مأساة الطفلة اليمنية بثينة.. رمز للحرب المدمرة في البلد الفقير

الطفلة بثينة محمد منصور إحدى ضحايا قصف قوات التحالف السعودي الإماراتي لصنعاء

نجت الطفلة اليمنية بثينة منصور الريمي (8 أعوام) من ضربة جوية قاتلة قضت على كل أفراد عائلتها بأعجوبة قبل سنة ونصف السنة، ثم نقلت إلى السعودية لتلقي العلاج.

وأعيدت بثينة (التي فقدت جميع أفراد أسرتها في غارة العام الماضي) فجأة إلى منزل عمّها في صنعاء قبل أيام، لتصبح أحد رموز النزاع المدمر في البلد الفقير.

نجاة بثينة جعلتها عرضة لأن تكون أداة في الحرب الإعلامية الدائرة بين أطراف الحرب، وروت الطفلة من منزل عمّها “علي” في صنعاء، تفاصيل ليلة الضربة الجوية.

ومن منزل عائلتها الذي دمّر تمامًا في الغارة، إلى الرياض، ثم إلى منزل عمها علي، رحلة طويلة شاقة عاشتها ابنة السنوات الثماني.

قصة “بثينة”    
  • الطفلة بثينة فقدت في غارة في 25 آب/أغسطس 2017، والديها وشقيقاتها الأربع وشقيقها والوحيد الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وعشر سنوات، وعمّها، بينما كانوا في المنزل في حي فرج عطان جنوب غربي العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.    
  • بثينة أثارت تعاطفًا دوليًا واسعًا بعدما ظهرت في صور وهي تضع أصابعها حول عينها اليمنى في محاولة لإبقائها مفتوحة بعدما تورمّت جراء الإصابة في الضربة الجوية التي نفّذتها طائرة تابعة للتحالف العسكري بقيادة السعودية.
  • صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لأشخاص وهم يقلّدون بثينة، مطالبين بوضع حد للحرب بين القوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من التحالف، وبين الحوثيين الذي يسيطرون على صنعاء ومناطق يمنية أخرى منذ عام 2014.
الطفلة بثينة نجت من الضربة الجوية التي قتلت جميع أفراد أسرتها (رويترز)
بثينة تتذكر تفاصيل “الليلة المشؤومة”:
  • كنت مع أمي في الغرفة ومع أبي وإخوتي وعمي. ضرب الصاروخ الأول، فذهب أبي لكي يأتي لنا بالسكر حتى يساعدنا على تخطي الصدمة، لكن الصاروخ الثاني ضرب، وبعده الثالث، ودمّر البيت.
  • وإضافة إلى والدي، وإخوتي، وعمي المفضّل لديّ، قُتل ثمانية مدنيين آخرين بينهم طفلان في منزل قريب دمّر في الضربة ذاتها.    
  • كل ما أتطلع إليه في الوقت الحالي هو أن أذهب إلى المدرسة للمرة الأولى في حياتي.
  • أريد ان أذهب إلى المدرسة لأصبح طبيبة.
  • أريد لهذه الحرب أن تتوقف وأن نعيش بسلام، وأن يعيش أطفال اليمن بسلام.

عمّ بثينة يروي كيف وصلت الطفلة للسعودية:
  • مؤسسة خيرية عرضت على “علي” عم الطفلة أن يقوم مع بثينة وزوجته وأولاده الثلاثة بتصوير فيلم وثائقي “لتوجيه رسالة للعالم”.
  • عم الطفلة وافق على ذلك، لكنه وجد نفسه فجأة أمام نقطة تفتيش لقوات موالية للحكومة في منطقة تقع عند خط تماس.    
  • العم أضاف “جاء طقم عسكري من الجنوب وأخذنا إلى عدن”، العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها، ثم “أخذونا إلى السعودية بطائرة خاصة”.
  • عم الطفلة قال إن بثينة لا تزال تعاني جراء فقدان عائلتها “إنها لا تنسى أمها وأباها. تحزن عندما ترى أشياء تذكّرها بوالديها وإخوتها أو عندما تسمع أغاني كان والدها يستمع إليها”.   
  • “علي” تابع وهو يحاول حبس دموعه “نؤكد لها أنهم في الجنة، وأن الجنة مكان جميل”.

السعودية والضربة الجوية
  • التحالف بقيادة السعودية أقر بالوقوف خلف الضربة، مؤكّدا أن إصابة هدف مدني وقعت بسبب “خطأ تقني”.
  • منظمة العفو الدولية وصفت ذاك القصف بـ”ليلة رعب، أمطر خلالها التحالف المدنيين بالقنابل بينما كانوا نائمين”.
  • بثينة ظهرت أنداك في إحدى الصور، يحملها رجل يهرول بها وسط حطام منزلها، قبل أن تظهر مجددًا في مستشفى، بعينيها المتورمتين، وقميصها الزهري، لكن بعد شهر تمامًا، عادت الطفلة وظهرت في صور التقطت في الرياض التي وصلتها بطريقة غامضة.    
  • الحوثيون اتّهموا السعودية بـ”خطف” بثينة وعمّها “علي” وعائلته، لكن وسائل إعلام سعودية ذكرت أن الحكومة اليمنية المعترف بها “تقدّمت بطلب لقوات التحالف بضرورة نقل الطفلة بثينة الريمي إلى السعودية لعلاجها”.
  • السلطات السعودية لم تعلق رسميًا على قصة نقل الطفلة إلى الرياض، وفي 19 ديسمبر/كانون الأول الجاري، نشرت صورة للطفلة في صحف سعودية وهي تصعد سلم طائرة، ضمن خبر أعلن توجّهها إلى اليمن بعد تلقي العلاج.

عودة إلى صنعاء
  • بعد أربعة أيام، ظهرت بثينة في الإعلام مجدّدا إنّما على الصفحة الأولى في صحيفة “المسيرة” المؤيدة للحوثيين، وإلى جانب صورتها عبارة “عين الإنسانية تفضح العدوان”.
  • مهدي المشاط، رئيس “المجلس السياسي الأعلى”، أبرز هيئة سياسية في صفوف الحوثيين، التقى الطفلة بثينة، وأمر بتأمين مسكن لها وراتب لها ولعمها، وفقا لوكالة الأنباء “سبأ” الناطقة باسم الحوثيين.
  • عودة بثية إلى منزلها في صنعاء تزامن مع اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة إثر محادثات سلام انعقدت في السويد برعاية الأمم المتحدة هذا الشهر وأعطت أملًا لليمنيين بنهاية الحرب.

ويواجه أطراف النزاع اتهامات بارتكاب تجاوزات قد تصل إلى جرائم حرب. وتقول منظمات حقوقية إن الغارات التي ينفذها التحالف تسببت بقتل مئات المدنيين، بينما لقي مئات آخرون مصرعهم في أعمال قصف نفذها الحوثيون على مناطق سكنية وفي انفجار ألغام زرع الحوثيون ملايين منها في مناطق مختلفة.    

ومنذ التدخل السعودي في آذار/مارس 2015، قتل عشرة آلاف شخص بسبب النزاع، بينهم أكثر من 2200 طفل، بحسب الأمم المتحدة، بينما يواجه نحو 14 مليون يمني خطر المجاعة.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية