ما أهمية حقول النفط السورية ولماذا يتحدث عنها ترمب باستمرار؟

آليات عسكرية أمريكية قرب حقل نفط بدير الزور السورية

تزامنًا مع سحب إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، قواتها من حدود سوريا الشمالية، يعيد ترمب التأكيد على نجاح تأمين نفط المنطقة، ويلوّح بأن واشنطن مسؤولة عن مصير النفط السوري.

وفي مؤتمر صحفي مؤخرا قال ترمب إنهم قاموا بتأمين النفط في سوريا وستبقى قوات أمريكية في المنطقة لحمايتها.
وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر قال إنهم سيدافعون عن حقول النفط شرقي سوريا، الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية. 

ما أهمية حقول النفط السورية؟
  • قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، أنتجت سوريا حوالي 385 ألف برميل نفط يوميًا. يقول جيف كولغان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة براون ومؤلف كتاب ” Petro-Aggression”: (عند اندلاع الحرب الأهلية السورية، كان أغلب النفط من حقول شمالي شرق سوريا).
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب
لماذا تحتفظ الولايات المتحدة بقوات في سوريا؟
  • في 6 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وبعد إعلان البيت الأبيض انسحاب القوات الأمريكية من الحدود السورية مع تركيا، قبل الهجوم التركي ضد الأهداف الكردية في الأراضي السورية، اتهم ترمب بالتخلي عن حلفائه الأكراد. ومن جانبها، وصفت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانسحاب بالطعنة الغادرة، ورشق سكان محليون السيارات الأمريكية بالفواكه الفاسدة. 
  • يرى خبراء أن الانسحاب الأمريكي زعزع استقرار المنطقة على نحو ملموس، وأشعل فتيل أزمة إنسانية تسببت في نزوح مئات الألاف من سكان المنطقة.
  • برر ترمب قرار مغادرة الحدود السورية قائلاً إن القوات الكردية ليست ملائكة، وأضاف “إنها ليست حدودنا”، ووصف الصراع بأنه مثل شجار الأطفال. وغرد ترمب، الخميس الماضي قائلًا “ربما حان الوقت للأكراد لبدء التوجه إلى منطقة النفط”. ولم يُفهم مراده على نحوٍ واضح. 
  • دخلت تركيا إلى المنطقة من خلال عملية نبع السلام ضد المسلحين الأكراد، ومن جانبها، أرسلت موسكو، عدو واشنطن الجغرافي السياسي منذ فترة طويلة، قوات إلى المنطقة لملء فراغ السلطة الجزئي الذي خلفه الانسحاب الأمريكي.
  • يقول البعض إن الانسحاب الأمريكي قد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم الدولة، الذي فقد كل أراضيه في المنطقة. 
  • قبل شهر أكتوبر/ تشرين الأول، كان آلاف من مقاتلي تنظيم الدولة المشتبه بهم في سجون يديرها الأكراد في سوريا، لكن مع تركيز الأكراد على صد الهجوم التركي؛ فإن أولويتهم الاستراتيجية تحيد عن تلك السجون. 
  • أصر البيت الأبيض على أن السجناء أصبحوا الآن مسؤولية تركيا، لكن الفوضى أعطت كثيرين فرصة للفرار، وتمكن مئات المعتقلين من الفرار فعليًا.
  • عودة تنظيم الدولة قد تستهدف حقول النفط بالدرجة الأولى، حيث إنها مربحة للغاية وفق خبرة التنظيم السابقة. 
  • وزير الدفاع الأمريكي قال إن القوات الأمريكية تدافع عن حقول النفط السورية؛ لمنع تنظيم الدولة من استعادة السيطرة عليها. 
  • وقال “إذا كان لتنظيم الدولة الوصول إلى الموارد، ومن ثم الوسائل اللازمة لشراء الأسلحة أو شراء المقاتلين أو أي شيء آخر يفعله؛ فهذا يصعّب مهمة هزيمة تنظيم الدولة”.
  • يقول خبراء إن ترك بعض القوات للدفاع عن حقول النفط -مع سحب الآخرين في مكان آخر- قد يكون طريقة ترمب لمحاولة تحقيق أهدافه الانعزالية مع تجنب نهضة تنظيم الدولة.
  • يقول كولغان: “الرئيس حريص جدًا على سحب القوات العسكرية من الشرق الأوسط أو على الأقل ظهورها، لكن ذلك يعرضه للانتقاد في الوقت نفسه؛ لأنها خطوة تفسح المجال أمام تنظيم الدولة لإعادة تشكيل نفسه، وستكون حقول النفط جزءًا أساسيًا في خطة تنظيم الدولة، لذلك فمن المنطقي أن يركز على منع هذا الاحتمال”.
رجال يعملون في أحد مصافي تكرير النفط المؤقتة بريف إدلب الجنوبي في ديسمبر / كانون الأول 2015 ـ أرشيف
هل يمكن لتنظيم الدولة استعادة السيطرة على حقول النفط؟
  • يجيب كولغان: “ربما ليس على المدى القصير جدًا، ولكن نعم وأعتقد أن تنظيم الدولة قد أثبت هذا الاحتمال”. وتقول (…) محللة الأزمات الدولية إنها لا تعتقد أن تنظيم الدولة يملك فرصة لإعادة السيطرة على الحقول، لكنه قد يهاجمها وبضراوة. 
  • بينما يرى إبراهيم الأصيل، الباحث بمعهد الشرق الأوسط، أن تنظيم الدولة يفتقر إلى القدرة العسكرية على استعادة الحقول، لكنه يزعم توفر القوة لتنفيذ ذلك في المستقبل.
  • ويقول الأصيل إن واشنطن تشعر بالقلق على الأرجح من الممثلين الآخرين، الذين قد يسيطرون على الحقول البعيدة عن الوجود الأمريكي. ويستطرد الأصيل قائلًا “أعتقد أنها جزء من أقصى حملة ضغط نفذتها إدارة ترمب على إيران وسوريا وحلفائهما في المنطقة”.
  • قد تكون حقول النفط هدفًا حيويًا بشكل خاص للنظام السوري. ويخضع نظام الأسد لعقوبات اقتصادية صارمة، ما يصعّب مهمة دمشق في الحصول على النفط. ومع اقتراب فصل الشتاء بسرعة سيزداد الطلب على النفط.
  • يقول الأصيل: “لا تريد الإدارة الأمريكية أن يستفيد نظام الأسد من الانسحاب، وأن يكون قادرًا على تخفيف الضغط الاقتصادي، الذي يمر به من خلال إعادة السيطرة على حقول النفط”. ويضيف أن ثمة فرصة تمكّن القوات الكردية في المنطقة ونظام الأسد، اللذين شكلا تحالفًا للعمل ضد تركيا بعد الانسحاب الأمريكي، من إبرام صفقة لإعادة حقول النفط إلى سيطرة النظام السوري.
لماذا يركز الرئيس ترمب على نفط الشرق الأوسط؟
  • خلال الأسابيع القليلة الماضية، فإن تصريحات ترمب المتكررة حول النفط السوري تنسجم مع نمطه الأكبر في التركيز على إمدادات النفط في دول الشرق الأوسط. 
  • أعرب ترمب، على سبيل المثال، مرارًا عن أسفه لخروج واشنطن من بغداد خالية الوفاض، واستنكر التفريط في النفط العراقي؛ فغرد على تويتر في 2013 “ما زلت لا أصدق أننا غادرنا العراق من دون النفط”. 
  • في 2016 أثناء لقائه مع مقدم البرامج التلفزيونية، مات لاور، قال ترمب “لقد قلت دائمًا خذوا النفط”، في وقت سابق من هذا العام، ندد ترمب بالهجمات التي استهدفت إنتاج النفط السعودي، ونشر حوالي 14000 جندي إضافي في الخليج العربي في أعقاب ذلك.
  • من غير الواضح، كيف يمكن للولايات المتحدة أن تستولي قانونيًا على نفط العراق أو أية دولة أخرى ذات سيادة، لكن كولغان يصف ترمب بأنه متمسك بالمصالح النفطية للولايات المتحدة في المنطقة. 
  • يقول كولغان: “يفهم ترمب العلاقة بين الولايات المتحدة والجهات الفاعلة المختلفة في الشرق الأوسط من منظور أن النفط ثمن الحماية العسكرية الأمريكية”.
  • تضيف دانا سترول، زميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن المسؤولين الأمريكيين قد يضغطون على ترمب؛ للحفاظ على بعض القوات في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة ولموازنة الوجود الروسي بها، 
  • سترول: “استقروا على هذا المفهوم لحماية هذا النفط كحجة من شأنها أن تقنع ترمب بالنظر إلى تأكيده على هذه القضية”.
المصدر : الجزيرة مباشر