الأربعاء 4 سبتمبر 2019 14:56
مستنقع اليمن يكشف مخاطر سياسة "لي الذراع" السعودية

حطام طائرة بدون طيار يقول الحوثيون إنهم أسقطوها بالقرب من مدينة صعدة شمال غرب اليمن
رويترز
تبدو السعودية وكأنّها تدفع ثمن سياستها الخارجية، بينما تنزلق أكثر فأكثر في المستنقع اليمني الذي بات شاهدا على سلسلة من الخطوات الاستراتيجية التي لم تؤت ثمارها في السنوات الأخيرة.
التفاصيل
- اعتمدت المملكة منذ تسلم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (34 عاما) منصبه سياسة إقليمية متشددة، مع استمرار خلافها مع إيران، خصمها الأكبر في المنطقة.
- يقف بن سلمان بحسب محللين وخبراء، خلف هذه السياسة التي كانت المحرّك الرئيسي للحملة العسكرية في اليمن، والأزمة مع قطر.
- دفعت هذه الاستراتيجية بعض المستثمرين إلى التردّد في دخول المملكة النفطية، في وقت تسعى البلاد لاستقطاب الأموال الأجنبية لمواصلة برنامج إصلاحي يهدف لوقف الارتهان لخام النفط.
إطلاق النار أولا

- بحسب بسمة المومني الأستاذة في جامعة واترلو الكندية، فإنّ السياسة السعودية باتت تقوم على "إطلاق النار أولا، ثم طرح الأسئلة"، معتبرة أنها سياسة تستند إلى عامل الاندفاع "ولا تشمل استراتيجية بعيدة المدى".
- بدت المملكة وكأنّها تحاول التقليل من حدة هذه السياسة بعد جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول العام الماضي، خصوصا في ظل العودة للاعتماد على مسؤولين مخضرمين، واستبعاد مساعدين شبان في دائرة ولي العهد.
- أدّت الجريمة إلى تشويه صورة بن سلمان كإصلاحي، وإلى وضع العلاقات السعودية الأمريكية قيد الاختبار.
السعودية ليست جاهزة
- في ظل استمرار سيطرة بن سلمان على مقاليد الحكم في المملكة، خصوصا عبر توليه وزارة الدفاع وحملته ضد المعارضين له، يستبعد مراقبون حدوث أي تغيير حقيقي في سياسات السعودية.
- يقول حسين أبيش الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن "هناك نمط من الأخطاء الاستراتيجية من قبل السعودية في السنوات الأخيرة، أحد أسبابه أنّ البلاد أصبحت تتولى للمرة الأولى دورا قياديا مستقلا في المنطقة".
غرق في المستنقع

- كانت الرياض تأمل في بداية تدخلها في اليمن في مارس/ آذار 2015 على رأس تحالف عسكري، ضمن حملة بلغت تكلفتها مليارات الدولارات، بانتصار سريع على الحوثيين المقرّبين من إيران، لكنها غرقت في مستنقع تسبّب بأزمة إنسانية كبرى في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
- في المقابل، يتزايد تهديد الحوثيين ضد المدن السعودية عبر الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية.
- واجه التحالف الذي تقوده الرياض ويتلقى مساندة أمريكية، صعوبات في هزيمة الحوثيين المتمرسين بحرب العصابات وبالقتال في المناطق الجبلية.
- أنفقت السعودية مليارات الدولارات على شراء الأسلحة المتقدّمة وبينها الطائرات المقاتلة الحديثة، لكن العديد من المحللين يرون أنّ ترسانتها العسكرية تتناسب مع الحرب التقليدية الكبرى بدل أنّ تخدمها في الحروب بالوكالة ضد إيران.
- أظهر النزاع اليمني الحاجة لتحديث المؤسسة السعودية العسكرية المتضخّمة والثقيلة، والتي يرى فيها الخبراء قوّة تنقصها الكفاءة، متهمة بالتسبب بمقتل مدنيين بشكل متكرّر عن طريق الخطأ.
نتائج عكسية
- يقول مسؤولون سعوديون إنّ الرياض اتّبعت سياسة خارجية متشدّدة من أجل مواجهة ما يرون أنّه محاولة إيرانية للتوسع في المنطقة، وهو ما يشكل تهديدا لأمن المملكة، إلا أن العديد من هذه الخطوات السعودية أدّت إلى نتائج عكسية.
- في الأسابيع الأخيرة، طُردت قوات الحكومة اليمنية المدعومة سعوديا من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة لهذه السلطة المعترف بها دوليا، إثر معارك مع قوات جنوبية انفصالية يفترض أنّها متحالفة معها في الحرب ضد المتمردين الحوثيين.
- ترى الموني أنّ الوضع في جنوب اليمن "يكشف مدى التصدع الذي عانت منه استراتيجية الحرب اليمنية"، مضيفة "إذا انقسم اليمن بين جنوب وشمال، ستكون السعودية في مواجهة جارين مضطربين".
- يسعى الانفصاليون لاستعادة استقلال الجنوب، لكن حملتهم تحمل تأثيرات سلبية على الحرب ضد الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة بينها العاصمة صنعاء منذ العام 2014.
خلافات

- كشفت أحداث الجنوب عن اختلاف في وجهات النظر بين السعودية والإمارات، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف والداعم الرئيسي لقوات الانفصاليين الجنوبيين.
- كانت أبو ظبي قد أعلنت في يونيو/ حزيران عن خفض عدد قواتها في اليمن فيما بدا محاولة للحد من خسائرها بينما تتصاعد التوترات مع إيران.
- يبدو أنّه من الصعب على المملكة التراجع في اليمن، حيث ترى في الحوثيين تهديدا مباشرا لأمنها، وتخشى أن تولد جماعة على حدودها مماثلة لحزب الله في لبنان، الموالي لإيران.
- قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الشهر الماضي إن الولايات المتحدة، حليفة السعودية، مستعدة لفتح حوار مع الحوثيين بهدف الحد من الأعمال الحربية، في وقت يرى مسؤولون أمريكيون أن الرياض ليست جادة في إنهاء الحرب، وأنّه بات عليها اعتماد مقاربة أكثر دبلوماسية.
مفاتيح الحل
- بحسب مسؤولين يمنيين، فإن الحوار المدعوم سعوديا هو الحل الوحيد للخروج بأقل الخسائر من أحداث الجنوب.
- وقال فرج البحسني محافظ حضرموت لوكالة فرانس برس "السعودية (...) تملك كل مفاتيح الحلول".
المصدر
الجزيرة مباشر
الفرنسية
كلمات مفتاحية