مفاوضات سودانية في القاهرة.. ما الذي تخطط له المخابرات المصرية؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مستقبلا رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان

طرحت السلطات المصرية ممثلة في المخابرات العامة مبادرة لتسوية الخلاف بين الجبهة الثورية وبين قوى الحرية والتغيير السودانية.

في الوقت الذي يستعد فيه المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير للتوقيع رسمياً، على الوثيقة الدستورية المخصصة لحكم الفترة الانتقالية، في السابع عشر من أغسطس/ آب.

اعتراض وتحفُّظ
  • الجبهة الثورية المكونة من الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة مالك عقار وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أظهرت اعتراضاً شديداً على الوثيقة الدستورية التي وقتها قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري بالأحرف الأولى في الرابع من أغسطس/ آب.
  • الجبهة الثورية قالت إن الوثيقة الدستورية لم تتضمن ما توصلت إليه مع قوى الحرية والتغيير في المحادثات التي جرت بينهما في الرابع والعشرين من يوليو/ تموز الماضي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
  • المحلل السياسي الطيب نورين أشار إلى أن الجبهة الثورية طالبت بتضمين اسمها في الوثيقة الدستورية من خلال نص واضح، بدلاً من الإشارة إلى كل الحركات المسلحة بصفة عامة، على نحو ما ورد في النص الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى.
  • نورين أكد لـ(الجزيرة مباشر) أن الجبهة الثورية شددت على ضرورة أن تسود أحكام الاتفاق الذي سيُبرم معها في حالة حدوث أي تعارض مع الوثيقة الدستورية، أو أي قانون آخر.
  • وأضاف: ربما هذا ما دفع السلطات المصرية لتقديم مبادرة لجمع الجبهة الثورية مع قوى الحرية والتغيير لتجاوز الخلافات قبل السابع عشر من أغسطس/ آب، الموعد المحدد للتوقيع رسمياً على الوثيقة الدستورية.
  • بالمقابل، أظهرت قيادات بارزة في قوى الحرية والتغيير عدم حماسها للمحادثات التي تجري مع الجبهة الثورية في العاصمة المصرية القاهرة، بحجة أن الدعوة جاءت من المخابرات المصرية بدلاً من الجهات السياسية.
  • مصادر مطلعة قالت لـ(الجزيرة مباشر) إن اجتماع قوى الحرية والتغيير الذي جرى في مقر حزب البعث العربي الاشتراكي بالخرطوم في ساعة متأخرة من الجمعة، خلُص إلى أنه من الأفضل أن تكون المحاثات مع الجبهة الثورية داخل الخرطوم، بخاصة عقب قرار المجلس العسكري الانتقالي الذي قضى بإسقاط حكم الإعدام عن قادتها.
  • المصادر أشارت إلى أن بعض قادة قوى الحرية والتغيير اقترحوا المشاركة في محادثات القاهرة تفادياً للتوتر الذي يمكن أن يحدث مع الحكومة المصرية، حال رفض الدعوة، وبناء على ذلك خلُص الاجتماع إلى إرسال وفد محدود العدد والتفويض للمحادثات التي اقترحتها المخابرات المصرية مع الجبهة الثورية.
  • وضم وفد الجبهة الثورية الذي وصل إلى القاهرة رئيس الحركة الشعبية – شمال، مالك عقار ونائبه ياسر عرمان، ورئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم.
  • بينما ضم وفد الحرية والتغيير إلى القاهرة علي الريح السنهوري، إبراهيم الأمين، عمر الدقير، مدني عباس مدني، كمال إسماعيل وبابكر فيصل. 

شكوك وتخوفات
  • الدعوة التي أطلقتها المخابرات المصرية لجمع الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير، في محادثات جديدة لتجاوز الخلاف حول الوثيقة الدستورية، رأى مختصون أنها تهدف لخدمة الأجندة المصرية، أكثر من كونها تسعى لتسوية المشكلة، لجهة أن ملاحظات الجبهة الثورية لن تؤدي لنسف الاتفاق، وأن تضمينها في الوثيقة ليس أمراً شائكاً.
  • أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية محمود أبارو، يرى أن التوقيع على الوثيقة بالأحرف الأولى لا يعني أنها أضحت نهائية، أو أنها لن تخضع للتعديل.
  • أبارو أكد لـ(الجزيرة مباشر) أن الخلاف ليس بين طرفين مختلفين، وإنما بين طرف واحد، لأن الجبهة الثورية هي أصلاً جزء من قوى الحرية والتغيير، وأنها كانت ضمن وفد التفاوض مع المجلس العسكري، وبالتالي لا يحتاج حسم الخلاف إلى وسيط خارجي، ما لم يكن هذا الوسيط – والحديث لمحمود – يطمح لتحقيق أجندته الخاصة. 
  • وشكك محمود في نوايا المخابرات المصرية التي دعت الطرفين للحوار في القاهرة، ولفت إلى أنها كانت تساند الرئيس المعزول عمر البشير، من خلال فريق أمني ظل موجوداً في الخرطوم حتى قبل أيام قليلة من الإطاحة بالنظام.
  • وأضاف: يبدو أن القاهرة أرادت أن يكون لها دور مؤثر في الشأن السوداني، لقطع الطريق على التمدد الإثيوبي في الملف السوداني، بخاصة عقب نجاح الوساطة التي قادها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتسوية الخلاف بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي. 
  • محمود أشار إلى أن العلاقة بين المعارضة السودانية والحكومة المصرية لم تكن عامرة، وبخاصة في السنوات الأخيرة، وقال إن هذا يؤكد أن وفد قوى الحرية والتغيير ربما ذهب للقاهرة مكرهاً ومضطراً.
  • كانت الحكومة المصرية سلمت عدداً من المعارضين السودانيين إلى نظام الرئيس المعزول عمر البشير، كما طردت عدداً من المعارضين من أراضيها أبرزهم رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي. 
  • المحلل السياسي الطيب نورين، رأى أن الحكومة المصرية تخطط لهيكلة القوات السودانية بما يضمن إبعاد الضباط المحسوبين على التيار الإسلامي، وبناء على ذلك استغلت مطالب الجبهة الثورية الداعية لتكوين جيش قومي جديد. 
  • كانت الجبهة الثورية طالبت بأن يتم تضمين نص في الوثيقة الدستورية لتشكيل القوات النظامية من الجيش والشرطة والأمن لتكون قوات قومية مهنية ومستقلة لا تتبع لحزب أو مجموعة سكانية معينة وأن يكون ولاؤها للسودان.
  • المحلل السياسي أكد أن محادثات مصر ليست بعيدة عن المشاورات التي جرت في الإمارات بين عدد من الأحزاب والحركات المسلحة السودانية، من خلال ما يعرف في السودان بوثيقة أبو ظبي التي حاولت من خلالها الإمارات احتواء الثورة السودانية.
المصدر : الجزيرة مباشر