هل يمثل استهداف منطقة كولمبيا بالخرطوم تمهيدا لفض الاعتصام؟

فجأة صارت منطقة (كولمبيا) تشكل خطرا على أمن الخرطوم وفق المجلس العسكري الانتقالي، ولذلك دفعوا بسيارات محملة بالجنود إلى ميدان أبوجنزير بمحاذاة النيل للتمركز هناك.

كولمبيا هي منطقة متاخمة لشريط النيل الأزرق يحدها من الغرب كوبري القوات المسلحة الرابط بين مديني الخرطوم والخرطوم بحري.
تقع ضمن شريط شارع النيل، وهو أحد الطرق الرئيسية التي تربط وسط العاصمة بغربها وشرقها.
تبعد كولمبيا مسافة أقل من كليو متر واحد عن القصر الجمهوري بالخرطوم ومئات الأمتار عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية.
شهدت هذه المنطقة مؤخراً مناوشات بين الموجودين بها والقوات الأمنية أسفرت في الثامن من رمضان عن مقتل 8 وإصابة آخرين.
تصاعدت الأحداث بالمنطقة مؤخراً لدرجة جعلت المجلس العسكري الانتقالي يصفها بالمهدد للأمن القومي السوداني، من ثم صدور قرار بتفريق التجمعات الموجودة بها.
قوة أمنية مشتركة من الجيش والأمن والشرطة توجهت لتفريق التجمعات إلا أن الكولمبيين تصدوا للقوات النظامية التي عجزت عن إفراغ المنطقة من مرتاديها مع وقوع أكثر من عشرة إصابات.

منتصف نهار السبت 1 من يونيو/تموز2019م بدأت القوات الأمنية التي تمركزت مبكراً بالقرب من منطقة كولمبيا في اقتحام المنطقة مستخدمين سياط غليظة لضرب الشباب مع إطلاق زخات من الرصاص الحي في الهواء.
بحسب بيان من لجنة الأطباء المركزية فإن الرصاص الحي أدى إلى وفاة شاب عشريني وإصابة 11 شخصاً، وتم نقل المصابين للمستشفيات المجاورة، ومع حلول أذان المغرب توقفت المطاردات داخل محيط منطقة كولمبيا وقامت القوات الأمنية بإغلاق شارع النيل.

رافضاً للأحداث بمنطقك كولمبيا، قال تجمع المهنيين وهو أحد المكونات الأساسية لقوى الحرية والتغيير إن المجلس العسكري يخطط بصورة منهجية ويعمل من أجل فض الاعتصام السلمي بالقيادة العامة بالقوة والعنف. 
تحالف المهنيين قال إن العسكري يناور من أجل شراء الوقت ويمارس الإلهاء حول المفاوضات للتغطية على النية المبيتة بخصوص فض الاعتصام.
حزب المؤتمر السوداني دان بشدة التعدي على المدنيين العزل تحت أية ذريعة من الذرائع، وأكد أن الحلول الأمنية لا تصلح كوصفة لحل القضايا السياسية والاجتماعية.

في الأثناء حذر نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان ، الفريق أول محمد حمدان حميدتي، (السبت) من أن تشكيل حكومة مدنية في الأوضاع الحالية، والتي تشهد تصاعدا في المواجهات بين قوات الأمن والمعتصمين المناهضين للمجلس، سيكون نوعا من الفوضى. 
حميدتي في تصريحات صحفية أثناء حفل إفطار رمضاني، أضاف “ليس لدينا مشكلة في تسليم الحكومة للمدنيين، لكن يجب أن تشمل جميع الشعب السوداني”، مضيفا، “سنحسم أي فوضى في البلاد لأجل الحكومة المدنية المقبلة وأن تكون حكومة وطنية وتحكم بهيبة القانون، لكن حكومة مدنية بالأوضاع الحالية ستكون فوضى.

عن أحداث منطقة كولمبيا يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي للجزيرة مباشر الطاهر ساتي إن منطقة كولمبيا موجودة قبل سقوط النظام وظلت تتعرض لملاحقات من قبل شرطة النظام العام قبل سنوات مضت.
ويرى ساتي أن المجلس العسكري الانتقالي أراد أن ينفي سلمية الثورة عبر ذريعة منطقة كولمبيا، وأقر ساتي بوجود إجماع من قبل قوى الحرية والتغيير بضرورة حسم الانفلات بالمنطقة وفرض هيبة القانون، بيد أن ساتي عاد وأكد بأن المنطقة لا تمثل تهديدا أمنيا على البلاد والثورة. 
في السياق نفسه يقول الكاتب الصحفي المختص في شؤون الجريمة والحوادث طارق عبد الله إن منطقة كولمبيا موجودة قبل سقوط نظام البشير، ولكن مؤخراً صارت تشكل خطراً على الأمن وتزايدت البلاغات للمكاتب الشرطية من الممارسات الموجودة بالمنطقة، ويرى طارق عبد الله أهمية فرض هيبة الدولة ومنع الممارسات السالبة والمضرة بالمجتمع عبر وسائل الدولة الرسمية والحاسمة.