الأمن السوري يطوق بانياس

شددت قوات الأمن السورية حصارها لمدينة بانياس  الساحلية وهاجمت قريتي البيضة وبيت جناد القريبتين، في حين جدد المحتجون الدعوات على مواقع الإنترنت للخروج في مظاهرات مناهضة لنظام حكم الرئيس بشار الأسد.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن قرية البيضة الواقعة جنوب شرق بانياس (شمال غرب دمشق) تعرضت لإطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن ورجال مسلحين, مما أوقع خمسة جرحى على الأقل.

ونقلت الوكالة عن أحد الشهود أن القرية تعرضت لهجوم بالرشاشات بشكل عشوائي من قبل قوى الأمن والشبيحة، وهو تعبير يطلقه المحتجون السوريون على مسلحين مدنيين من أنصار النظام. وقال شاهد آخر “الرصاص على البيضة مثل زخ المطر”.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا أن قوات الأمن قامت “باعتقال العشرات وجمعتهم في أرض خالية داخل القرية وأجبرتهم على ترديد هتاف بالروح بالدم نفديك يا بشار”.

ورجح ناشط حقوقي للوكالة الفرنسية أن يكون سبب الهجوم عزم السلطات على اعتقال أنس الشهري المنحدر من البيضة مع معاونين له، وهو أحد أبرز قادة الاحتجاجات في بانياس.

من جهة ثانية, أفاد مصدر حقوقي للوكالة ذاتها أن “قوات الأمن تقوم بتمشيط قريتي الباصية والعديمة المجاورتين لبانياس وسط إطلاق نار كثيف”، موضحا أن لا معلومات بعد عن سقوط إصابات.

في هذه الأثناء, تحدث عدد من سكان بانياس عن تصاعد أزمة نقص الخبز والوقود, حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شاهد يدعى عبد الباسط (وهو فني كهرباء) “أن الوضع صعب للغاية في بانياس.. لقد أعاد الجيش انتشاره عند مداخلها”، مضيفا “لا حياة في المدينة والمحلات التجارية مغلقة”.

وذكر تاجر يدعى ياسر “أن بانياس محاصرة بالدبابات فلا أحد يمكنه الخروج أو الدخول، لقد أصبحت كالسجن”. وأضاف “لم نعد نجد خبزا في بانياس” لافتا إلى أن “محطات الوقود مغلقة”.

وكانت بانياس قد شهدت الأحد يوما داميا حيث قتل أربعة أشخاص على الأقل وجرح 22 آخرون, بحسب ناشط حقوقي وشهود.

من ناحية أخرى, ذكرت وكالة الأنباء السورية أنه تم تشييع “سبعة من شهداء الجيش والوطن الذين استهدفتهم يد الغدر في كمين نصبته مجموعة مسلحة على طريق عام (طريق) اللاذقية طرطوس في منطقة بانياس لحافلة للجيش يوم الأحد، في محافظات حلب ودير الزور واللاذقية وريف دمشق وطرطوس”.

كما أوردت الوكالة أمس الثلاثاء قائمة “بأسماء شهداء وجرحى عناصر الشرطة الذين استهدفهم رصاص المجموعات المسلحة خلال الأيام الماضية في كل من درعا وريف دمشق وحمص واللاذقية”، وهم ستة قتلى و168 جريحا.

وتحدثت عن إدانة ست منظمات حقوقية سورية “بأقوى العبارات الاعتداء الآثم” الذي استهدف وحدة من الجيش بالقرب من مدينة بانياس.

وتزامنت هذه التطورات مع تظاهر نحو 700 شخص في منطقة عين العرب (شمال شرق حلب) بعد ظهر الثلاثاء مطلقين هتافات “تنادي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحريات الأحزاب”، حسب ما أفاده رئيس اللجنة الكردية لحقوق الإنسان (الراصد) رديف مصطفى لوكالة الصحافة الفرنسية. وأكد أن “قوات الأمن لم تتدخل لتفريق المتظاهرين”.

يأتي ذلك بالتزامن مع دعوة وجهتها مجموعة على موقع الفيسبوك إلى التظاهر من جديد في “كافة أنحاء سوريا الحرة” وفاء “لدماء الشهداء والجرحى والمعتقلين”.

في غضون ذلك علمت الجزيرة أن وفدا من أهالي درعا بقيادة إمام المسجد العمري التقى فاروق الشرع نائب الرئيس السوري وقدم له قائمة من مطالب أهالي درعا.

على صعيد آخر، أعلن رؤساء الكنائس المسيحية في سوريا أن الاحتفالات بعيد الفصح لدى الطوائف المسيحية ستقتصر هذه السنة على الصلوات داخل الكنائس “بسبب الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا”.

وأعرب رؤساء الكنائس في بيانهم عن أملهم بأن “يعم الأمن والسلام سوريا وأن يعيد الله هذا العيد عليها قيادة وشعبا بالخير واليمن والبركات”.

وعلى صعيد الردود الدولية, دان البيت الأبيض على لسان جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما ما سماه “القمع المشين” للمظاهرات في سوريا وجدد دعوته للرئيس بشار الأسد إلى احترام “حقوق السوريين”. وأضاف المتحدث في بيان “تصعيد الحكومة السورية للقمع مثير للاشمئزاز”.

كما أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن السورية منعت الطواقم الطبية في مدينتين على الأقل من الوصول إلى الجرحى من المتظاهرين الأسبوع الماضي, وهو ما نفته السلطات السورية.

وقالت المنظمة إن المنع “غير الإنساني” و”غير المشروع” لوصول الطواقم الطبية حصل في مدينة درعا (جنوب)، وحرستا قرب دمشق.

وقد نفى مصدر رسمي سوري هذه الاتهامات.

كما دانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي استخدام القوة ضد المتظاهرين في سوريا، منتقدة استخدام “الرصاص الحي” من جانب القوى الأمنية. ونبهت المتحدثة باسم المفوضية العليا رافينا شمدساني إلى “ترهيب الصحفيين”, وقالت إنه “تم اعتقال عدد من الصحفيين العالميين في سوريا إضافة إلى مدونين سوريين فيما أوقف بث قناة خاصة واحدة على الأقل”.

وفي لندن, نصحت وزارة الخارجية البريطانية المواطنين البريطانيين بتفادي أي سفر “غير ضروري” إلى سوريا نظرا لتدهور الوضع الأمني هناك.