منذ انطلاق “عاصفة الحزم” كيف ذُبحت الشرعية اليمنية من الوريد إلى الوريد؟

أفراد من قوات الحزام الأمني التابع للإمارات يقفون فوق دبابة خلال اشتباكات مع القوات الحكومية في عدن

“إلى قيادة التحالف، أصبح حديثكم عن دعم الشرعية في اليمن يثير السخرية، ويدعو للضحك والبكاء في آن معاً”

“عن أية شرعية تتحدثون وقد ذبحتموها من الوريد إلى الوريد؟ لم يفعل الحوثي بالشرعية مثلما فعلتم بها!”.

كانت هذه هي التغريدة التي دوّنها مستشار رئيس الجمهورية اليمنية نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبد العزيز جباري المقيم في الرياض، عقب نجاح الانقلاب في جنوب اليمن، وسقوط مدينة عدن بيد المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.

تحدث المستشار جباري عن حجم الكارثة التي تسبب بها تحالف الرياض وأبو ظبي، ووصفها بكونها فاقت ما قامت به جماعة الحوثي، وذبحت الشرعية من الوريد إلى الوريد، لكن كيف ذبحتها؟

نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبد العزيز جباري

في تسجيل مصور هو الأحدث، كشف وزير الداخلية نائب رئيس الوزراء اليمني اللواء أحمد الميسري، أن المواجهات التي استمرت في مدينة عدن لمدة أربعة أيام هي حرب يمنية إماراتية، وأن المليشيات المسلحة، ما هي إلا أدوات تعمل بالأجرة اليومية لصالح أبو ظبي، وبعتاد عسكري إماراتي.

 بارك الميسري لأبو ظبي ذلك الانتصار، الذي يمثل الانقلاب الثاني على الشرعية، وصرح وزير الدولة لشؤون مجلس الشورى والنواب اليمني، محمد الحميري، بأن الدماء التي سفكت من كل الأطراف هي دماء يمنية، بتمويل إماراتي، وأن ما يحصل هو انقلاب مكتمل الأركان، بدعم وتمويل إماراتي.

وكانت القوات الإماراتية قد دخلت إلى مدينة عدن في يونيو/ حزيران 2015، ضمن قوات التحالف، بحجة إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الشرعية، غير أنها قامت، فور خروج الحوثيين من عدن، بتشكيل مليشيات مسلحة خارج منظومة الجيش اليمني، وقامت بتدريبهم وتمويلهم حتى انتهت بانقلاب على الشرعية في عدن.

الرياض والصمت المريب:

لم تكن الرياض خارج دائرة الاتهام، فقد أضاف الميسري، في تسجيله المصور، أن المواجهات المحتدمة قوبلت بالصمت المريب والتجاهل من قبل الرياض، في وقت كان الجيش اليمني يقاتل، بأسلحة محدودة، جيشًا معدًا بأحدث الأسلحة الإماراتية، من بينها 400 عربة عسكرية، توزعت على جميع مربعات عدن.

وقد وصف مراقبون التجاهل السعودي الذي قوبلت به الشرعية، رغم مناشدات بعض المسؤولين بالتدخل العاجل لدعم قوات الشرعية، بأن الرياض، الذي تزعم دعم الشرعية، ووقوفها بجانبها، هي في الحقيقة جزء من تلك المؤامرة التي أفضت إلى تسليم عدن للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، والمتمرد على الشرعية، وأن ما حدث رغبة سعودية بتسليم جنوب اليمن لدولة الإمارات، تمهيدا لإيجاد صيغة تعطي الشمال للحوثيين، بشروط سعودية، تضمن أمن المملكة وحدودها الجنوبية، بما يضمن خروجا مشرفا للرياض، من مستنقع عسكري غرقت فيه خلال أربع سنوات، وبما يؤدي إلى تعليق نزاع مع إيران، أو هدنة طويلة الأمد مع الحوثيين.

السياسي الأبرز في قيادة الشرعية عبد العزيز جباري، لم يحمّل أبو ظبي، وحدها، مسؤولية ما حدث في عدن، كما هو الحال لدى بعض المسؤولين اليمنيين المقيمين في الرياض، الذين درجوا على حصر المسؤولية بأبوظبي، بل ألقى باللائمة على التحالف الذي تقوده الرياض، وهو ما يشير إلى تورط السعودية بشكل مباشر، كما أن حديثه تجاوز جزئية صمت وخذلان الرياض، إلى تحميلها المسؤولية عن انقلاب “عدن”.

وكانت قيادة التحالف في الرياض، قد أصدرت أمرا بإيقاف إطلاق النار، غير أن ذلك الأمر، جاء بعد انتهاء المواجهات وسقوط عدن بشكل كامل بيد المجلس الانتقالي، وهو ما بدا ضوءًا أخضر لحسم المعركة لصالح المجلس الانتقالي.

الشوكة التي قوت:

منذ انطلاق العملية العسكرية التي قادتها السعودية في 26 مارس 2015، بهدف إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الشرعية، أصبح الحوثي أقوى من أي وقت مضى، ففي حين كان، في بداية الانقلاب، ميلشيا متمردة، صار اليوم سلطة أمر واقع، في نظر المجتمع الدولي، وصار يجلس ندا لند مع الحكومة الشرعية، ضمن طاولة حوار واحدة، ترعاها الأمم المتحدة، كان آخرها محادثات ستوكهولم، في ديسمبر/ كانون الأول 2108، التي وصفت الجانبين، بـ”أطراف الصراع”، في وصف يحمل معنى النديّة والمساواة بين الجانبين.

وفي ظل حديث التحالف عن تحرير نحو 80 % من الجغرافيا اليمنية، مقابل سيطرة الحوثيين على 20 %، يكشف وزير حقوق الإنسان اليمني في الحكومة الشرعية، محمد عسكر، في مقابلة له، في يونيو/حزيران الماضي، عن خضوع نحو 80 % من السكان اليمنيين لسيطرة الحوثيين، وهو ما يكشف أن الحوثيين يسيطرون على الكتلة البشرية الأكبر، ويستفيدون منهم في دعم وتغذية الحرب.

إضعاف الشرعية:

في مقابل تقوية شوكة الحوثيين، عمل تحالف الرياض أبو ظبي خلال الأربع السنوات التي مضت، على إضعاف سلطة الحكومة الشرعية وتقويضها لصالح الانقلابيين الحوثيين، وكان اللواء محسن خصروف رئيس دائرة التوجيه المعنوي اليمني، والرجل الأبرز في الجيش الوطني اليمني، قد صرح في يونيو/حزيران الماضي، بأن علاقة الشرعية بالتحالف هي علاقة “ارتهان”، حيث لم يقم التحالف بتمكين الجيش الوطني من أسباب النصر، ولم يتم منحه أدوات الانتصار، وأضاف خصروف: “أنه في الوقت الذي يتلقى الحوثيون الدعم من إيران بجميع أنواع الأسلحة، من الصواريخ الباليسيتة وحتى الطائرات المسيرة، لا يأتمن التحالف الشرعية حتى على مدفع أو دبابه، بل يريدها أن تواجه بالآليات الخفيفة والأسلحة المتوسطة التي لا تحسم حربا”، حد قوله.

يضيف اللواء خصروف: “مع الأسف الشديد، أتت الأوامر بإيقاف معركة صنعاء، في “فرضة نهم”، على مشارف صنعاء، وكذلك الحال في المعارك الأخرى، باستثناء معركة عدن، الذي حررها التحالف وسلمها للإمارات”.

وكان اللواء خصروف قد كشف في يناير/كانون الثاني 2010، إنه يتم إعاقة تقدم الجيش الوطني اليمني، ومن ضمنها إعاقة تقدمه في معركة الحديدة، التي كانت على وشك الحسم لصالح الجيش الوطني، وأضاف لو أتيح المجال للجيش الوطني، لكان قد حسم المعركة قبل عامين”، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة مباشر