موريتانيا: أول انتقال سلمي للسلطة بين العسكريين

رئيس المجلس الدستوري جالو مامادو باتيا (يمين) الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز (وسط) الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني (يسار)

سلم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز رئاسة موريتانيا لوزير دفاعه السابق الجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني، وسط حضور أفريقي كبير وغياب عربي ملحوظ.

انتقال عسكري “سلمي”:
  • لأول مرة في موريتانيا يسلم رئيس السلطة لرئيس منتخب بعد فترتين رئاسيتين، ففي السابق ظل التناوب على السلطة يتم عبر الانقلابات العسكرية، باستثناء انتقال السلطة في أبريل 2007، حين سلم رئيس المجلس العسكري الراحل ولد محمد فال رئاسة موريتانيا لأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
  • خلال عام 2018 حاول مقربون من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إجراء تعديل دستوري لفتح مدد الرئاسة أمامه، حيث ينص الدستور على مدتين فقط، لكن مصادر متواترة تؤكد أن قيادة الجيش الموريتاني لم تعط الضوء الأخضر لهذا المسار، ما جعل الرئيس يعدل عنه قبل نهاية مدته بـ 6 أشهر فقط.
  • تبادل ولد عبد العزيز وولد الغزواني عبارات المجاملات على منصة التنصيب، فقال ولد عبد العزيز في خطابه الأخير إنه يغادر رئاسة البلاد وهو مطمئن عليها، واصفا ولد الغزواني بأنه “صديق عزيز وذو أخلاق عالية وعلى وعي بالوضع المحلي والقاري والدولي”.
  • توجه ولد الغزواني للرئيس السابق بقوله؛ إنه سيدخل التاريخ الموريتاني من أوسع أبوابه نظرا لما ترك من انجازات كبرى، كما أنه ختم فترته بتسليم السلطة سلميا وعبر صناديق الاقتراع.
رئيس المجلس الدستوري ينصب الرئيس الجديد (الجزيرة مباشر)

ويصف مراقبون أن عملية انتقال السلطة لولد الغزواني يمثل انتقالا سلميا للسلطة بين العسكريين.

وعود في كل اتجاه:
  • الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني جدد التأكيد على وعوده الانتخابية، وقال في خطاب ألقاه بعيد أدائه اليمين القانونية أمام المجلس الدستوري، ظهر الخميس الماضي، إنه سيكون رئيسا لجميع الموريتانيين “مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية وخياراتهم الانتخابية”.
  • ولد الغزواني: سأبدأ من هذه اللحظة الشروع في بناء دولة قوية ومتطورة، لتوريث الأجيال القادمة وطنا يحتل مكانة عالية بين بلدان وشعوب العالم، مضيفا “أن الانتخابات الأخيرة ذات دلالة خاصة بالنسبة للشعب والوطن فلأول مرة يتم تداول سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين تكريسا للدستور”.
  • قال القيادي في المعارضة الموريتانية والأمين العام لحزب اتحاد قوى التقدم محمد المصطفى ولد بدرالدين إن الوعود التي قدمها ولد الغزواني جميلة والخطاب جميل، لكن الإمكانات محدودة، فــ” الرجل ورث تركة ثقيلة”.
  • أضاف بدر الدين في تصريح لموقع “الجزيرة مباشر” أن الديون الموريتانية تساوي ناتج الدخل القومي، كما أن “الاقتصاد محطم والحالة الاجتماعية يرثى لها، نظرا لوجود جيوش من العاطلين عن العمل، والحالة السياسية ليست على ما يرام”.
  • أوضح أن المعارضة الموريتانية لم تعترف بالنتائج لأنها “مزورة”، ولذلك فالأزمة السياسية ستظل قائمة بين الرئيس المنتخب والمعارضة، مطالبا الرئيس الجديد بفتح حوار مع المعارضة والقيام بتدقيق عام للوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد من أجل معاجلة الاختلالات القائمة.
  • خلص بدرالدين إلى القول إن ما حصل انتقال سلمي للسلطة لكنه ليس انتقالا ديمقراطيا، لأن العملية الانتخابية لم تكن شفافة، ولم تتوافر فيها شروط النزاهة المطلوبة.
الرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد الغزواني يلقي خطاب تنصيبه (الجزيرة مباشر)
حضور أفريقي وغياب عربي:
  • حضر 11 رئيسا أفريقيا حفل تنصيب ولد الغزواني؛ أبرزهم رؤساء (السنغال، مالي، غامبيا، بوركينافاسو، النيجر، تشاد)، فيما لم يحضر أي زعيم عربي حفل التنصيب، الذي اعتبر في نواكشوط اختبارا لقوة الدبلوماسية الموريتانية.
  • رأى الباحث والمحلل السياسي الحافظ ولد الغابد أن الدول الإفريقية تنظر إلى موريتانيا بوصفها الدولة الجسر التي تربط بين العالم العربي وأفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي فهم يأتون إليها باستمرار ويحتفظون معها بعلاقات قوية يعكس ذلك مستوى الوفود الرفيعة التي تحضر غالبا لأي مناسبة في نواكشوط.
  • أضاف الغابد في تصريحات لـ “موقع الجزيرة مباشر” أن الأشقاء العرب يرون موريتانيا دولة هامشية، لا تأثير لها في الإقليم، ولذلك عندما يشاركون في الأنشطة التي تدعو إليها موريتانيا إنما يبعثون إليها وكلاء الوزارات أو وزراء عاديين.
  • الغابد: بعض الأنظمة الخليجية لا تحتفي كثيرا بالسقف الديمقراطي “العالي” بموريتانيا، لذلك يبدو تفاعلها مع المناسبات الانتخابية والديمقراطية في موريتانيا ضئيلا وضعيفا، ربما خوفا من تأثر شعوبها بهذا النموذج الذي سارت إلى وأده غداة اندلاع الثورات العربية وما تتربت عليها من استحقاقات ديمقراطية (في مصر واليمن وليبيا وتونس).
رئيس النيجر ممادو إيسوفو رفقة رئيس الكونغو دينيس ساسو انكيسو (الجزيرة مباشر)
خلفيات:
  • ولد الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني (62 عاما) في مدينة بومديد، وسط موريتانيا، لعائلة صوفية ذات أتباع ومريدين كثر، ودخل الجيش الموريتاني عام 1978على خلاف أقرانه في المحيط الاجتماعي، الذين يتوجهون عادة لدراسة العلوم الشرعية.
  • ترقى ولد الغزواني سريعا في المؤسسة العسكرية، حتى أصبح الرجل الثاني فيها، وقاد انقلابين عسكريين رفقة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
  • الانقلاب الأول في 3 من أغسطس/آب 2005 ضد الرئيس معاوية ولد الطائع، والثاني ضد أول رئيس مدني منتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في 6 أغسطس 2008.
  •  تولى ولد الغزواني قيادة أركان الجيش الموريتاني ما بين 2008- 2018، وأحيل إلى التقاعد في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتولى مباشرة وزارة الدفاع لمدة 4 أشهر، قبل أن يستقيل ويعلن ترشحه للانتخابات الرئاسة التي جرت في 22 من يونيو/حزيران 2019، وفاز في الدور الأول بـ 52 في المئة.
المصدر : الجزيرة مباشر