مصر.. منظمة العفو توثق دور نيابة أمن الدولة في قمع منتقدي النظام

سجون مصر- أرشيفية

أصدرت منظمة العفو تقريرًا جديدًا يظهر كيف دأبت نيابة أمن الدولة العليا في مصر على إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب لملاحقة المنتقدين السلميين للنظام.

وطالبت المنظمة، الحلفاء الدوليين لمصر ألا يضحوا بمبادئهم من أجل العلاقات التجارية والأمنية، وممارسة الضغط عليها لحملها على إصلاح جهاز نيابة أمن الدولة العليا، والإفراج عن جميع المعتقلين بسبب تعبيرهم السلمي عن آرائهم أو الدفاع عن حقوق الإنسان.

إساءة استخدام قانون مكافحة الإرهاب
  • يكشف التقرير الصادر تحت عنوان (حالة الاستثناء الدائمة) عن دور نيابة أمن الدولة العليا، وهي فرع خاص من النيابة العامة يتولى المسؤولية عن التحقيق في القضايا التي تنطوي على تهديد لأمن الدولة.
  • التقرير تحدث عن دور النيابة في حالات الاخفاء القسري، والحرمان التعسفي من الحرية، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة، حيث احتجزت الآلاف من الأشخاص فترات طويلة لأسباب ملفقة، وأطلقت لنفسها العنان في انتهاك حقوقهم في محاكمة عادلة.
  • وفق المنظمة، وسعَّت نيابة أمن الدولة العليا تعريف الإرهاب في مصر اليوم ليشمل المظاهرات السلمية، والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، والأنشطة السياسية المشروعة.
  • التقرير: هذا التوسيع أدى إلى معاملة المنتقدين السلميين للحكومة باعتبارهم أعداء للدولة، وأصبحت نيابة أمن الدولة العليا بمثابة أداة أساسية للقمع، هدفها الرئيسي فيما يبدو هو الاعتقال التعسفي للمنتقدين وتخويفهم – كل هذا باسم مكافحة الإرهاب.
  • يوثق تقرير “العفو الدولية” حالات العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمنتقدين السلميين للحكومة الذين أحيلوا إلى نيابة أمن الدولة العليا، ومن بين هؤلاء زياد العليمي، وهو محامٍ مدافع عن حقوق الإنسان وعضو قيادي في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.
  • الشرطة ألقت القبض على العليمي على خلفية محاولته  تأسيس تحالف لخوض الانتخابات التشريعية عام 2020، يسمى (تحالف الأمل) وعبير الصفتي، وهي صحفية اعتقلت بعد رفضها الإذعان للضغوط التي مارستها عليها الشرطة لإكراهها على التصويت في استفتاء عام 2019.

عهد السيسي
  • منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام السلطة في مصر عام 2013، تزايد عدد القضايا المحالة إلى نيابة أمن الدولة العليا للمحاكمة بنحو ثلاثة أضعاف، أي من نحو 529 قضية عام 2013 إلى 1739 قضية عام 2018.
  • هذه الزيادة في عدد القضايا المحالة إلى نيابة أمن الدولة العليا جعلت بمقدور السلطات إيداع المشتبه بهم رهن “الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات” اسميًا”، ولكن الكثيرين منهم، في واقع الأمر، يظلون في الحبس شهورًا أو سنوات بلا أدلة، بناء على تحقيقات الشرطة السرية.
  • هذا سمح للسلطات في واقع الأمر باستنساخ ممارسات الاحتجاز الإداري الطويل الأمد بموجب قانون الطوارئ، والتي كانت سمة مميزة لعهد مبارك في مصر حتى قضت المحكمة الدستورية العليا في عام 2013 بعدم دستورية المادة التي كانت تسمح بهذه الممارسة.
  • منذ ذلك الحين، دأبت نيابة أمن الدولة العليا على إساءة استعمال الصلاحيات المتاحة لها من أجل استهداف خصوم الحكومة، ويأتي هذا في سياق حملة قمعية غير مسبوقة تتعرض لها حقوق الإنسان في مصر منذ ست سنوات، وقد استمر السيسي في تمديد حالة الطوارئ منذ عام 2017.
  • يوثق تقرير المنظمة حالات 138 من الأشخاص الذين احتجزوا من قبل نيابة أمن الدولة العليا خلال الفترة من 2013 إلى 2019.
الاحتجاز التعسفي الطويل الأمد
  • يبرز التقرير كيف دأبت نيابة أمن الدولة العليا على إساءة استخدام الصلاحيات الخاصة التي يمنحها إياها القانون المصري – والتي يختص بها القضاة في العادة– ما يسمح لها بإصدار الأمر بحبس المتهمين احتياطيًا على ذمة التحقيقات لفترة طويلة قد تصل إلى 150 يومًا، بعدها تطلب النيابة من “دوائر الإرهاب” الخاصة تمديد حبس المتهمين كل 45 يومًا.
  • يمكن للمحتجزين تقديم طلب لاستئناف قرارات الحبس، ولكن ذلك يخضع للسلطة التقديرية لنيابة أمن الدولة العليا.
  • حتى عندما يأمر القضاة بالإفراج عن المحتجزين، تتحايل النيابة على الأوامر القضائية بإصدار أمر بحبس المشتبه بهم بتهم جديدة، ما نتج عنه احتجاز الآلاف من الأشخاص بصورة تعسفية لعدة أشهر، بل وسنوات بتهم مبهمة تتعلق بـ”الإرهاب”.
  • ظل مراسل قناة الجزيرة محمود حسين المتهم ببث أخبار كاذبة رهن الاعتقال منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2016، وتم تجديد حبسه مرارًا، حتى صدر أمر قضائي بالإفراج المشروط عنه في مايو/أيار 2019. غير أن نيابة أمن الدولة تجاهلت قرار المحكمة، وأمرت بحبسه مرة أخرى بتهم جديدة.
الزميل الصحفي محمود حسن المحتجز في السجون المصرية منذ 20 من ديسمبر/كانون الأول 2016
التواطؤ في التعذيب والإخفاء القسري
  • التقرير سلط الضوء على تواطؤ نيابة أمن الدولة العليا في الإخفاء القسري والتعذيب، وكيف تتقاعس بصفة معتادة عن التحقيق فيما يرد إليها من ادعاءات عن وقوع مثل هذه الانتهاكات.
  • يوثق التقرير 112 حالة من حالات الاخفاء القسري لفترات بلغت في بعض الحالات 183 يومًا، وكانت قوات الأمن هي المسؤولة عن هذا الإخفاء، وبخاصة ضباط قطاع الأمن الوطني.
  • من بين الضحايا المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبد المنعم التي تعرضت للإخفاء القسري لمدة ثلاثة أشهر، وأثناء تلك الفترة، مثلت أمام نيابة أمن الدولة العليا، وأبلغت وكلاء النيابة بأن الشرطة تحتجزها في مكان غير معروف، دون السماح لها بالاتصال بمحاميها أو عائلتها.
  • يكشف التقرير عن تقاعس نيابة أمن الدولة العليا عن التحقيق في 46 من حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي وثقتها المنظمة.
  • أبلغت الناشطة الحقوقية إسراء عبد الفتاح، نيابة أمن الدولة بأن ضباط قطاع الأمن الوطني قد اختطفوها، وضربوها، وعذبوها، بما في ذلك محاولتهم خنقها؛ ولكن النيابة لم تفتح أي تحقيق بشأن هذه الادعاءات.
  • النيابة تقاعست عن إبلاغ المتهمين بحقوقهم، وحرمانهم من الاتصال بمحامين، وإخضاعهم للاستجواب القسري، بما في ذلك إبقاؤهم معصوبي الأعين، واحتجازهم في ظروف غير إنسانية، وتهديدهم بإعادتهم لقطاع الأمن الوطني حيث سيواجهون التعذيب والاستجواب.
  • أفاد المحامون الموكلون عن أشخاص أحيلت قضاياهم لنيابة أمن الدولة العليا بأنهم تعرضوا للتهديد ، والمضايقة، والتوقيف  والاعتقال بسبب عملهم؛ ومن بين هؤلاء المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان ماهينور المصري ومحمد الباقر، اللذان اعتُقلا بينما كانا يمثلان متهمين في مقر نيابة أمن الدولة العليا.
المصدر : الجزيرة مباشر