لمصلحة من تقترض مصر؟

تتسارع وتيرة الاقتراض الخارجي لمصر، ليصل الدين العام الخارجي إلى مستويات غير مسبوقة، تجاوزت 100 مليار دولار بحسب تقارير دولية.

لكن كثيرا من هذه القروض توجه إلى مجالات لا تمثل ضرورة أو أولوية لمتطلبات التنمية في مصر، وحتى المنح التي تتلقاها مصر تخضع لشروط المانحين في أوجه التصرف والإنفاق، بما يفيد الدول المانحة، وربما عاد بالضرر على الدولة المصرية.

من أحدث الأمثلة على ذلك، ما نشرته الصحف عن تسلم وزارة الصحة الشريحة الأولى من القرض الذي طلبته من البنك الدولي، أكتوبر/تشرين أول الماضي، بقيمة 500 مليون دولار، بهدف تعزيز خدمات الرعاية الصحية، وعلاج فيروس التهاب الكبد الوبائي سي.

وقدر مساعد وزير الصحة للشئون المالية، قيمة الشريحة الأولى بـ 140 مليون دولار، وقال إنها ستوجه لاستكمال المسح الذي تجريه الوزارة للكشف عن فيروس “سي” بالمحافظات.

وتشير اتفاقية القرض إلى توجيه 300 مليون دولار من التمويل لتعزيز خدمات الرعاية الصحية المجتمعية والأولية، إضافة إلى توجيه 190 مليون دولار لاعتماد 15 مستشفى، وتحسين شبكة بنوك الدم، إلى جانب توجيه 10 ملايين دولار لإدارة المشروعات والرصد والتقييم، بما في ذلك تدريب موظفي وزارة الصحة.

كما وقعت مصر مع البنك الدولي، اتفاقاً لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الشاملة لتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر بقيمة 500 مليون دولار، خلال اجتماعات الربيع للبنك الدولي بالعاصمة الأمريكية، ويستهدف المشروع التوسع في إتاحة التعليم بتطبيق معايير الجودة في رياض الأطفال لنحو 500 ألف طفل، وتدريب نحو 500 ألف فرد من المعلمين والمسئولين بوزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني، وإتاحة موارد التعلم الرقمية لنحو 1.5 مليون طالب ومعلم.

تأتي هذه القروض رغم تصريح سابق لرئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان نهاية ديسمبر كانون أول الماضي أن هناك خطة استثمارية وضعتها مصر للارتقاء بالاقتصاد بعيدا عن فكرة الحصول على قروض، وأن تعليمات عليا صدرت للمجموعة الاقتصادية بالحكومة، للتقليل من الاعتماد على القروض الخارجية خلال الفترة المقبلة.

بمراجعة أهداف هذه القروض، نجد أن معظمها سيتوجه كرواتب للخبراء الأجانب الذين ستستعين بهم مصر لتنفيذ الغرض من القروض، كما تنطبق عليها الملاحظات التي وردت في تقارير سابقة للجهاز المركزي للمحاسبات بشأن القروض الأجنبية، ورصدت العديد من المعوقات التي تحول دون استخدام بعض القروض الأجنبية بالكامل وضآلة المستخدم من البعض الآخر، وزيادة تكلفة إقامة المشروعات عن التكلفة الاقتصادية المقدرة لها، بالإضافة إلى طول مدة التنفيذ والتي تجعل تلك المشروعات دون المستوي التقني الذي تشهده الأسواق العالمية.

ومن المعوقات التي رصدتها تقارير الجهاز أيضا تراخي الجهات العامة في الانتهاء من تنفيذ المشروعات الممولة من القروض الأجنبية على الرغم من مرور أكثر من10 سنوات على البعض منها، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستغلال الأرصدة المتبقية من القروض، وتعثر بعض الشركات في تنفيذ جانب من الأعمال أو عدم تدبير المكون المحلي لتنفيذ بعض المشروعات الأخرى وعدم وجود دراسة كافية لتنفيذ المشروعات.

وكان تقرير صدر عن الجهاز عام 2008، كشف عن إساءة استخدام القروض والمنح، التي حصلت عليها مصر منذ بداية التعامل مع المؤسسات والدول المقرضة والمانحة حتى شهر يوليو/تموز 2007، بقيمة 22 مليارا و664 مليون دولار من خلال 528 اتفاقا، منها 333 قرضا بـ 19.898 مليار، إضافة إلى 195منحة بقيمة 2.865 مليار دولار، واتهم التقرير الحكومة بعدم الاستفادة من القروض سوى بنسبة 53.5 %.

وأشار التقرير إلى شروط الإقراض الضارة بمصر، مثل النص على الشراء لتجهيزات المشروعات، وغيرها من المكونات من دول بعينها، واشتراط زيادات في الأسعار، وحدد التقرير أسباب الفشل في استخدام القروض والمنح ومنها: عدم دقة دراسات الجدوى وإهمال المكون المحلى للمشروعات، وعجز الحكومة عن حل مشاكل تنظيمية وإدارية.

المصدر : الجزيرة مباشر