التوظيف السياسي للتصنيفات الائتمانية: مصر وقطر نموذجا

يعكس التقييم الائتماني السيادي للدول، مدى الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقدرة الدولة على تحقيق موارد كافية من النقد الأجنبي.

وكذلك قدرة الدولة ومؤسساتها الحكومية والخاصة على الاقتراض والحصول على رؤوس الأموال من الأسواق الدولية، وقدرتها على إجراء التعاملات التجارية والمالية الدولية، والوفاء بالتزاماتها المالية في مواعيد استحقاقها.

وأهم وكالات التصنيف العالمية: ستاندر أند بور، ووكالة موديز، ومجموعة فيتش، وتحمل هذه الوكالات أهمية كبيرة في اتخاذ القرار الاستثماري في دولة ما، بشرط أن يعتمد على شفافية ومصداقية هذه الوكالات، دون ضغوطات أو إملاءات سياسية قد تؤثر عليها وفي قراراتها التي تصدر عنها.

لكن خبراء ومتخصصين يعتبرون كثيرا من تصنيفات هذه الوكالات سياسية لا ترتكز على جوانب اقتصادية أو مالية ويصفونها بأنها “المخابرات الاقتصادية لأجهزة الأمن العالمية، ويدللون على ذلك بتقارير الوكالات بشأن مصر وقطر.

مصر

في هذا السياق جاء تأكيد مؤسسة موديز الأمريكية للتصنيفات الائتمانية أمس الجمعة، أن التقييم الائتماني لمصر يبلغ  B3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، على الرغم مما تعانيه مصر من مصاعب اقتصادية.

وذكرت الوكالة أن تأكيد التصنيف يستند إلى رؤيتها بأن الدرجة B3 تعبر بشكل مناسب عن صورة المخاطر الائتمانية لمصر، ورأت أن انخفاض مستوى الديون المقومة بالعملة الأجنبية، والديون الحكومية الخارجية لمصر يخفف المخاطر المالية.

وكانت مؤسسة ستاندرد آند بورز الأمريكية  للتصنيف الائتماني، قالت إن النظرة المستقبيلة المستقرة لمصر تعكس أن مصر ستظل مستقرة سياسيا إلى حد بعيد، وأن اقتصادها سيواصل النمو تدريجيا!

وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز أيضا أن يدعم الاستقرار السياسي بوجه عام نمو الاقتصاد المصري، وأن تظل مستويات العجز المالي والدين المحلي مرتفعة في الفترة 2015-2018، غير أن مصر ستواصل الاستفادة من تحويلات العاملين في الخارج والاستثمارات الأجنبية.

ورغم التحسن الملحوظ في كافة المؤشرات الاقتصادية في مصر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير 2011، قامت وكالات التصنيف العالمية بتخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري 4 مرات منذ وصوله للحكم وتولي الدكتور هشام قنديل رئاسة الحكومة.

في تصريحات خاصة لــ “الجزيرة مباشر” يقول الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي: وكالات التصنيف الائتماني يتم حاليا في إطار البيزنس والسياسة، والدليل على ذلك أن وكالة استاندر أند بور حينما قامت بتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية عام 2010، تم سحب التقرير بعد 24 ساعة من نشره.

وأضاف الصاوي: تعتبر الحالة المصرية نموذجا صارخا لعدم مصداقية هذه الوكالات، والتوظيف السياسي لتقاريرها، وأزعم أن تقارير هذه الوكالات بشأن مصر تشوبها شبهة تمويل من قبل الأنظمة والحكومات الداعمة للنظام في مصر.

قطر

في المقابل انتقد مختصون وخبراء اقتصاديون، تقرير وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، بتخفيض نظرتها المستقبلية لدولة قطر من مستقرة إلى سلبية، بعد يومين فقط من بدء الحصار، واعتبروا التصنيف “سياسياً” كونه لم يرتكز على جوانب اقتصادية أو مالية.

و كانت وكالة ستنادرد آند بورز العالمية قد خفضت تصنيف قطر، من مستوى AA إلى مستوى AA- ، ووضعتها على قائمة المراقبة ذات التداعيات السلبية، وقال المحلل المالي، أحمد عقل، في تصريحات صحفية إن تخفيض وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، نظرتها المستقبلية لدولة قطر من مستقرة إلى سلبية، يرتكز على جوانب سياسية وليست اقتصادية، لأن أداء الفعاليات الاقتصادية والشركات والمصارف القطرية، جيد رغم الحصار البري والبحري والجوي، الذي دخل شهره الثاني.

وأوضح أنه عندما يكون تخفيض التصنيف مبنياً على معطيات اقتصادية واضحة ومحددة، كانخفاض أسعار النفط، واتباع سياسات نقدية ومالية واقتصادية غير صحيحة، يعتد به اقتصادياً ويمكن أن تكون له تداعيات سلبية، أما أن يستند تخفيض التصنيف على أزمة سياسية.
وتساءل عقل مستغرباً، كيف تخفض “موديز” التصنيف في الوقت الذي قررت فيه قطر رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 100 مليون طن سنويّاً، أي زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30%، لتكون قطر المصدّر الأكبر للمسال في العالم، إلى جانب استثمارات واستحواذات قطر الخارجية، ولذلك تستحق قطر رفع تصنيفها الائتماني وليس خفضه.

المصدر : الجزيرة مباشر