63 عاما على رحيل أول عالمة ذرة مصرية

 سميرة موسى ـ أول عالمة ذرة مصرية

من منا لا يعرف د.سميرة موسي، أول عالمة ذرة مصرية، إنها الحلم الذي لم يكتمل. والتي لقيت حتفها في ظروف غامضة بضواحي كاليفورنيا بالولايات المتحدة في مثل هذا الشهر (أغسطس/آب) قبل 63 عاماً.

ولدت سميرة موسى في قرية سنبو الكبرى، مركز زفتى بمحافظة الغربية في 3 مارس 1917 ، وهي أول عالمة ذرة مصرية ولقبت باسم “مس كوري الشرق” و هي أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول ، جامعة القاهرة حالياً. 

تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة و الكتابة ، و حفظت أجزاء من القرآن الكريم و كانت مولعة بقراءة الصحف، و كانت تتمتع بذاكرة فوتوغرافية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته . 

حصدت سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها ، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، و لم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت. 

ويذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933 . 

اختارت سميرة موسى كلية العلوم بجامعة القاهرة، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة، حينما كانت أمنية أي فتاة في ذلك الوقت هي الالتحاق بكلية الآداب وهناك لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم. 

حصلت سميرة موسى على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها وعينت معيدة بالكلية، حصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات. 

سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة . 

سميرة موسى.. حلم لم يكتمل

أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة هامة (لم تلق قبولاً في العالم الغربي آنذاك) تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع، ولكن لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها د. سميرة موسى . 

كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكانا وسط هذا التقدم العلمي الكبير، حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام، وأن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة. 

قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد 3 أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، وكانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول: “أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين”. 

استجابت الدكتورة سميرة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1952 ، أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية، تلقت عروضاً لكي تبقى في الولايات المتحدة لكنها رفضت. 

وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس، وفي طريق وعر مرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة، لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق. 

قفز سائق السيارة وهو زميلها الهندي في الجامعة الذي يقوم بالتحضير للدكتوراه والذي اختفى إلى الأبد، وأوضحت التحريات أن السائق كان يحمل اسمًا مستعارًا وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها. 

كانت تقول لوالدها في رسائلها: “لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة”. 

علق محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها أن كلمة (حاجات كثيرة) كانت تعني بها أن في قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحراري للغازات و من ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف . 

وفي آخر رسالة لها كانت تقول لوالدها: “لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان و سأستطيع أن أخدم قضية السلام”، حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة. 

لا زالت الصحف تتناول قصتها وملفها الذي لم يغلق، وإن كانت الدلائل تشير طبقاً للمراقبين أن الموساد، المخابرات الإسرائيلية، هي التي اغتالتها لمحاولتها نقل العلم النووي إلى مصر والعالم العربي في تلك الفترة المبكرة.

المصدر : الجزيرة مباشر