريس السبت إن العمليات العسكرية الفرنسية في ليبيا تكلف 160 مليون يورو (228.9 مليون دولار).

وتأتي الأحاديث الفرنسية عن الحوار قبيل تصويت يزمع البرلمان الفرنسي إجراءه الثلاثاء القادم بشأن ما إن كان سيمدد العمليات، وإن كان من المرجح أن تؤيده المعارضة الاشتراكية التي ستناقش تفاصيل إستراتيجية الحكومة في ليبيا.

وفي تناغم مع جوبيه وبعد ساعات من حديثه، أكد سيف الإسلام -نجل معمر القذافي- استعداد نظام طرابلس لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات بإشراف دولي ووضع دستور جديد للدولة في إطار خريطة الطريق الأفريقية التي تستهدف حل الأزمة الليبية.

وقال سيف الإسلام في حديث نشر اليوم الاثنين في صحيفة الخبر الجزائرية إن إدارة والده تجري مفاوضات مع فرنسا لا مع المعارضة في بنغازي التي وصف أعضاءها بـ”الخوارج والمتمردين الذين خرجوا عن ولي الأمر والملة”.

وأردف قائلا إن مبعوث القذافي إلى فرنسا قال إن ساركوزي كان واضحا جدا وأبلغه أنهم هم الذين أنشؤوا المجلس الوطني الانتقالي الليبي وأنه بدون دعمهم وأموالهم وأسلحتهم لم يكن هذا المجلس سيوجد أصلا.

ونقلت الصحيفة عن سيف الإسلام قوله إن فرنسا قالت إنه عند التوصل إلى اتفاق مع طرابلس ستجبر المجلس الوطني الانتقالي الليبي على وقف إطلاق النار.

واعتبر أن الفرنسيين “لا يقومون بهذه الحرب من أجل الخير أو بدون مقابل”، مشيرا إلى أنهم يتكلمون عن عقود طائرات “رافال” وعقود أخرى مع شركة توتال النفطية ويتحدثون عن تحويل ليبيا إلى مستعمرة فرنسية.

وعلى طريق البحث عن حل سياسي، قال وزيرا الخارجية الجزائري مراد مدلسي ونظيره التونسي محمد مولدي الكافي خلال مؤتمر صحفي عقداه أمس السبت في العاصمة الجزائرية إن بلديهما يأملان حل الأزمة الليبية بطريقة سلمية تتيح لليبيين استعادة دولتهم ومؤسساتهم.

وأكد الوزيران استعداد الجزائر وتونس، لكونهما الدولتين المعنيتين بأي مخاطر محتملة للصراع في ليبيا، للعب دور كبير في هذا المسعى وبشكل فاعل يسهم في حل الأزمة بين الأشقاء الليبيين.

ولكن المجلس الوطني الانتقالي حذر الجارة الجزائر، وطالبها بوقف دعمها لمعمر القذافي.

وقال عبد الحفيظ غوقة -نائب رئيس المجلس- إن “ردنا الوحيد على الجزائر هو أوقفوا دعمكم للقذافي ودعمكم لإرهابه وقتله لأحبائنا من المدنيين الأبرياء”. وأضاف “الجزائر توفر الدعم الجوي للقذافي، ونرجو أن تراجع الجزائر دروسها وتوقف هذه الأعمال”.

ورغم استنكار المجلس دعوة الجزائر وتونس، فقد أكد الناشط والمعارض الليبي الشيخ علي الصلابي أنه حاور ممثلين عن نظام معمر القذافي برعاية مصر, وأن الحوار جرى بعلم الثوار, وتركز على رحيل العقيد عن السلطة حقنا لدماء الليبيين.

وقال الصلابي للجزيرة نت إن مسؤول الاستخبارات الخارجية في النظام أبو زيد عمر دوردة كان من بين ممثلي النظام الذين شاركوا في الحوار الذي لم ينقطع، وفق تأكيده.

وأضاف أن النقطة الرئيسة في الحوار هي أن أي مبادرة للتسوية لا قيمة لها ما لم يخرج العقيد القذافي ويعلن على الملأ للشعب تنحيه عن السلطة. وتابع أن كل الليبيين بمن فيهم أنصار القذافي متفقون على أن عهده السياسي قد انتهى.

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الوضع في ليبيا يتجه نحو نهاية حاسمة، “لا نعرف متى سيتم ذلك، عندما يدرك العقيد معمر القذافي أن رحيله أمر ضروري لمستقبل ليبيا وشعبها”.

وأضاف هيغ أثناء زيارة أديس أبابا يوم الجمعة، “أعتقد أن الضغط على النظام يزيد طوال الوقت. كثفنا الحملة العسكرية وسيتم تكثيفها أكثر من ذلك. يزيد الضغط الاقتصادي أيضا وكذلك الضغط الدبلوماسي”.

وفي الأثناء تزور وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تركيا للمشاركة في اجتماع مجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا، الذي يعقد في إسطنبول يوم الخميس المقبل.

وتهدف زيارة كلينتون إلى تنسيق وجهات النظر بشأن الخطوة القادمة بليبيا من أجل تنفيذ قراري مجلس الأمن 1970 و1973 وتسهيل بدء حوار وطني ليبي شامل يؤدي إلى المصالحة وإعادة إعمار ليبيا.