3 أسباب وراء إفراج أمريكا عن المعونة العسكرية لمصر

دونالد ترمب وعبد الفتاح السيسي على هامش قمة الرياض في مايو/أيار 2017

أفرجت واشنطن عن مساعدات عسكرية للقاهرة بقيمة 195 مليون دولار، كانت قد علّقتها لأسباب تتعلّق بـ”انتهاكات حقوقية”، وقوانين تخص الجمعيات الأهلية في مصر.

لكنَّ ثلاثة خبراء؛ أحدهما عسكري والآخر سياسي والثالث حقوقي، استبعدوا “ارتباط القرار بالوضع الحقوقي في مصر”.

وطرح الخبيران السياسي والعسكري ثلاثة أسباب وراء القرار الأمريكي، مرتبطة بـ”متأخرات تمويل على الحكومة الأمريكية بالنسبة لصفقات سلاح تم توريدها للجيش المصري في فترات سابقة، وتعهد مصري بقطع العلاقات مع كوريا الشمالية، والتعقيدات الأمريكية الأخيرة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج”.

الأسباب الثلاثة
1-تمويل الصفقات التسليحية
  • فيما يتعلق بالسبب الأول، قال العميد المصري المتقاعد بالجيش المصري صفوت الزيات، إن عودة المساعدات “مسألة تخص الولايات الأمريكية ذاتها، إذ هناك عقود مسبقة لصفقات سلاح، الحكومة الأمريكية تقوم بدفع أثمانها للجهات الأمريكية المصنعة”.
  • الزيات أضاف “هناك دافع رئيسي يتمثل في المسألة المادية، ومتأخرات التمويل بحق الحكومة الأمريكية بالنسبة لصفقات تسليحية، تم توريدها للجيش المصري في فترات سابقة”.
  • ثمة أمر لفت إليه الزيات يتمثل في أن “مصر لا تحصل على المعونة نقدًا، ولكنها تحصل عليها بتسهيلات ائتمانية من قبل الحكومة الأمريكية للجهات الأمريكية القائمة على أنظمة التسليح”.
  • لم يتسن الحصول على تعقيب من السلطات المصرية بشأن حديث الزيات حول طبيعة توريد صفقات التسليح الأمريكية.
2كوريا الشمالية
  • في أغسطس/ آب 2017، ألمحت الخارجية الأمريكية، إلى أن قرار حجب جزء من المساعدات الممنوحة لمصر، ربما يكون بسبب تعاون القاهرة مع بيونغ يانغ.
  • في هذا الصدد، قال الزيات إن زيارة وزير الدفاع السابق صدقي صبحي إلى كوريا الجنوبية في أعقاب الانتقادات الأمريكية، وتعهد مصر بقطع علاقاتها العسكرية مع بيونغ يانغ، ربما كانت عاملًا مؤثرًا في استئناف المساعدات.
  • لاحق ذلك إدانة مصرية لتجارب صاروخية لكوريا الشمالية، دعت فيها القاهرة إلى وقف التصعيد والامتثال إلى قرارات مجلس الأمن الدولي.
  • لكنَّ المحلل السياسي المصري مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، ابتعد عن الطرح السابق، لافتًا إلى “تقارب أمريكي كوري شمالي مؤخرًا”.
  • في يونيو/حزيران الماضي، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ في سنغافورة، اتفاقًا لتفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي، وسط ترحيب دولي كبير.
3تعقيدات الشرق الأوسط
  • طبيعة التعقيدات الأمريكية الحاصلة بالشرق الأوسط، رآها غباشي، دافعًا لفتح باب جديد مع مصر عبر الإفراج عن مساعداتها العسكرية للقاهرة.
  • غباشي عزا ذلك، إلى “وجود توتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية، بجانب حراك خليجي يبحر بعيدًا عن واشنطن”.
  • المحلل السياسي ضرب مثالًا بإطلاق الصين اتفاقيات عسكرية وسياسية مع الكويت والإمارات مؤخرًا، معتبرًا لغة واشنطن تجاه الخليجيين باتت “مزعجة”.
  • واشنطن تعتقد أن الصين من أهم المنافسين الاستراتيجيين لها على المدى البعيد، وتواجه علاقات البلدين أزمات متكررة ومشكلات عدة متراكمة.
  • هناك توجه صيني ملحوظ، لتعميق وجوده في المنطقة العربية في سياق التنافس مع واشنطن.
  • بناءً على ذلك، رأى غباشي، دوافع أمريكية للإفراج عن مساعداتها العسكرية المجمدة مع مصر.
  • غباشي أشار إلى تعقيدات كثيرة تعرّضت لها واشنطن بالمنطقة، كالقضية الفلسطينية واستهداف مضيق باب المندب (جنوبي البحر الأحمر)، والتغلغل الإيراني في المنطقة، بحاجة إلى دور مصري فعَّال.
  • بخلاف عدة أزمات بارزة، وصلت لحد الصراع العسكري، خاصة في سوريا وليبيا واليمن، شهد مضيق باب المندب توترات عسكرية، الأسبوع الماضي؛ إثر إعلان السعودية تعرض ناقلتين لهجوم “حوثي” قرب سواحل اليمن.
  • لكنَّ الزيات، قال إن قدرة تأمين باب المندب لا يملكها في العالم إلا دولة بقوة الولايات المتحدة”، مستبعدًا دورًا مصريًا في هذا الصدد.
حقوق الإنسان في “الظل”
  • الخبراء الثلاثة استبعدوا، وجود علاقة بين الإفراج عن المساعدات العسكرية، والأوضاع الحقوقية بمصر.
  • واستشهد العميد صفوت الزيات، بعقد الكونغرس الأمريكي، لجنة استماع عن مخالفات لحقوق الإنسان بمصر، بالتزامن مع الإعلان عن إعادة الجانب المستقطع من المعونات العسكرية.
  • الثلاثاء الماضي، عقدت لجنة الشرق الأوسط الفرعية في الكونغرس جلسة استماع حول حقوق الإنسان بمصر، أعربت خلالها رئيسة اللجنة إليانا روس ليتنين، وفق ما نقلته تقارير غربية، عن “قلقها الشديد من وضع حقوق الإنسان في مصر”.
  • بدوره، قال الحقوقي المصري البارز نجاد البرعي، في سلسلة تغريدات بموقع “تويتر”، الخميس، إن “العلاقات العسكرية الأمريكية المصرية غير قابلة للمساومة والاهتزاز لأنها تحقق مصالح الدولتين، ولا علاقة لحقوق الإنسان بالموضوع”.
  • المحلل السياسي مختار غباشي،استبعد أيضًا البعد الحقوقي في عودة المساعدات، وأوضح أن “واشنطن غير غاضبة من القاهرة، حيث الوضع الحقوقي المصري لم يتغير، بخلاف تعليقات كثيرة من منظمات حقوقية دولية كالعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بشأنه”.
ماذا تنتظر واشنطن من القاهرة؟
  • التهدئة مع مصر في هذه المرحلة”، يعدَّها غباشي، مقابلًا إزاء التراجع عن تجميد المساعدات العسكرية.
  • بينما رأى الزيات، أن “الحديث عن حاجة الولايات المتحدة إلى مصر في المسائل العسكرية والسياسية، واتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية (1979)، بات ليس بالدرجة الأولى حيث تملك من التسهيلات في منطقة الخليج ما يستبعد حاجتها لدور مصري”.
  • الأمر الآخر، وفق الزيات “يتمثل في أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، أصبح الجانبان أشد التزامًا بها من واشنطن”.
  • وإزاء تهديدات تجميد المساعدات لمصر، شدد غباشي على ضرورة “تغلّب مصر على قرارات مشابهة مستقبلًا”، على أن “تكون الرسالة المصرية: نحن دولة كبيرة، ودولة التزام في المنطقة علينا عن أن نستغني عن تلك المعونة”.
تاريخ “مهزوز” من المساعدات
  • مرارًا، تعرضت المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر إلى التخفيض، كما حدث عام 1999، حين تم الاتفاق على تخفيضها من نحو 800 مليون دولار إلى حوالي 400 مليون، ثم أصبحت، منذ عام 2009، قرابة 250 مليون دولار فقط، دون تغيير في الشق العسكري، لتبقى نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية.
  • وعقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، صيف عام 2013، جمدت واشنطن جزءًا من مساعداتها العسكرية المقدمة لمصر، قبل أن تتراجع عن القرار أوائل عام 2014.
  • في أغسطس/آب 2017، قررت الإدارة الأمريكية تأجيل صرف 195 مليون دولار إلى مصر “لعدم إحرازها تقدمًا على صعيد حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية”، وهو ما وصفته الخارجية المصرية بـ”الحكم غير العادل”.
  • الأربعاء الماضي، أعلنت واشنطن الإفراج عن تلك المساعدات. وعَزت الخارجية الأمريكي ذلك إلى “استجابة” مصر لمخاوف أمريكية (لم تحددها)، خلال عام من التواصل بين البلدين، وهو ما رحبت به نظيرتها المصرية، وفق تصريحات لمتحدثها أحمد أبو زيد.
المصدر : الأناضول