ناشط يكشف بيع إسرائيل الأسلحة لميانمار

ناشط حقوق الإنسان والمحامي الإسرائيلي إيتاي ماك

لم تكشف الحكومة الإسرائيلية رسميا عن الأسلحة التي باعتها للنظام العسكري في ميانمار، ولكن صورا نشرها النظام، وتصريحات رسمية، أظهرت الأمر، الذي لم تنفه الحكومة الإسرائيلية لاحقا.

وبدأت القصة عندما تتبع ناشط حقوق الإنسان والمحامي الإسرائيلي إيتاي ماك، تطورات العلاقة العسكرية الإسرائيلية مع نظام ميانمار، منذ عام 2015، وربطها بالجرائم التي نفذها نظام ميانمار ضد مسلمي الروهينغيا، ما قاده مطلع العام الجاري 2017 إلى تقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، مطالبا بوقف بيع السلام إلى النظام هناك.

عدم نفي الحكومة الإسرائيلية لما ورد في هذا الالتماس وجّه الأنظار في إسرائيل والعالم، إلى ما حرصت الحكومة على إخفاؤه وهو بيع السلاح لنظام يمارس الجرائم بحق الإنسانية.

وقال ماك إنه تابع التطورات في ميانمار منذ سنوات، وإنه في سبتمبر/أيلول 2015 لاحظ من خلال الحساب الشخصي على فيسبوك لقائد الجيش في ميانمار، الجنرال مين أونغ هلاينغ، أنه يزور إسرائيل على رأس وفد كبير من بلاده، يضم أشخاصا معروفين بأنهم نفذوا جرائم حرب في بلدهم.

وأضاف أن الوفد زار مقار كبرى الشركات العسكرية الإسرائيلية وقواعد عسكرية، وهناك وسائل إعلام في ميانمار قالت في حينه إن الوفد اشترى أسلحة وأن عناصر من الجيش تتلقى تدريبا على يد إسرائيليين، وقال إنه لا توجد معلومات حول الأسلحة التي تم بيعها “لكننا حصلنا على معلومة تفيد ببيع إسرائيل للنظام سفينة حربية”.

وأضاف أنه في أكتوبر/تشرين أول 2016 بدأ النظام العسكري عملية واسعة ضد مسلمي الروهينغيا، ولذلك توجه إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية بطلب لوقف بيع السلاح إلى ميانمار وهم بطبيعة الحال رفضوا، فقرر ماك تقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية (أعلى هيئة قضائية في إسرائيل) بطلب الزام الحكومة بوقف بيع السلاح إلى النظام في ميانمار.

كان ذلك في شهر يناير/كانون الثاني 2017 ولا يزال الالتماس قيد النظر، وقد انضم إليه 10 نشطاء حقوق إنسان من إسرائيل.

وعادة، لا تنشر الحكومة الإسرائيلية معلومات عن صفقات بيع الأسلحة التي تبرمها مع الدول المختلفة، واعتمد ماك على معلومات منشورة، ولكن الحكومة الإسرائيلية لم تنفِ أنها تقوم بتصدير السلاح إلى ميانمار، وتقوم بعمليات التدريب، كما لم توافق الحكومة الإسرائيلية على نشر تفاصيل ما تقوم به.

وتابع ماك أنه لو لم يكن هناك تصدير أسلحة إلى ميانمار، لما واصلت المحكمة النظر في هذه القضية، لأن المحكمة لا تبحث في أمور افتراضية، ولو لم يكن هناك بيع للأسلحة لما انعقدت المحكمة للنظر في الالتماس.

كما وجهت إحدى أعضاء الكنيست الإسرائيلي استجوابا لوزير الدفاع أفيغدور ليبرمان عن بيع السلاح إلى ميانمار في 5 يونيو/حزيران 2017، وكان رده أن منصة الكنيست ليست المكان الملائم لبحث تفصيلي في المسألة.

ومع تصاعد التقارير في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية عن جرائم يرتكبها نظام ميانمار ضد مسلمي الروهينغيا، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الانعقاد للنظر في الالتماس الاثنين الماضي، في جلسة مغلقة دون إبداء سبب.

وأضاف ماك “في مساء اليوم التالي طلبت الدولة من المحكمة فرض حظر على قرار المحكمة والجلسة والالتماس ورد الحكومة، ولكن المحكمة رفضت فرض حظر على المداولات وعلى الالتماس واكتفت بفرض حظر على قرارها”.

وقال إنه سيتم تنظيم مظاهرة الخميس أمام منزل رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) في القدس للاحتجاج على بيع السلاح إلى ميانمار والمطالبة بوقفه، ولكن حتى الآن لم تصبح هذه قضية رأي عام في إسرائيل.

وتابع ماك “أعتقد أنه بدون حراك شعبي واسع، وبدون ادانة دولية لإسرائيل، فإن تصدير الأسلحة الإسرائيلية إلى ميانمار سيتواصل، وأنا لا اتحدث عن بيع السلاح فقط وإنما أيضا عن التدريب ونقل المعرفة العسكرية التي من الممكن أن تستخدم في تنفيذ الجرائم ولذا هي ليست فقط مسألة بيع سلاح”.

وأضاف أن الأمر سيكون بمثابة تحديا صعبا لأن إسرائيل تبيع السلاح منذ عقود ليس فقط لميانمار وإنما لأنظمة ديكتاتورية أخرى أيضا، ورأى أنه فيما يتعلق ببيع السلاح إلى ميانمار، فإن المسألة ليست المال وإنما شراء الولاء السياسي وقضية المصالح، فمعلوم أن ميانمار هي واحدة من الحلفاء الأطول عمرا في آسيا لإسرائيل.

ولفت ماك إلى أن العلاقات الدبلوماسية قائمة بين البلدين منذ خمسينيات القرن الماضي، وإسرائيل تبحث دائما عن أصدقاء وداعمين في المنظمات الدولية بدون شروط، من أجل استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية إلى الأبد، وميانمار تدعم إسرائيل بدون شروط.

ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع ميليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهينغيا المسلمة، أسفرت عن مقتل آلاف وتشريد عشرات الآلاف من الأبرياء، حسب ناشطين محليين.

وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن عدد مسلمي الروهينغيا الفارين إلى بنغلاديش، من إقليم أراكان ارتفع إلى نحو 508 آلاف شخص.

وفي 19 سبتمبر/ أيلول الجاري، دعت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية الحقوقيتان الدوليتان، مجلس الأمن للضغط على حكومة ميانمار لوقف التطهير العرقي بحق الروهينغيا.

المصدر : الأناضول