الأدوات الكهربائية.. أحدث أنشطة الجيش المصري

يعتبر خبراء أن توسع الأنشطة الاقتصادية لهيئات ومؤسسات الجيش، أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر

ورغم ذلك لم يترك الجيش المصري مجالا اقتصاديا إلا اقتحمه بحثا عن الأرباح، بدءا من المشروعات الضخمة كالمصانع وإنشاء الطرق والجسور أو حتى التجارة بالسلع الغذائية البسيطة.

فقد نشرت صحيفة العربي الجديد أخبارا عن اعتزام الجيش المصري إطلاق مشروع جديد لإنشاء أكشاك متخصصة في بيع الأدوات الكهربائية، خصوصًا اللمبات الموفرة، في المناطق الاستراتيجية بجميع المحافظات، وفقًا لما أكده مصدر مسؤول في غرفة القاهرة التجارية.

يشير عدد من التجار إلى أن الهيئة الهندسية التابعة للجيش التي تتولى إنشاء مشروعات الإسكان الاجتماعي بالتعاون مع بعض شركات المقاولات، تقوم بشراء مستلزمات تلك المشروعات من الأدوات الكهربائية من المصانع المحلية مباشرة أو الاستيراد من الخارج، إذ لا تتعامل الهيئة مع التجار، وبالتالي فإن سوق الأدوات الكهربائية لا يستفيد من مشروعات الإسكان الاجتماعي لتعويض بعض الخسائر، ما أدى إلى خروج  10% من التجار العاملين في قطاع الأدوات الكهربائية من السوق بسبب حالة الكساد وعدم قدرتهم على مواجهة الأعباء التي تقع على كاهلهم.

هيمنة

وتتراوح التقديرات حول مدى سيطرة القوات المسلحة على الاقتصاد المصري بين 40%، وفق تصريحات صحفية لنجيب ساويرس رجل الأعمال المصري، إلى 45% و60%، وفقا لمنظمة الشفافية الدولية، فيما يرى البروفيسور روبرت سبرنجبورج من المعهد الإيطالي للشؤون الخارجية، أنه منذ عام 2013 تحولت القوات المسلحة المصرية من كونها لاعبا كبيرا في الاقتصاد المصري إلى فاعل مهيمن. لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال إن حجم مشاركة القوات المسلحة في الاقتصاد الوطني لا يتجاوز 2%، رافضا ما يردده البعض من أن الجيش ربما يكون يسيطر على ما يصل إلى 50 % من الاقتصاد.

وقد تعاظم  الدور الاقتصادي للجيش بعد سيطرته على مقاليد الحكم إثر انقلابه على الرئيس  محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في 2013، وتطور الاقتصاد العسكري المصري إلى ما هو أبعد من الاحتياجات العسكرية ليشمل جميع أنواع المنتجات والخدمات، من المواد الغذائية مثل الطماطم وزيت الزيتون، إلى الإلكترونيات والأجهزة المنزلية، والعقارات، وأعمال البناء والنقل والخدمات، والتوريدات الطبية ولبن الأطفال، فيما تمتلك القوات المسلحة المصرية أغلبية أو أقلية الأسهم في العديد من الشركات شبه الحكومية أو الخاصة الأخرى.

وامتد الأمر للجامعات من خلال التعاقد مع هيئة القوات المسلحة للإشراف على خدمات الطعام ومطابخ المدن الجامعية لطلاب الجامعة، وفي نهاية يوليو/ تموز ا2016، أرسل المجلس الأعلى للجامعات خطابا بالأمر المباشر إلى نحو 15 جامعة مصرية يطالبهم عبر إشارة عاجلة بوقف جميع المناقصات العامة والممارسات الجديدة والمزايدات علي الأدوية والمستلزمات الطبية تمهيدا للشراء من إدارة الخدمات الطبية التابعة للقوات المسلحة.

نفوذ غير مسبوق

وكانت دراسة لمعهد “كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط” أكدت أن الجيش المصري اكتسب نفوذا غير مسبوق منذ أن أشرف على الإطاحة برئيسين هما: حسني مبارك في يناير عام 2011، ومحمد مرسي في عام 2013 على حد قولها. وأشارت “شانا مارشال” المديرة المساعدة للمعهد، معدة الدراسة التي نُشرت في أبريل/نيسان الماضي موضوع بعنوان: “القوات المسلحة المصرية وتجديد الإمبراطورية الاقتصادية”، إلى أنه “مع تهميش أبرز المنافسين السياسيين، والحصول على ما يزيد عن 20 مليار دولار من المساعدات الخليجية ودعم محلي واسع النطاق، بعد اعتلاء عبد الفتاح السيسي منصب الرئاسة، استأنفت القوات المسلحة المصرية عملياتها الصناعية، وضمنت السيطرة على مشاريع البنى التحتية الضخمة، وأدخلت جنرالات إلى مناصب الحكم كافة تقريبا“.

خارج المنافسة

ولا تعمل القوات المسلحة في بيئة عمل تنافسية، فالمجندون يعملون في مشروعات الجيش بشكل قسري دون الحصول على أجر، ولا تخضع واردات الجيش من الخامات والمعدات والمستلزمات للجمارك، ولا يسدد الجيش أية ضرائب عن أرباحه من المشروعات، وتحصل مشروعاته ومصانعه على الوقود والطاقة مجانا، ولا يسدد أية تأمينات عن أجور العاملين في المشروعات، في الوقت الذي تتحمل فيه الموازنة العامة للدولة قيمة أية خسائر تتكبدها هيئات الجيش، فيما يتمتع الجيش بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، وهو ما يخلق منافسة غير متكافئة مع المستثمرين المدنيين، ويتسبب بشكل غير مباشر في هروب الاستثمارات من السوق المصرية، لانعدام القدرة على المنافسة.

وترى منظمة الشفافية الدولية أن المشاريع التجارية للقوات المسلحة تضر بالاقتصاد الوطني وبقدرة القوات المسلحة على القيام بمهامها الأساسية، كما أن التدخل العسكري في الاقتصاد يؤدي عمومًا إلى أداء أسوأ.

ووفقًا لمنظمة الشفافية الدولية، فإن انعدام الرقابة السليمة يؤدي إلى الفساد وإهدار المال العام، وهناك تأثير آخر للهيمنة الاقتصادية للقوات المسلحة؛ وهو عدم وجود فرص نمو للشركات الصغيرة والمتوسطة، في ظل أن المقربين فقط هم مَن يمكنهم الفوز بعقود مربحة والتعامل مع نظام التصاريح، وهذا بدوره يؤدي إلى اقتصاد غير رسمي كبير قائم على المقربين، ويترك العديد من المصريين يعيشون في فقر مدقع.

المصدر : الجزيرة مباشر