الموازنة المصرية المعتمدة وهم أم حقيقة؟

البرلمان المصري
البرلمان المصري- أرشيف

دأبت الحكومات المصرية المتعاقبة على تقديم موازنات غير واقعية للبرلمان لتحقيق أهداف سياسية

وذلك بحسب نواب سابقين في البرلمان، وتتبين أهم مظاهر عدم الواقعية في المبالغة في قيمة الإيرادات المتوقعة، بهدف تقليل نسبة عجز الموازنة إلى الناتج الإجمالي، على الرغم من عدم وجود أي مؤشرات أو إجراءات واقعية تؤدي إلى تحسن مستوى الإيرادات.

مبالغة

فقد ورد في التقرير المالي الشهري، الصادر الثلاثاء الماضي عن وزارة المالية عن شهر يناير/ كانون ثاني الماضي، أن جملة الإيرادات المتوقعة للعام المالي الحالي 2016-2017 مبلغ 669.8 مليار جنيه، مقارنة مع إيرادات فعلية قدرها 433 مليار جنيه للعام المالي الماضي 2015-2016، بزيادة قدرها 236 مليار جنيه، وبنسبة زيادة قدرها 55% عن المحقق، بينما ذكر التقرير أن الإيرادات الفعلية بلغت خلال النصف الأول من العام المالي الحالي في الفترة من يوليو/ تموز حتى ديسمبر/ كانون أول مبلغ 220 مليار جنيه بنسبة تحقق 66% من المستهدف.

كما تم تقدير الإيرادات الضريبية المتوقع تحصيلها خلال العام المالي الحالي بمبلغ 433 مليار جنيه، مقارنة مع إيرادات ضريبية محققة قدرها 352 مليار جنيه خلال العام السابق، بزيادة قدره 81 مليار جنيه، وبنسبة زيادة قدرها 23% عن المتحقق، بينما بلغت الإيرادات الضريبية الفعلية خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مبلغ 155 مليار جنيه بنسبة تحقق 71% من المستهدف.

كما تم تقدير الإيرادات الأخرى المتوقع تحصيلها خلال العام المالي الحالي بمبلغ 234 مليار جنيه، مقارنة مع إيرادات أخرى محققة قدرها 135 مليار جنيه خلال العام السابق، بزيادة قدرها 99 مليار جنيه وبنسبة زيادة قدرها 73% عن المتحقق، بينما بلغت الإيرادات الأخرى الفعلية خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مبلغ 65 مليار جنيه، بنسبة تحقق 56% من المستهدف.

لغز

ولعل هذه المبالغات الحكومية في تقدير الإيرادات المتوقعة، هي ما يفسر لغز زيادة قيمة عجز الموازنة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، حيث بلغت قيمة العجز 175 مليار جنيه، رغم انخفاض المصروفات بنسب كبيرة عن المستهدف في الموازنة، بينما كان مشروع الموازنة العامة قد قدر قيمة العجز الكلي للعام المالي الحالي بـ 319.5 مليار جنيه (20.3 مليار دولار) بما يعادل 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي.

وعلى سبيل المثال فقد بلغ الإنفاق على الباب الثاني (شراء السلع والخدمات) مبلغ 16 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، بينما بلغ المقدر له في مشروع الموازنة المعتمدة من البرلمان خلال العام 40 مليار جنيه، أي أن نسبة تحقيق المستهدف بلغت 40%.

وبلغ الإنفاق على الباب الرابع (الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية) مبلغ 74.5 مليار جنيه والمقدر له في الموازنة 210 مليار جنيه ، أي أن نسبة تحقيق المستهدف بلغت 35% فقط، بينما بلغ ما تم إنفاقه على الباب السادس (الاستثمارات العامة) والتي تمثل المشروعات في مجالات الإسكان، والتعليم، والصحة، والنقل والمواصلات، والطرق، مبلغ 27.1 مليار جنيه، والمقدر لها في الموازنة 107مليار جنيه، أي أن نسبة تحقيق المستهدف بلغت 25% فقط.

ولعل من الأهداف السياسية الأخرى التي تجعل الحكومة تبالغ في الإيرادات وبعض بنود المصروفات، هو تلبية اشتراطات دستورية بتوفير اعتمادات مالية بنسب محددة من الناتج المحلي الإجمالي  للإنفاق على خدمات الصحة أو التعليم، رغم تأكد الحكومة من عدم قدرتها على تحقيق هذه المستهدفات على أرض الواقع.

ويؤدي هذا التباين الشديد بين الأرقام الواقعية المحققة، والأرقام الوهمية التي تدرجها الحكومة في مشروع الموازنة المقدم للبرلمان، إلى فقدان الثقة في المالية العامة المصرية، وتأكيد عدم قدرة الحكومة على الوفاء بتعهداتها وعدم قدرتها على تحقيق برنامج الحكومة الذي نالت ثقة البرلمان على أساسه.

فهل تتعمد الحكومة خداع البرلمان والجماهير من خلال الأرقام المبالغ فيها في الموازنة؟، يجيب نائب سابق في لجنة الخطة والموازنة بقوله للجزيرة مباشر: إن التفاوت الكبير بين المتوقع في مشروعات الموازنة، والمتحقق الفعلي خاصة فيما بعد الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب، يجيب: نعم .

المصدر : الجزيرة مباشر