أمريكا تريد من الأوربيين الالتزام بتعديل الاتفاق النووي

الاتفاق النووي أنجز في عهد إدارة الرئيس السابق أوباما التي اعتبرته إنجازا تاريخيا

حددت الولايات المتحدة مسارا يلتزم بموجبه ثلاثة حلفاء أوربيين بوضوح بمحاولة تعديل الاتفاق النووي مع إيران بمرور الوقت.

يأتي ذلك في مقابل إبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الاتفاق بتجديد تعليق العقوبات الأمريكية في مايو أيار المقبل.

ولكن هذا المسار الموضح في برقية لوزارة الخارجية حصلت “رويترز” على نسخة منها وفي مقابلة مع مسؤول بارز بالوزارة هذا الأسبوع ما زال يواجه صعوبات. فقال مسؤولان أوربيان ومسؤولان أمريكيان إن الحلفاء الأوربيين لا يعرفون بدقة ما الذي يمكن أن يرضي ترمب ويحجمون عن هذا الالتزام خوفا من أن يطالبهم بالمزيد.

وقال خمسة مسؤولين أوربيين حاليين وأربعة مسؤولين أمريكيين سابقين إن الوصف الوارد في البرقية لما تريده الولايات المتحدة من الأوربيين، وهو ما لم ينشر من قبل، يضع معايير أدنى مما طالب به ترمب في يناير كانون الثاني وهو ما قد يساعد على تلاقي وجهات النظر.

وجاء في البرقية “نريد التزامكم بالعمل معا سعيا إلى اتفاق تكميلي للتعامل مع تطوير إيران للصواريخ بعيدة المدى أو اختبارها ويضمن تفتيشا محكما تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويصلح العيوب المتعلقة ببند المدة الزمنية”.

وكان جوهر اتفاق يوليو تموز عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية كبرى هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة هو أن تقلص إيران برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات التي كانت تشل اقتصادها.

ويرى ترمب ثلاثة عيوب هي فشل الاتفاق في التعامل مع برنامج إيران للصواريخ الباليستية والشروط التي يمكن للمفتشين الدوليين بموجبها زيارة مواقع إيرانية يشتبه أنها تتعلق بالبرنامج النووي وبند الفترة الزمنية الذي تنقضي بموجبه القيود المفروضة على إيران بعد عشر سنوات. ويريد تحسين العيوب الثلاثة حتى يتسنى للولايات المتحدة الاستمرار في الاتفاق.

ووجه ترمب إنذارا للقوى الأوربية يوم 12 يناير كانون الثاني قائلا إنه يتعين عليهم الموافقة على “إصلاح العيوب المزعجة بالاتفاق النووي الإيراني” وإلا فإنه سيرفض مد تعليق العقوبات الأمريكية على إيران يوم 12 مايو أيار، وقال “هذه فرصة أخيرة”.

ورفضت وزارة الخارجية التعليق على البرقية قائلة إنها لا تناقش المراسلات الداخلية. ولم يرد البيت الأبيض على طلب التعليق على ما سعى إليه ترمب في تصريحه يوم 12 يناير كانون الثاني أو كيف يرى المسار الموضح في البرقية.

ويرى بعض المسؤولين الأمريكيين والأوربيين أنه من المستحيل التوصل إلى اتفاق دولي شامل بحلول المهلة المحددة وغايتها 12 مايو أيار حتى إذا كان هناك توافق بشأن القضايا الأساسية وهو أمر ليس قائما.

ووصف مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية خلال مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي الجهود المبذولة مع الأوربيين في هذا الصدد بأنها عملية من مرحلتين.

وأضاف أن الولايات المتحدة ستسعى خلال المرحلة الأولى وهي من 12 يناير كانون الثاني إلى 12 مايو أيار لإقناع الأوربيين بالاتفاق على نقاط الضعف التي يتعين إصلاحها.

وقال “نريد التزاما منهم بضرورة معالجة أوجه القصور هذه… وموافقة على أنهم سيحاولون التوصل إلى اتفاق. هذا ما نتطلع إليه”.

وستتمثل المرحلة الثانية التي تبدأ على الفور بعد 12 مايو أيار في نقل هذا التفاهم إلى الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق وهي إيران وروسيا والصين للبحث عن سبيل لمعالجة هذه القضايا.

وقال المسؤول إن هناك ثلاث طرق محتملة للمضي قدما في هذا الأمر وهي تعديل الاتفاق الحالي أو التفاوض بشأن اتفاق تكميلي أو السعي لقرار جديد من مجلس الأمن لإجراء التعديلات.

وقال المسؤول الأمريكي الكبير إنه إذا سعت الولايات المتحدة لاتفاق تكميلي وهو أمر شائع فيما يتعلق بالحد من الأسلحة فسوف تحتاج إلى دعم إيران وروسيا والصين لكنها قد تكتفي فقط بموافقة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

وفي سيناريو مثل ذلك قد تشكل الدول الأربع اتفاقا تكميليا خاصا بهم لفرض عقوبات إذا انتهك الإيرانيون أيا من الشروط الجديدة التي سيتم وضعها.

وفي اجتماع لم يتم الإعلان عنه من قبل سيجتمع مفاوضون أمريكيون مع مسؤولين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في باريس يوم الثلاثاء لبحث كيفية تنفيذ مطالب ترمب.

 وقال مسؤولون أوربيون في مقابلات إنهم لا يعرفون إن كانت الرؤية التي وردت في البرقية الدبلوماسية لوزارة الخارجية الأمريكية والتي أرسلت إلى الدبلوماسيين الأمريكيين في لندن وباريس وبرلين وبروكسل لتسليمها لنظرائهم ستحظى بالقبول في واشنطن أم لا.

وقالوا إن هذا يعود في نهاية المطاف إلى تقدير ترمب حول تجديد تعليق العقوبات الذي سينتهي في 12 مايو أيار.

وقال دبلوماسي أوربي كبير يوم الجمعة “هل غيرت إدارة ترمب موقفها؟ لا نعرف”.

وقال دبلوماسي أوربي آخر يوم الجمعة “ما نفعله الآن هو محاولة الوصول إلى أفضل حزمة ممكنة لإقناع ترمب” في إشارة إلى مخاوف ترمب بشأن الصواريخ والمفتشين وشروط المدة الزمنية.

وأضاف “لا أحد يعرف ما الذي يفعله ترمب أو يريده”.

ومن بين أسباب هذا التشوش وجود خلافات بين أجزاء مختلفة من الإدارة الأمريكية وعدم القدرة على التنبؤ بما سيفعله ترمب الذي يرفض أحيانا نصيحة مستشاريه للأمن القومي.

وقال ريتشارد بوتشر وهو متحدث سابق باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن برقية الخارجية “أقل حدة” من تصريح ترمب.

وأشار بوتشر وثلاثة مسؤولين أمريكيين سابقين آخرين إلى الخلاف بين طلب ترمب للثلاثي الأوربي التوصل إلى “اتفاق لإصلاح العيوب المروعة” للاتفاق وبين اللغة الأقل حدة الواردة في البرقية والتي تطالب “بالالتزام بالعمل سويا” أو “السعي” لاتفاق تكميلي “يعالج” أوجه القصور بالاتفاق.

وقال بوتشر “الرئيس بالنسبة لي يدافع عن مستوى أعلى. عليهم الاتفاق والتفاوض وعلينا التوصل إلى اتفاق. أيا كان ما يقوله الآخرون فعلينا تفعيل التزاماتهم”.

المصدر : رويترز