الفقراء الحلقة الأضعف في الموازنة التونسية الجديدة

وزير المالية التونسي رضا شلغوم
وزير المالية التونسي رضا شلغوم

كغيرها من الدول التي اضطرت للاقتراض من صندوق النقد الدولي، تتعرض تونس لضغوط الصندوق من أجل معالجة مشكلة الدين العام وعجز الموازنة.

وتسعى تونس إلى الحصول على الشريحة الثالثة من قرض للصندوق بقيمة 2.8 مليار دولار (حوالي 7.2 مليار دينار) على 6 شرائح خلال 4 سنوات.

ولهذا فقد أعلنت الحكومة التونسية عن حزمة من الإجراءات التقشفية تضمنها قانون المالية (الموازنة) لعام 2018، بينما أعلنت أحزاب معارضة في البرلمان التونسي حالة الاستنفار ضد الإجراءات الاجتماعية التي وردت في مشروع الموازنة.

وتعكس المؤشرات الاقتصادية التونسية أزمة يعيشها الاقتصاد التونسي، فمعدلات التضخم للعام الحالي وصلت إلى 5.7% خلافاً للتوقعات الحكومية بألّا تتجاوز 3.7%، كما بلغت معدلات البطالة 15% خلال الثلث الأول من هذا العام، وبنسبة كبيرة بين الأشخاص الحاصلين على الشهادات العليا.

في المقابل ارتفع عجز الميزان التجاري خلال الأشهر الأولى من العام الجاري ليتجاوز مبلغ 4 مليارات دولار، وفقد الدينار 49% من قيمته أمام الدولار، منذ الحصول على أول قرض من صندوق النقد الدولي في عام 2013.

واعتبر يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، أنه لا خيار أمام حكومته في حال استمرار تراجع أداء الاقتصاد سوى تقليص النفقات، وتسريح بعض الموظفين، وفرض ضرائب جديدة.

وأكد رضا شلغوم، وزير المالية التونسي، خلال تقديمه مشروع القانون أمام لجنة المالية في البرلمان التونسي، على الأولويات التي ستحظى باهتمام الحكومة التونسية خلال السنة المقبلة، ومن بينها دفع الاستثمار، والتشجيع على الادخار، ومزيد من التحكم في عجز الميزانية، وترشيد نفقات الأجور، ومنظومة دعم المواد الاستهلاكية، وإصلاح الصناديق الاجتماعية، وتوفير أكبر نصيب من الموارد الذاتية، والتصدي للتهرب الضريبي ومكافحة التهريب، وترشيد الإنفاق.

ووفق ما قدمته وزارة المالية من بيانات، فإن حجم ميزانية العام المقبل لن يقل عن 35 مليار و851 مليون دينار تونسي، بزيادة بنسبة 4.3% مقارنة بميزانية العام الحالي.

وتطمح الحكومة التونسية من خلال هذه الميزانية إلى كبح مستوى عجز الميزانية في حدود 4.9%، وستعمل من خلال مشروع الموازنة الجديدة على تعبئة موارد ذاتية بقيمة 26 مليار و415 مليون دينار، تنقسم إلى 23 مليار و484 مليون دينار من الإيرادات الضريبية، و2.931 مليار دينار من الإيرادات غير الضريبية.

أما حاجيات التمويل فستكون في حدود 12.9 مليار دينار تونسي، موزعة على 7.4 مليار دينار على شكل تمويلات خارجية، ونحو 5.5 مليار دينار ستعمل الحكومة على توفيرها من السوق الداخلية.

وعلى الرغم من طمأنة رئيس الحكومة للتونسيين بالإبقاء على عدد من الضرائب في مستوى السنة الماضية، أكد حسين الديماسي وزير المالية التونسية الأسبق أن ميزانية الدولة للسنة المقبلة ستشمل إجراءات “موجعة” خصوصا في المجال الضريبي، وقال في تصريحات صحفية إن الحكومة مجبرة على تضمين مثل هذه الإجراءات في مشروع القانون لتجاوز عدة عقبات اقتصادية واجتماعية منتظرة.

 وتنظر نقابات العمال وعدد من أحزاب المعارضة التونسية بـ”ريبة” إلى مشروع قانون المالية الجديد، وتطالب بعدم تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي على حساب المقدرة الشرائية للتونسيين.

وفي هذا الشأن، قال رئيس نقابة العمال التونسية إن “تقاسم أعباء الاقتصادية وتبعات الإصلاحات التي تنوي الحكومة تطبيقها لا يكون على حساب الأُجراء وموظفي القطاع العام”، في إشارة إلى وجود خطط حكومية للضغط على الأجور وتسريح الآلاف من الموظفين بصفة تدريجية، ليكون الفقراء هم الحلقة الأضعف في الموازنة التونسية الجديدة.

وتوقع صندوق النقد في تقريره حول آفاق النمو في العالم، نموّا لتونس بنسبة 2.3% بالنسبة للسنة الحالية، و3% بالنسبة للسنة المقبلة، وهي النسبة نفسها التي تضمّنها الميزان الاقتصادي التونسي المتعلق بسنة 2018.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات