نيويورك تايمز: ابن زايد مهندس “صفقة القرن” وأوصل بن سلمان للحكم

محمد بن زايد (وسط) ومحمد بن سلمان (يسار) وجاريد كوشنر(يمين)

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد هو أول من قدم رؤية لتسوية من الخارج للقضية الفلسطينية، وتبنتها إدارة ترمب.

وأضافت الصحيفة في تحقيق معمق لرئيس قسم الشرق الأوسط ديفيد كيرك باتريك أن مقترحات ولي عهد أبو ظبي للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي جوهر خطة مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جاريد كوشنر للسلام، المعروفة إعلاميا بـ “صفقة القرن” وهي المقترحات ذاتها التي رفضتها إدارة أوباما من قبل.

وأوضح التحقيق أن النهج الذي يدافع عنه جاريد كوشنر، صهر ترمب، في التعامل مع تسوية القضية الفلسطينية، يشبه بطريقة ما النهج الذي سعى إليه ابن زايد منذ نهاية إدارة أوباما.

ملخص لما جاء بالتحقيق:
  • ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد دشن حملة للعلاقات العامة في واشنطن لتسويق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
  • قالت الصحيفة نقلا عن دبلوماسيين ومصادر مطلعة، ومنها مقربة من ولي عهد أبو ظبي، إن محمد بن زايد يشعر بحرج أمام السعودية، بعد خلاصة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
  • أشار التحقيق إلى أن ولي عهد أبو ظبي تدخل في معركة ولاية العهد في السعودية لأنه رأى في الرياض عقبة أمام توسع نفوذ أبو ظبي الإقليمي، وبسبب الخلافات الحدودية بين البلدين.
  • هدف حملة بن زايد للعلاقات العامة في واشنطن تلميع صورة الأمير السعودي الشاب وغير المعروف في أمريكا محمد بن سلمان حتى يؤمن له الطريق إلى ولاية العهد.
  • التحقيق أوضح أن محمد بن سلمان أمر بقتل جمال خاشقجي، بعد تحول تدخل أبو ظبي والرياض في اليمن إلى مستنقع، حسب تعبير الصحيفة.
  • حسب الصحيفة فإن محققين أمريكيين يبحثون في احتمال أن يكون رجل الأعمال الإماراتي راشد المالك، المقرب من ولي عهد أبو ظبي، شريكا في مخطط غير قانوني للتأثير على إدارة ترمب.
  • ذكر التحقيق أن مكتب المحقق الخاص روبرت مولر استجوب المستثمر راشد المالك المقرب من دوائر الحكم في أبو ظبي.
  • قالت الصحيفة إن 5 أشخاص ممن عملوا لدى ولي عهد أبو ظبي هم قيد تحقيق جنائي أمريكي على خلفية تحقيقات مولر.
  • التحقيق كشف أن ترمب أعلن دعمه لمليشيا خليفة حفتر في ليبيا الشهر الماضي عقب يوم واحد من اتصال تلقاه من محمد بن زايد، الداعم الرئيسي لحفتر.
ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد (يسار) والرئيس الأمريكي دونالد ترمب (غيتي)
حقائق مهمة عن ابن زايد:
  • وصف تحقيق الصحيفة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد بأنه الحاكم الفعلي للإمارات، كما يعد على نطاق واسع واحدا من أكثر القادة العرب نفوذا في واشنطن والشرق الأوسط.
  • التحقيق قال إن محمد بن زايد (58 عاما) ربما يكون هو أغنى رجل في العالم، حيث يسيطر على صناديق الثروة السيادية لبلاده والتي تبلغ قيمتها نحو 1.3 تريليون دولار.
  • يتمتع بن زايد بنفوذ هائل في الولايات المتحدة، وهو نفوذ لم يكن واضحا في أي وقت أكثر مما هو واضح الآن في عهد الرئيس دونالد ترمب.
  • الدبلوماسيون الغربيون يقولون إن ابن زايد مهووس بعدوين اثنين، هما: إيران والإخوان المسلمين، وقد سعى ترمب إلى التحرك بقوة ضدهما.
  • تبنى الرئيس الأمريكي مرارا المواقف التي يفضلها محمد بن زايد في قضايا تتعلق بإيران وقطر وليبيا والسعودية والإخوان المسلمين، رغم تحفظات الوزراء الأمريكيين ومسؤولي الأمن القومي الأمريكي.
  • لكن الشيخ محمد بن زايد أصبح الآن محور اهتمام المدعين العموم في الولايات المتحدة، بعدما كشف المحقق الخاص روبرت مولر خلال تحقيقه في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، عن أدلة تشير إلى أن ابن زايد حاول مساعدة الروس على فتح القنوات الخلفية للدائرة الداخلية المحيطة بترمب.
نفوذ محمد بن زايد:
  • يمتد نفوذ محمد بن زايد في أغلب أنحاء الشرق الأوسط، ومن مظاهر هذا قواته الخاصة التي تنشط في اليمن وليبيا والصومال وشمال سيناء في مصر.
  • أنشأ سلسلة من الموانئ والقواعد في جميع أنحاء القرن الأفريقي.
  • عمل على إحباط التحولات الديمقراطية في المنطقة، فساعد في تثبيت نظام حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقاد حملة لعزل قطر، التي يعتبرها منافسه الإقليمي.
  • ساهم أيضا في وصول أحد المقربين منه إلى السلطة في السعودية، وهو الأمير محمد بن سلمان، الذي جذب اهتمام الغرب، وخصوصا بعدما خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أنه أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
  • صعود الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة كان مدعوما بجهد كبير بذله ابن زايد في واشنطن.
  • ابن زايد هو أيضا الذي ناقش مع المسؤولين في واشنطن بعض التحركات العدوانية التي قام بها مع الأمير محمد بن سلمان، مثل التدخل العسكري في اليمن، ومحاولتهما عزل قطر، والتي بدأت بعملية قرصنة لوكالة الأنباء القطرية نظمتها الإمارات، وفقا للمحققين الأمريكيين.
شراكته مع واشنطن:
  • في عام 1991، بعد غزو العراق للكويت، جاء الشيخ محمد بن زايد إلى واشنطن لشراء الكثير من الأسلحة، وهو ما أثار قلق مشرعين أمريكيين.
  • ريتشارد كلارك، وهو مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية آنذاك، طمأن المشرعين بأن الإمارات تمثل “قوة من أجل السلام” ولن تكون أبدا “معتديا”. (بعد تركه للحكومة عام 2003، أسس كلارك شركة استشارية عملت على نطاق واسع لصالح الإمارات، وهو يرأس حاليا مركز أبحاث حصل على تمويل إماراتي كبير).
  • حصل الإماراتيون بعد ذلك على أكثر من 80 مقاتلة من طراز إف-16 و30 مروحية أباتشي قتالية.
  • عيّن الشيخ محمد ضباطاً أمريكيين سابقين للمساعدة في إنشاء أجهزة مخابراته.
  • بفضل نصيحة الجنرالات الأمريكيين المتقاعدين، بدأ الشيخ محمد في بناء صناعة دفاع إماراتية محلية، والتي تصدر بالفعل مركبات مصفحة إماراتية إلى ليبيا ومصر.
  • على خلاف أية دولة عربية أخرى، نشرت الإمارات قواتها إلى جانب الجيش الأمريكي في ستة صراعات مسلحة: في العراق وكوسوفو والصومال وأفغانستان وليبيا وضد تنظيم الدولة.
  • عبر هذه المشاركة أصبحت القوات الإماراتية قادرة على القيام بعمليات عسكرية خارج الحدود، وهو ما يستخدمه الآن الشيخ محمد.
محمد بن زايد ومخالفة السياسة الأمريكية في المنطقة:
  • عمل بن زايد ضد الانتقال إلى الديمقراطية في مصر، وتحدى الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على تسليح اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وتجاهل المساعي الأمريكية لإنهاء خلافه مع قطر، التي تستضيف قاعدة العديد الجوية الأمريكية.
  • أسفرت العديد من تدخلاته عن نتائج مرتبكة فمازالت الحكومة المصرية تعتمد على مليارات الدولارات من المساعدات التي تأتيها من الإمارات ومن حلفائها الخليجيين.
  • على الرغم من المساعدة الإماراتية والضربات الجوية الإسرائيلية لم تتمكن القاهرة حتى الآن من القضاء على مسلحي تنظيم الدولة في شمال سيناء.
  • لم يُجد عزل قطر نفعا، ولم يحملها على تغيير سياساتها.
  • اليمن تحول إلى مستنقع عسكري وكارثة إنسانية.
  • أما في ليبيا، فقد علق خليفة حفتر في مستنقع دموي من الصراع الذي بات عاجزاً عن حسمه.
  • نجم عن تدخل الشيخ محمد في القرن الأفريقي إشعال التنافس على النفوذ مع خصومه مثل تركيا وقطر.
  • في العام الماضي لجأت جيبوتي إلى استقدام إدارة صينية لمينائها بدلا من الإدارة الإماراتية.
  • تعليقا على تزويد الولايات المتحدة للإمارات بتكنولوجيا المراقبة المتقدمة وقوات الكوماندوز والأسلحة، قالت تمارا كوفمان ويتس، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية والباحثة في معهد بروكينغز: “لقد خلقنا فرانكنشتاين صغيرا”.
ولي عهد أبو ظبي (وسط) واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر(يسار) والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (مواقع التواصل)
اهتمام الادعاء الأمريكي ببن زايد:
  • يخصص الشيخ محمد عشرات الملايين من الدولارات سنويًا لتوظيف مسؤولين أمريكيين سابقين، ودفع أموال لجماعات الضغط، والتبرع للجمعيات الخيرية التي تهتم بها واشنطن ومراكز البحوث في المدينة.
  • قبل أن يتولى ترمب منصبه، تمكن الشيخ محمد من ترتيب لقاء سري مع صهر الرئيس المنتخب جاريد كوشنر.
  • حاول ابن زايد أيضا التوسط في محادثات بين إدارة ترمب وروسيا، وتحول إلى ممول وصديق لريتشارد جيرسون، صديق كوشنر، كي يقدم له العون.
  • قام أحد أشقاء الأمير محمد الأصغر منه سناً بتعريف السيد جيرسون على رجل أعمال روسي يقوم بدور ضابط اتصال بين الرئيس فلاديمير بوتين ودول الخليج العربي، بحسب ما ورد في تقرير المحقق الخاص روبرت مولر.
  • التقى رجل الأعمال الروسي كيريل دميترييف وأسر إليه بشأن “خطة مصالحة” بين الولايات المتحدة وروسيا، وقبل تنصيب ترمب بوقت قصير سلم جيرسون ملخصاً للخطة إلى السيد كوشنر.
  • لاحقا دعا الشيخ محمد السيد دميترييف إلى منتجع إماراتي في جزر سيشيل للالتقاء بشخص آخر كانوا يظنون أنه يمثل فريق ترمب. لكنه كان إيريك برينس، مؤسس شركة “بلاك ووتر” الأمنية سيئة السمعة، والذي كان يجند المرتزقة لصالح دولة الإمارات.
  • تواصل جهات الادعاء الأمريكية فحص أنشطة ما لا يقل عن 5 مبعوثين أو عملاء يعملون لصالح الشيخ محمد حاولوا التقرب من الرئيس ترمب.
  • يبحث تحقيق أمريكي آخر في احتمال أن تكون الإمارات قد استخدمت تقنيات التجسس الإلكتروني، التي حصلت عليها من عملاء أمريكيين سابقين، في التجسس على مواطنين أمريكيين.
  • رغم كونه زائرا منتظما للولايات المتحدة منذ ثلاثة عقود، لم يقم الشيخ محمد بن زايد بأي زيارة للولايات المتحدة منذ عامين، ويرجع هذا جزئيًا إلى مخاوفه من أن المدعين العموم قد يسعون لاستجوابه أو استجواب مساعديه، وفقًا لمصدرين مطلعين.
أسلوبه الشخصي:
  • المسؤولون الأمريكيون يصفون الشيخ محمد على الدوام بأنه قليل الكلام ومحب للاستطلاع ومتواضع.
  • لتوضيح حبه لأمريكا، يخبر زائريه أنه اصطحب أحفاده متخفيا إلى عالم ديزني.
  • يقول الشيخ محمد بن زايد لزائريه الأمريكيين إن كراهيته لجماعة الإخوان المسلمين جاءت من تجربة مباشرة عندما حاول أحد المعلمين تلقينه بعض الأفكار.
  • يرى الشيخ محمد أن العالم العربي ليس جاهزًا للديمقراطية لأنه سينتخب الإسلاميين.
  • يؤكد ابن زايد في حديثه مع المسؤولين الأمريكيين على الليبرالية النسبية لدولة الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، فنحو ثلث وزرائها من النساء، كما يُسمح للمسيحيين والهندوس والسيخ ببناء دور عبادة، على عكس الدول العربية المجاورة.
  • رغم أن المنتقدين يلاحظون أن السلطات الإماراتية لا تتسامح مطلقًا مع المعارضة السياسية فقد أنشأ الشيخ محمد “وزارة التسامح” وأعلن عام 2019 “عام التسامح” الرسمي.
  • الشهر الماضي، ألقى جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي السابق، محاضرة في أبو ظبي برعاية من الشيخ محمد.
  • كان ماتيس قد كشف عندما انضم إلى إدارة ترمب، أنه تلقى 242 ألف دولار أمريكي على شكل رسوم سنوية بالإضافة إلى خيارات أسهم قيمة بوصفه عضو مجلس إدارة في شركة جنرال ديناميكس، والتي لها مصالح تجارية كبيرة في أبو ظبي. كما عمل ماتيس مستشارا بلا أجر لدى الشيخ محمد بن زايد.
  • في محاضرته تلك قال السيد ماتيس متسائلا: “إنه عام التسامح. كم بلدا في العالم يحتفل الآن بعام التسامح؟ لا أعرف بلداً واحداً يفعل ذلك سواكم، أنتم النموذج الذي يحتذى به”.
المصدر : الجزيرة مباشر + نيويورك تايمز