هل يجوز دفن موتى كورونا المسلمين في مقابر غير المسلمين؟

حتى مساء السبت، أصاب فيروس كورونا 3 ملايين و430 ألفا، توفي منهم أكثر من 240 ألفا

مع تزايد أعداد ضحايا وباء كورونا، ُطرحت العديد من التساؤلات حول عمليات غٌسل الميت بسبب الإصابة بكورونا وهل يجوز دفن المسلم بدون غسل في تلك الحالة؟

وهل يجوز دفن المسلمين في مقابر غير المسلمين؟ سؤال طرحه جمهور الجزيرة مباشر ويجيب عنه الدكتور خالد حنفي -الأمين العام المساعد للمجلس الأوربي للإفتاء ورئيس لجنة الفتوى في ألمانيا في تصريحات للجزيرة مباشر قائلا: ندعو الله أن يرحم كل من مات بفيروس كورونا وأن يُصبّر أهله، وأن ينزله منازل الشهداء، وأما بخصوص غسله أو تيميمه فالذي أرجحه هو ما صدر عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته الطارئة الثلاثين، والتي خُصصت للنظر في نوازل ومستجدات فيروس كورونا.

 وقد قرر المجلس بعد نقاشات مستفيضة، وسؤال الأطباء العاملين في مناطق الوباء، والاستماع إلى أحد أعضاء المجلس الذي قام عمليا بالتغسيل والتيميم لبعض من مات بكورونا في إيطاليا، قرر المجلس ترجيح دفن الميت المصاب بداء كورونا بالكيس وفي التابوت الذي خرج به من المستشفى، دون تغسيل أو تيمم حتى وإن سُمح به قانوناً.

وذلك  لأن التغسيل أو التيميم مع أخذ الاحتياطات الوقائية للمُغسِّل لا ينفي عنه خطر العدوى، خصوصاً وأن الأخذ بشروط الوقاية للمغسل يحتاج إلى تدريب وخبرة غير مقدور عليها الآن، وإذا كانت الطواقم الطبية يتعرض أعضاؤها إلى العدوى رغم تدريبها ومبالغتها في التحوط من الإصابة، فكيف بمغسِّل لا يمتلك هذه الخبرة ويتصل بالميت اتصالاً مباشراً.

كما أن القواعد الفقهية والنصوص الشرعية تدل على أن المحافظة على حياة الحي الصحيح تُقدم على إقامة السنة أو الواجب في حق الميت، ويكفي في الأحكام اعتبار غلبة الظن المتمثل في انتقال العدوى للمغسل ثم انتقالها منه لغيره، وحياة الحي من رتبة ضروري حفظ النفس، وتغسيل الميت من رتبة تكميلي حفظ الدين، والضروري يقدم على التحسيني.

ونحن في وضع استثنائي يفرض الموازنة في الاختيار والترجيح الفقهي على نحو يحقق الحياة والحماية من العدوى للأحياء قدر الإمكان. فليس النقاش في إمكانية سلامة المغسل من العدوى إن أخذ بالتدابير الوقائية كما صدر عن منظمة الصحة العالمية، وإنما النقاش في كيفية الوصول عمليا بالأخذ بتلك التدابير الوقائية بحق المغسل.

وأما الدفن فالأصل أن يدفن المسلم حيث مات وأن يُعجل بدفنه، ولا أصل لنقل الميت من أوربا إلى وطنه الأصلي بل فيه مخالفة للسنة من وجهين: الأول: تأخير دفنه ربما لأيام، والثاني: حرمانه من أجرٍ بَشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم من مات بغير المكان الذي ولد فيه، وذلك لماَّ ماتَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: يَا لَيْتَهُ مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ، قَالُوا: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ، قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّة”.

والأصل كذلك أن يدفن المسلم في مقابر المسلمين؛ لأنه المعمول به من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وبفضل الله أغلب البلدان والمدن الأوربية بها مقابر خاصة بالمسلمين، فإن تعذر ذلك مع حالة الطواريء الحالية جاز دفن المسلم في طرفٍ من مقابر غير المسلمين، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا يضر المسلم في حالة كهذه أن يدفن في مقابر غير المسلمين، فإن الذي ينفعه في آخرته هو عمله وليس موضع دفنه، قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، وكما قال سيدنا سلمان رضي الله عنه: (الأرض لا تقدس أحداً).   

المصدر : الجزيرة مباشر