قصة الدايت.. الصوم والحجمية والسعرات (الحلقة التاسعة)

في هذه الحلقة نتابع رحلتنا عن أبرز حميات تخفيف الوزن، وسنتطرق إلى حمية الصوم، والحمية الحجمية، وحمية حساب السعرات الحرارية.

حمية الصوم (5: 2)

تعتمد على تناول الطعام بشكل طبيعي لمدة خمسة أيام، وحصر السعرات الحرارية على 500 للنساء، و600 للرجال، في يومين غير متتاليين في الأسبوع. وقد حظيت باهتمام بعد عام 2012.

وهذه الحمية تسمح لمتابعيها بتناول كل ما يشتهونه من الطعام لخمسة أيام فقط في الأسبوع، أما في اليومين الأخيرين من الأسبوع فعليهم الصيام. وقد ووجهت هذه الحمية بانتقادات أكدت عدم وجود أساس علمي مثبت لها وتسببها بآثار جانبية مزعجة.

ويطلق على النظام الغذائي الجديد “حمية الصوم” وأيضا “حمية 2 -5” وكان قد ابتكرها الصحفي التلفزيوني البريطاني المتخصص في الشؤون الطبية مايكل موسلي والصحفية ميمي سبنسر، وقاما بنشرها في كتاب يحمل نفس الاسم.

وقصد الكاتبان بالصوم في كتابهما تقليل كمية الطعام خلال يومين بالأسبوع وليس الامتناع عن تناوله. وتلزم الحمية الجديدة من يتبعونها بأن يأكلوا ما يريدونه على مدى خمسة أيام، لكن عليهم الاكتفاء بتناول 600 سعر حراري فقط في اليومين الباقيين.

وتصدر “حمية الصوم” قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في بريطانيا والولايات المتحدة هذا العام، وأعيدت طباعته أكثر من 12 مرة.

ويدعي موسلي أن نظام الحمية اعتمد على دراسات لعلماء بريطانيين وأمريكيين وجدوا أن الصوم المتقطع يساعد الناس على فقدان دهون أكثر وزيادة حساسية الجسم للأنسولين والحد من الكولسترول، وهو ما يعني تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والبول السكري.

واتبع الصحفي التلفزيوني نظام الحمية بعدما اكتشف ارتفاع معدلات الكولسترول وسكر الدم لديه لدرجة يقول إنها وصلت للسكري.

وشرح موسلي كيف أنه بدأ باتباع نظام الصوم المتقطع قبل عام “وفقد ثمانية كيلوغرامات من الدهون على مدى ثلاثة أشهر”، مؤكدًا أن “سكر الدم عنده انخفض إلى المعدل الطبيعي”.

ويعادل تناول حمية غذائية يومية تحتوي على 600 سعر حراري ما يقارب ربع الكمية العادية للبالغين الأصحاء، ويمكن أن يكون بيضتين على الإفطار، ودجاجًا مشويًا وخسًا في الغداء، وسمكًا مع الأرز في العشاء بدون أي مشروبات عدا الماء أو القهوة أو الشاي.

وأرجع موسلي نجاح الحمية الجديدة لما تتمتع به من “جاذبية نفسية”، مؤكدًا أنها تؤدي إلى انخفاض أسبوعي للوزن قدره 0.46 كيلوغرام بالمتوسط لدى النساء، وأكثر من ذلك قليلًا لدى الرجال.

وأعربت هيئة الخدمات الصحية البريطانية عن شكوكها حيال الحمية الجديدة وآثارها بعيدة المدى، مشيرة إلى أن الآثار الجانبية قد تشمل مشاكل بالنوم وصعوبة بالتنفس والقلق وسرعة الانفعال والنوم بالنهار.

ومع هذه الشكوك فإن الهيئة بدأت بدراسة الحمية وآثارها، إذ نشرت على موقعها على الإنترنت في 2013 أنها راجعت دراسة أجراها باحثون بمستشفى جامعة ساوث مانشستر عام 2011، أشارت إلى أن الصوم المتقطع قد يساعد على الحد من خطر أمراض السرطان المرتبطة بالسمنة مثل سرطان الثدي.

وتشمل الانتقادات الموجهة للحمية افتقارها لأساس علمي مثبت وواضح، وعدم محاولتها تعويد الشخص على نظام غذائي صحي دائم، عوضًا عن تقسيم الأيام بين نوعين “كل ما تريد” أو “تضور جوعًا”.

 

ويقول مشرف أخصائي التغذية في مؤسسة حمد الطبية نضال محمد حسين البدور، إن حمية (5: 2) يقوم مبدأها على أساس تخفيض السعرات المتناولة في يومين في الأسبوع إلى ربع الكمية اليومية المعتادة (500-600 سعر حراري)، ونتيجة لهذا التخفيض في السعرات الحرارية يفقد الشخص الوزن.

ويؤكد البدور أن الأدلة الداعمة للنظام الغذائي (5: 2) محدودة حاليًا، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث للنظر في المخاطر والفوائد على المدى الطويل.

ويضيف أن معظم الابحاث والدراسات لم تُنفذ على مدار فترات زمنية طويلة، كما أنها تميل إلى إشراك أعداد صغيرة من المشاركين في الدراسة، أو استندت إلى الحيوانات بدلًا من البشر، لذلك لا توجد دراسات وافية على هذه الحميه توصي باتباعها وخاصة على المدى البعيد.

ويقول البدور إن هذه الحمية تفتقر إلى محاولة تعويد الشخص على نظام غذائي صحي دائم، عوضًا عن تقسيم الأيام بين نوعين “كل كالمعتاد ” أو تناول ربع الكمية.

ومن الأطعمة الموصي بها يوم “الصوم” الأطعمة الغنية بالبروتين والألياف والتي تميل إلى ملء المعدة أكثر، مثل الأسماك واللحوم والخضروات.

وردا على سؤال “كم فقدان الوزن المتوقع؟” قال البدور إن خسارة الوزن بهذه الحمية سريعة وتختلف من شخص لآخر حسب وزنة واتباعه للكميات المعتدلة التي سوف يتناولها في غير أيام الصيام.

وأردف “قد يفقد الشخص من 4-8% من وزنه خلال 4-6 شهور، وهو نفس المعدل الذي يفقده الشخص عند اتباع النظام التقليدي محدد السعرات، ولكن بعض الأشخاص وجد هذه الطريقة أسهل من تحديد كميات السعرات الحرارية بشكل معقول طول أيام الأسبوع”.

وقال الاختصاصي إن بعض الدراسات أظهرت تحسنًا في حساسية هرمون الأنسولين وانخفاضًا في دهنيات الدم عند اتباع حمية الصيام.

وردًا على سؤال “هل هي آمنة؟” أجاب البدور بأنه بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من مشاكل صحية فإن حمية الصوم تعتبر آمنة، ولكن من المستحسن أن تكون تحت إشراف أخصائي التغذية حتى نتجنب أن يحدث نقصا في العناصر الغذائية.

وأضاف أن كل من حاول اتباع حمية سريعة لخفض الوزن بشكل سريع فإن الوزن الزائد قد يعود، وبشكل أكبر إذا لم يعتمد على نظام غذائي صحي بعد اعتماده لهذه الحمية، مؤكدًا عدم وجود دراسات تبين مدى ثبات الوزن المفقود على المدى الطويل.

وقال البدور إن حمية الصوم ليست مناسبة لجميع الفئات مثل مرضى السكري والحوامل والمرضعات والأطفال واليافعين، ولأفراد الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل.

وختم بالقول إن هناك محاذير لحمية الصوم، إذ قد يحدث زيادة في الوزن نتيجة الإفراط في تناول الطعام خارج ساعات الصيام خصوصًا أن هذه الحمية لا تحدد كميات معينة، كما قد تحدث أعراض جانبية منها التعب والإرهاق والضعف العام والجفاف، وذلك خلال تقليص كمية الطعام في يومي الصيام وخاصة في المراحل الأولى. وينصح بشرب كميات كافية من الماء لتجنب بعض هذه الأعراض.

الحمية الحجمية

الحمية الحجمية هي نظام غذائي وضعته الطبيبة الأمريكية الأستاذة في علوم التغذية باربرا رولز، وتهدف لفقدان الوزن الزائد بلا معاناة من الشعور بالجوع الشديد أو احتساب السعرات الحرارية، مع المحافظة على التنوع الغذائي.

وتعد الحمية الحجمية بإنقاص الوزن من دون عناء احتساب السعرات الحرارية أو الحرمان.

ويعتمد هذا النظام على فكرة بسيطة؛ وهي ملء المعدة ولكن بالأغذية الصحية التي تحتوي على سعرات حرارية قليلة، وذات كثافة عالية وغنية بالألياف الغذائية والمياه مع ذلك.

ويؤدي تناول وجبة كهذه إلى الشعور بالشبع وتهدئة الرغبة الملحة لتناول الطعام، أو الجوع الشديد لتناول الدهون أو السكريات كما يحدث في غيرها من الحميات.

وتقسم الأغذية إلى أربع مجموعات، كالتالي:

• المجموعة الأولى: الفواكه والخضراوات قليلة النشا (مثل التوت، والتفاح، والطماطم والخس وغيرها)، إضافة إلى منتجات الألبان قليلة الدسم (مثل اللبن الرائب والجبن) والحساء.
• المجموعة الثانية: الفواكه، والخضراوات، مع محتوى مرتفع من النشا (كالبطاطا أو الجزر)، واللحوم قليلة الدهون، والبقوليات، ومنتجات الحبوب الكاملة.
• المجموعة الثالثة: اللحوم، والأجبان، والبيتزا، والآيس كريم، والبطاطس، والخبز الأبيض، وصوص السلطة.
• المجموعة الرابعة: رقائق البطاطا (الشيبس)، وشوكولا، وزبدة، وزيت، ومكسرات.

وتعتمد الحمية على المجموعة الأولى والثانية كوجبات أساسية يوميًا، في حين يفضل تناول الأطعمة من المجموعة الثالثة بكميات قليلة، أما المجموعة الرابعة فيمكن تناولها بين حين وآخر ولكن بكميات قليلة جدًا.

والفكرة الرئيسية من ذلك أن غرامًا واحدًا من البروتين يحتوي على سعرات حرارية أقل من غرام واحد من الدهون، لذا من الأفضل الإكثار من الأطعمة ذات السعرات الحرارية القليلة مما ينتج الشعور بالشبع والامتلاء، وتناول كميات قليلة من الدهون.

حمية حساب السعرات الحرارية

فكرة عد عدد السعرات الحرارية في الطعام انطلقت بعد أن نشرت الدكتورة لولو هنت بيترز كتاب “النظام الغذائي والصحة: مع مفتاح السعرات الحرارية” في عام 1918.

وقد بيعت ملايين النسخ خلال عشرينيات القرن الماضي، لتصبح أول كتاب في الحمية الغذائية يدخل قائمة الأكثر مبيعًا، وحثت النساء على النظر إلى الطعام على أنه سعرات حرارية، وعدم استهلاك أكثر من 1200 في اليوم.

حمية السعرات الحرارية جيدة شريطة أن يتم تخطيط الوجبات بحيث توفر للشخص جميع ما يحتاجه من فيتامينات ومعادن، وأيضًا بعد استشارة الطبيب.

مبدأ الحمية يقوم على تناول الشخص مقدار من السعرات الحرارية تكون أقل مما يحتاجه جسمه للقيام بوظائفه الداخلية الفسيولوجية، وأنشطته الجسمية اليومية، وعندها يضطر الجسم للحصول على السعرات الحرارية الناقصة من الدهن المخزن فيه، فينخفض الوزن.

حتى يفقد الشخص من وزنه كيلوغرامًا واحدًا عليه أن يحرق قرابة 7700 سعر حراري.

مثلًا إذا كانت حاجة الشخص اليومية هي 2000 سعر حراري، فإنه إذا اتبع حمية سعرات حرارية تحتوي على 1300 سعر يوميًا، فإن الفرق في الطاقة لديه يكون سالب 700، أي أن جسمه سوف يحرق من الدهون المخزنة يوميًا ما يساوي 700 سعر حراري.

هذا يعني أيضًا أنه وفق هذا النظام سيحتاج الشخص 11 يومًا حتى يخسر كيلوغرامًا واحدًا من وزنه (7700 تقسم على 700، والجواب 11 يومًا).

في الحلقة القادمة نتعرف على حميات لأغراض أخرى مثل خفض ضغط الدم.

اقرأ أيضًا: قصة الدايت.. خل التفاح والجريب فروت وأتكينز (الحلقة الثامنة)