أوربا تتحرك لحماية مصالحها في إيران

المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

بذلت دول أوربية كبرى الجمعة جهودا لحماية استثمارات شركاتها في إيران وسعت للحفاظ على تطبيق الاتفاق النووي مع طهران بعد انسحاب واشنطن منه وتهديدها بفرض عقوبات على شركات أوربية.

ولكل من ألمانيا وفرنسا علاقات تجارية مهمة مع إيران. وأبقت الدولتان مع بريطانيا على التزامها بالاتفاق النووي في حين يعتزم وزراء خارجية الدول الثلاث عقد اجتماع يوم الثلاثاء لبحث الأمر.

يأتي ذلك في إطار سلسلة من الأنشطة الدبلوماسية بعد انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي يوم الثلاثاء الماضي من الاتفاق. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاتفاق بأنه “مريع ومن جانب واحد”. وترافقت الخطوة مع تهديد بتوقيع عقوبات على أي شركات أجنبية تقوم بأنشطة في إيران.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن هناك حاجة لمناقشة سبل إنقاذ الاتفاق دون وجود واشنطن فيه مع طهران فيما قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير إن دول الاتحاد الأوربي ستقترح على المفوضية الأوربية إجراءات تحول دون توقيع العقوبات.

وقال لو مير للصحفيين “هل نقبل بعقوبات خارج حدود (أمريكا)؟ الإجابة هي لا… هل نقبل بأن تكون الولايات المتحدة الشرطي الاقتصادي للكوكب؟ الإجابة هي لا… هل نقبل إخضاع أوربا في شؤون تجارية؟ الإجابة هي لا”.

وتحدث لو مير ووزير المالية الألماني أولاف شولتس إلى وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين وحثاه على بحث منح الشركات الموجودة بالفعل في إيران إعفاءات وتأجيلات من العقوبات.

وقال لو مير إنه يسعى للتوصل إلى إعفاءات ملموسة للشركات الموجودة بالفعل في إيران بما يشمل رينو وتوتال وسانوفي ودانون وبيجو. وقال شولتس إنه طلب أيضا إجراءات ملموسة لمساعدة الشركات الألمانية وفقا لما ذكرته صحيفة هاندلسبلات.

ووضع الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين قوى كبرى وإيران قيودا على أنشطة طهران النووية في مقابل رفع عقوبات دولية مفروضة عليها. ويخشى الأوربيون من أن انهيار الاتفاق النووي بالكامل سيزيد من مخاطر تفاقم الصراعات في الشرق الأوسط.

وتريد ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عقد محادثات أوسع نطاقا بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وأنشطتها العسكرية الإقليمية بما يشمل سوريا واليمن.

وقالت ميركل التي ناقشت الأمر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق “المدى الذي يمكننا أن نبقي فيه على هذا الاتفاق مطبقا… هو أمر يحتاج لأن يطرح للنقاش مع إيران”.

وظهرت انقسامات في إيران بشأن طبيعة الخطوة المقبلة التي يجب اتخاذها في تصريحات لرجل الدين الإيراني البارز أحمد خاتمي الجمعة إذ قال للمصلين في جامعة طهران إنه لا يمكن الوثوق بالدول الأوربية.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الثلاثاء إن طهران ستبقى في الاتفاق النووي المبرم في 2015 بشرط بقاء الفوائد التي تعود عليها بموجبه من باقي الدول الموقعة عليه.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول في وزارة الخارجية الروسية قوله إن وزير الخارجية الإيراني سيزور موسكو في 14 مايو أيار لمقابلة نظيره الروسي.

قالت إيران إنها طلبت من شركة إيرباص الأوربية الإعلان عن نواياها فيما يتعلق بصفقة طائرات مع طهران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.

ولا يبدو الاستمرار في الصفقة مرجحا بعد أن قال منوتشين يوم الثلاثاء إنه سيتم إلغاء التراخيص التي تسمح لإيرباص ومنافستها بوينج ببيع طائرات ركاب لإيران.

وقال لو مير إن باريس ستسعى لتعزيز القدرة الأوربية على منع تطبيق العقوبات وتوفير تمويل للاستثمارات للشركات. ودعا لإنشاء هيئة للرقابة على تطبيق قواعد العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوربي.

ويخشى البعض من أن يكون هامش المناورة والتحرك لدى أوربا محدودا. ويقول بيتر باير المفوض الألماني للعلاقات عبر الأطلسي “الأوربيون في الموقف الأضعف لأنهم ليسوا موحدين” مضيفا أن قوة ترمب تكمن في أنه لا يحتاج إلى الوحدة.”

ووفقا لبيانات الجمارك تضاعفت الصادرات الفرنسية لإيران لتسجل 1.5 مليار يورو (1.79 مليار دولار) العام الماضي مدفوعة بصادرات الطائرات وقطع غيار السيارات.

وزادت صادرات السلع الألمانية إلى إيران بنحو 400 مليون يورو لتصل إلى ثلاثة مليارات يورو. وهناك نحو 120 شركة ألمانية لديها عمليات وموظفين في إيران بينها سيمنز فيما تمارس نحو 10 آلاف شركة ألمانية أنشطة مع إيران.

وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير لراديو (دويتشه لاند فونك) “نحن مستعدون للحديث إلى جميع الشركات المهتمة بشأن ما يمكننا أن نفعله للحد من التداعيات السلبية… هذا يعني أن الأمر يتعلق بتحجيم الأضرار إلى أضيق الحدود”.

لكن سفير الولايات المتحدة في برلين ريتشارد غرينيل قال إن الشركات يجب أن تشك في أخلاقيات تنفيذ أنشطة مع إيران.

وقال غرينيل لصحيفة بيلد الألمانية “ألمانيا وفرنسا وبريطانيا … نفسها تقول إن إيران تشكل تهديدا. هل تريدون إذا أن تنخرطوا في أعمال مع تهديد؟”

وقال ألتماير إن ألمانيا تريد تجنب “سلسلة من التصعيد” في العلاقات التجارية عبر الأطلسي.

لكن ميركل كانت أكثر صراحة. وقالت خلال حفل في كنيسة في مدينة مونستر غرب ألمانيا “إذا ما فعل الجميع ما يودون فهذه أنباء سيئة للعالم… (لكن) من مصلحتنا أن تكون لدينا علاقات قوية عبر الأطلسي”.

المصدر : رويترز