قضية النائب العام المصري.. انتهاكات ومخالفات قانونية بالجملة

تنفيذ حكم الإعدام شنقًا بحق 9 شباب معارضين متهمين بقضية "اغتيال النائب العام هشام بركات"

شهدت قضية مقتل النائب العام المصري السابق هشام بركات العديد من الجوانب المثيرة للجدل، منذ اليوم التالي للحادث وحتى إعدام المتهمين بقتله قبل أيام.

من القاتل؟
  • أعلنت وزارة الداخلية المصرية عدة مرات عن تصفية واعتقال عدد من الأشخاص بنفس التهمة، وهو ما يطرح تساؤلات عن حقيقة تورط المتهمين الذين تم إعدامهم بالفعل.
  • في 30 من يونيو/ حزيران 2015، أعلنت الداخلية عن القبض على شخص يدعى “محمود العدوي” وقالت إنه المتهم الرئيسي في الحادث.
  • في الأول من يوليو/ تموز 2015، قتلت قوات الأمن 9 من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين داخل شقة سكنية بمدينة السادس من أكتوبر. وقالت إن القتلى متورطون في عملية اغتيال النائب العام.
  • في نفس اليوم نشرت عدة صحف ومواقع إلكترونية وإعلاميون منهم الإعلامي المقرب من النظام أحمد موسى صورا وتفاصيل عن ضابط الصاعقة السابق هشام عشماوي، وقالوا إنه العقل المدبر لعملية اغتيال هشام بركات. ودعا موسى المشاهدين إلى الإبلاغ عن أي معلومات قد تقود إلى القبض عليه.

 

  • في فبراير/ شباط 2016، أعلنت قوات الأمن تصفية 3 أشخاص ممن قالت إنهم من المتورطين في عملية اغتيال النائب العام، وتفجير القنصلية الإيطالية. وقالت إنهم ينتمون لجماعة “أجناد مصر”.

  • رصدت صحف مصرية تضارب بيانات وتصريحات وزارة الداخلية حول القضية، منها صحيفة المصري اليوم، التي وثقت في مارس/ آذار 2016 إعلان الوزارة عن ضبط وقتل متهمين مزعومين بالتورط في القضية 3 مرات.
  • في 6 مارس/ آذار أعلن وزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار عن القبض على المتهمين بقتل هشام بركات، وعرض مقاطع فيديو لاعترافاتهم، وهم المتهمون الذين أكملوا القضية حتى إعدام 9 منهم قبل أيام. كما اتهم عبد الغفار حركة حماس بالتورط في العملية، وهو ما نفته الحركة.
  • كل تلك الروايات تتقاطع مع بيانات أخرى سابقة لوزارة الداخلية اتضح كذبها، أبرزها قتل 5 مواطنين واتهامهم بقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، قبل التراجع عن تلك الرواية بعد رفضها من قبل الجانب الإيطالي. ولم يعاقب أي ضابط تورط في قتل هؤلاء الخمسة.
  • تعرض المتهمون لانتهاكات بالجملة منذ القبض عليهم، وهي انتهاكات بدأت عندما أذاعت وسائل الإعلام مقاطع فيديو لاعترافاتهم بالصوت والصورة، وهو إجراء غير قانوني يستهدف تشويه المتهمين وتكوين رأي عام ضدهم قبل خضوعهم للمحاكمة. كما تعرض عدد من المتهمين للإخفاء القسري لأشهر قبل إعلان اتهامهم في القضية، مثل أحمد الدجوي، الذي وثقت صفحة على موقع فيسبوك اختفاؤه قبل أشهر من الإعلان عن اتهامه في القضية.
انتهاكات أثناء المحاكمة
  • اقتصرت الأدلة التي قدمتها النيابة العامة على الاعترافات التي أدلى بها المتهمون.
  • أنكر المتهمون تلك الاعترافات وكشفوا عن تعرضهم لتعذيب شديد لإجبارهم على الإدلاء بتلك الاعترافات. وانتشر مقطع فيديو لمحمود الأحمدي وهو يروي وقائع تعرضه للتعذيب بالكهرباء.

 

  • رغم هذا الإنكار، ورغم عدم وجود أي دليل آخر في القضية، فإن هيئة المحكمة لم تأمر بإحالة المتهمين إلى الطب الشرعي للكشف عنهم وإظهار حقيقة تعرضهم للتعذيب، كما لم تستبعد الاعترافات من قائمة الأدلة واعتمدت عليها بشكل كامل في إصدار أحكامها في القضية.
  • قدم عدد من المتهمين أدلة وقائمة شهود تثبت عدم صلتهم بالعملية، كما تثبت عدم وجودهم في مكان الحادث وقت حدوثه. مثل أحمد محروس الذي أكد أنه ألقي القبض عليه في فبراير/ شباط 2015، قبل الحادث بأشهر، وأنه قدم أسماء اثنين من زملائه في العمل ليشهدوا لصالحه. إلا أن هيئة المحكمة لم تستدع أي شهود ولم تتحقق النيابة من تلك الأدلة.

 

  • تساءل متابعون عن السبب الذي جعل النيابة تمتنع عن فحص كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الحادث رغم توافرها بكثرة، وذلك لإثبات وجود المتهمين في مكان الحادث من عدمه. وكان من الممكن أيضا القيام بفحص إشارات هواتف المتهمين المحمولة لمعرفة مكان وجودهم الحقيقي وقت الحادث، إلا ان هذا الأمر لم يتم أيضا.

  • منع المتهمين من لقاء أسرهم في أغلب الأوقات، ولم يسمح للأهالي بزيارة ذويهم إلا مرات قليلة طوال أكثر من 3 أعوام. على سبيل المثال لم يسمح لزوجة أحمد طه وهدان بزيارته إلا 4 مرات فقط، وكانت المرة الأخيرة قبل إعدامه بعامين كاملين. ورغم ذلك لم تأمر المحكمة بالسماح للمتهمين بتلقي الزيارات، وهو انتهاك منتشر في السجون المصرية.
  • من بين المتهمين في القضية شخص كفيف يدعى جمال خيري، قيل إنه متهم بتدريب المتهمين على القنص، وقد نفى عدد من الصحفيين والمتابعين للقضية تلك التهمة، قائلين إنه متهم بتزويد المتهمين بأسلحة وذخائر وأموال، وهو ما يثير تساؤلات أيضا عن قدرة شخص كفيف على القيام بكل ذلك. كما أن محامي المتهم فيصل السيد سبق أن أكد أن موكله متهم بتدريب المتهمين على القنص في تصريحات سابقة لموقع مصر العربية.
الإعدام
  • كشف محامي عدد من المتهمين عن وجود مخالفة قانونية في إعدام الشباب التسعة، بسبب وجود التماس بإعادة النظر في الأحكام الصادرة. وينص قانون الإجراءات الجنائية على وقف تنفيذ أحكام الإعدام في حالة وجود طلب بإعادة النظر فيها.

  • المتهمون أعدموا كذلك رغم وجود قضايا أخرى سابقة حكم فيها بالإعدام بشكل نهائي على متهمين آخرين، ورغم ذلك لم ينفذ الحكم حتى الآن.
  • يثير ذلك تساؤلات حول توقيت إعدام المتهمين تساؤلات والاستخدام السياسي لقضية الإعدامات من قبل نظام السيسي.
  • الكاتب ديفيد هيرست رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” قال إن اختيار السيسي ذلك التوقيت لتنفيذ الإعدامات مرتبط بقضايا داخلية وخارجية، مثل انعقاد القمة العربية الأوربية في شرم الشيخ، والمضي قدما في إجراء التعديلات الدستورية التي تسمح للسيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2034.
  • حتى بعد إعدام المتهمين تعرضوا لانتهاك أبسط حقوقهم في الصلاة عليهم وإقامة جنازات ودفنهم، فقامت قوات الأمن بتسليم الجثامين على دفعات، وحاولت التضييق على إقامة الجنازات لهم.

معايير العدالة

أثارت الأحكام التي يصدرها القضاء المصري تساؤلات حقوقيين ومواطنين عن معايير الأحكام التي يتم الاستناد إليها وعدم عدالتها. ففي الوقت الذي يعدم فيه عدة أشخاص بتهمة قتل شخص واحد، لا يتم الحكم على أي ضابط من الجيش أو الشرطة إذا تورط في تعذيب أو قتل المواطنين.

  • قتلت قوات الأمن أكثر من 800 مواطن مصري أثناء ثورة يناير، كما قتلت قوات الجيش المئات من المصريين أثناء الفترة الانتقالية وبعد الانقلاب العسكري، ومع ذلك لم يتم الحكم على أي ضابط من الجيش أو الشرطة بالسجن نتيجة ذلك.
  • تسبب ضابط شرطة في قتل 37 شخصا في قضية سيارة ترحيلات أبو زعبل بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، ومع ذلك حكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات فقط.
  • توفي العشرات من المواطنين نتيجة التعذيب في السجون وأقسام الشرطة دون عقاب، ومنهم المحامي كريم حمدي الذي أثبت الطب الشرعي تعرضه لتعذيب شديد حتى الموت، ومع ذلك حصل ضابطا الأمن الوطني اللذين عذباه على البراءة في مايو/ أيار 2018. وغيرها العشرات من القضايا التي انتهت إلى نفس النتيجة.
  • استشهد آخرون بقضايا عنف سابقة في تاريخ مصر لم يتم فيها إعدام هذا العدد من الأشخاص، مثل قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، التي أعدم فيها المنفذون فقط، فيما حصل باقي المتهمين –ومنهم العقل المدبر للعملية- على أحكام بالسجن.

  • رغم ثبوت ضلوع عدد من الأشخاص في قتل آخرين، لم يصدر القضاء المصري أحكاما عليهم بالإعدام، مثل هشام طلعت مصطفى الذي أثبتت المحكمة تحريضه على قتل المطربة سوزان تميم، ورغم ذلك حكمت عليه بالسجن لمدة 15 عاما، لم يسجن منها سوى ما يقرب من نصف المدة، قضاها في أحد المستشفيات بدعوى ظروفه الصحية السيئة، قبل أن يفرج عنه عام 2017، ويظهر بعدها وهو يلعب مباراة كرة طائرة مع رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال.
  • قضت محكمة النقض أيضا بتخفيض عقوبة الراقصة “شمس” من الإعدام إلى السجن لمدة 15 عاما، بعد ثبوت تورطها في قتل خادمتها وإحراق جثتها.

  • قضايا أخرى تدخل فيها السيسي بنفسه، مثل قضية مقتل الطفل “يوسف” وإلقاء جثته في بئر صرف زراعي عام 2014، وقد أصدر السيسي قرارا بتخفيض عقوبة الجاني من الإعدام إلى السجن المؤبد.

المصدر : الجزيرة مباشر