قصة الحرس الثوري: نشأته ومساهمته في تصدر الخميني للثورة الإيرانية (الحلقة الثانية)

الزعيم الروحي للثورة الإيراني "روح الله الخميني"

تواصل الجزيرة مباشر استعراض قصة الحرس الثوري من النشأة وحتى الآن.

عودة الخميني
  • في السادس عشر من يناير/كانون الثاني عام 1979 غادر الشاه محمد رضا بهلوي إيران، تحت ضغط الثورة الشعبية التي انفجرت في عام 1978.
  • بعدها بأيام فقط، وفي اليوم الأول من فبراير/شباط 1979 وصلت الطائرة الفرنسية التي تحمل على ظهرها الزعيم الروحي للثورة، “روح الله الخميني”، بعد أن قضى أربعة عشر عامًا منفيًا خارج البلاد.
  • كانت البلاد في ذلك الوقت تموج بالحركات الثورية المسلحة من أقصى اليمين (الجماعات الدينية التابعة للحوزات) إلى أقصى اليسار (مثل حركة توده ومجاهدي خلق وفدائي خلق الشيوعية).
  • أخذت هذه الجماعات تستهدف ما تبقى من أجهزة الأمن التابعة للنظام البائد من جيش وشرطة.
  • كان الحرس الثوري آنذاك كيانًا واسعًا غير معروف الملامح يجمع شتى الفصائل الثورية المسلحة، مع حضور غالب للفصائل الدينية فيه.
الأجهزة التي أدارت المرحلة الانتقالية

كان الخميني هو السلطة الكاريزمية الواضحة وزعيم الثورة المعترف به، ومع ذلك، فقد تم تقسيم السلطة السياسية في نظام ما بعد الثورة إلى معسكرين رئيسيين:

  1. الحكومة المؤقتة برئاسة رئيس الوزراء مهدي بازركان، الذي تم تعيينه من قبل الخميني وشكل حكومة من أعضاء من الطبقة الوسطى.
  2. المجلس الثوري، بقيادة الخميني والذي يهيمن عليه رجال الدين.
  • تولت الحكومة المؤقتة مسؤولية المؤسسات المتهالكة التابعة للشرطة والدرك والجيش، بالإضافة إلى مسؤولية الإدارة العامة.
  • لكن لم يكن لها أي سلطة على المجلس الثوري، الذي كان له تأثير على شبكة واسعة من اللجان الثورية، وعصابات التعبئة في المساجد، والمحاكم الثورية، والجماعات المسلحة.
  • بالإضافة إلى مراكز السلطة الرسمية هذه، كان على نظام ما بعد الثورة أن يتعامل مع العديد من منظمات حرب العصابات والأحزاب السياسية ورجال الدين المستقلين والميليشيات المحلية التي لم تخضع لسيطرة الحكومة المؤقتة أو الثورية.
  • لم تحقق سيطرة الحكومة على الشرطة والجيش أي نفوذ حقيقي، فكلا هاتين المؤسستين قد أصابهما الشلل بسبب الأضرار التي لحقت بهما خلال الثورة، مع سوء سمعتها واحتقارها من قبل الشعب لارتباطهما بالنظام السابق.
  • الفراغ الناشئ عن غياب قوات الأمن هذه على المستوى المحلي امتلأ بسرعة بالعديد من الميليشيات المسلحة وعصابات الأحياء التي ازدهرت في حالة الفوضى الثورية.
  • أخذ القانون والنظام المقعد الخلفي في تحقيق العدالة الأهلية وتسوية الثأر. في هذا السياق، ظهر الحرس الثوري لأول مرة.
نشوء الحرس الثوري
  • في 21 فبراير/شباط 1979 صدر بيان عن منظمة تطلق على نفسها “فيلق الحرس الثوري الإسلامي” وهو ما اعتُبِر لاحقا، البيان الرسمي الأول للحرس الثوري الإيراني، لكن في الحقيقة لم تكن المنظمة عند صدور البيان قد اكتمل تشكيلها وتبينت ملامحها التنظيمية.
  • في البداية، ارتبط الحرس الثوري بأركان قيادة للجان الثورية التي عينها الخميني وعملوا بالتعاون معهم ومع الميليشيات الخمينية الأخرى.
  • عمل الحرس بشكل مشابه للميليشيات الأخرى إذ شاركوا بشكل أساسي في محاربة العناصر الموالية لنظام الشاه واستغلوا هذه المواجهة لتأمين مواقع مهمة في مفاصل الدولة ومراكز الاتصالات.
  • في أحيان أخرى، شملت مجالات مسؤوليتهم أيضًا بعض الأمور المدنية، مثل توجيه حركة المرور وإزالة القمامة.
  • ما تميّز به الحرس الثوري عن الميليشيات المسلحة الأخرى، خدمتهم بصفة رسمية في ظل نظام ما بعد الثورة. بالإضافة إلى تضمين الخميني لهم في خطبه المبكرة المتعلقة بالجيش.
الحصول على الشرعيّة
  • كان أول بيان رسمي صادر عن الحكومة المؤقتة حول الحرس الثوري ينطوي على رسالة بأن الحرس الثوري جهاز حكومي.
  • خلال مقابلة صحفية في 21 فبراير/شباط مع نائب رئيس الوزراء عباس أمير انتظام، أعلن أن الحكومة ستشكل الحرس الثوري وأنه قد تم بالفعل وضع قواعد ولوائح تشكيله.
  • صرح انتظام بأن “القرار” بتأسيس الحرس اتخذته الحكومة، مشيرا إلى أن الحرس الجديد سيكون جهازًا للحكومة المؤقتة.
  • هذه هي المرة الأولى التي تشير فيها الحكومة إلى الحرس الثوري باسم “فيلق”.
  • رفع هذا التمييز الحرس من مجموعة متباينة من “المتشددين” إلى قوة مسلحة شرعية مرتبطة بالحكومة.
  • كان هذا تحولا هاما للحرس الثوري الذي عزز علنا شرعيتهم التنظيمية.
دور رجال الدين في إنشاء الحرس الثوري
  • تم تقديم فكرة تكوين جهاز عسكري حامي للثورة بواسطة حجة الإسلام محمد منتظري.
  • في اجتماع عُقد خلال التحضير لثورة فبراير/شباط، اقترح منتظري الفكرة على الخميني بعد انتصار الثورة بفترة وجيزة ووجه الأخير أوامره بإنشاء الحرس الثوري.
  • من خلال لقاءات مع قادة رجال الدين في حزب الجمهورية الإسلامية (بما في ذلك محمد بهشتي وعلي أكبر رفسنجاني وعلي خامنئي) وممثلين عن العديد من المنظمات المسلحة، أنشأ محسن رفيق دوست وشركاؤه الحرس الثوري الإيراني، واختاروا اسمه الرسمي، وعينوا قادتهم الأوائل.
  • أصبح علي دانيش منفرد أول قائد للفيلق، وغلام علي أفروز ضابطا على الجنود، والمهندس زارامي ضابطًا للتدريب والسيد محمود زادة قائدًا للوحدات الإضافية ومحسن رفيق دوست مسؤول الإمدادات اللوجستية.
  • بعد ذلك بوقت قصير، شكل هؤلاء الأفراد المكتب المركزي (الحرس المركزي) التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي عقد اجتماعاته في المقر السابق للسافاك.
إزاحة المنافسين والتفرّد بالسلطة
  • مع اكتساب فصيل الخميني قوة الحرس الثوري، نجح حزبه السياسي، حزب الجمهورية الإسلامية، في الضغط على رئيس الوزراء مهدي بازاركان لإدراج أعضائه في حكومته.
  • في أواخر يوليو/تموز، دعا بازاركان أربعة أعضاء بارزين في حزب الجمهورية الإسلامية إلى إدارته: آية الله مهدوي كاني وزيراً للداخلية، أكبر هاشمي رفسنجاني نائباً لوزير الداخلية، وعلي خامنئي وزيراً للدفاع، ومحمد جواد بهونار وزيراً للتربية.
  • بهذه التعيينات، شغل رجال الدين الخمينيون مناصب قوية في كل من المجلس الثوري والحكومة المؤقتة.
  • وأعطى هذا الأمر الخميني نفوذاً سياسياً أكبر على خصومه، وعزز قدرة الحزب على متابعة أجندته المؤيدة للخميني.
  • سيطر حزب الخميني أيضًا على انتخابات مجلس الخبراء في 11 أغسطس/آب، وهو مجلس رجال دين منتخب علنيًا يشرف على صياغة دستور الجمهورية الإسلامية.
  • كفل هذا أن يكون للخمينيين أقوى صوت في المناقشات الدستورية التي تلت ذلك.
  • استقال بازارجان احتجاجا في 6 نوفمبر 1979 عندما رفض الخميني التحرك ضد الطلاب الذين احتلوا السفارة الأمريكية، وسقطت الحكومة معه.
  • تركت الاستقالة النظام في أيدي المجلس الثوري الذي يهيمن عليه رجال الدين.
  • مع ارتفاع المد السياسي لصالحهم، نجح الفصيل الخميني في مجلس الخبراء في إدراج “ولاية الفقية” في مشروع الدستور (المادة 105) وتمكّن من تمرير المواد الأكثر إثارة للجدل (107 – 110) المرتبطة بهذا المنصب.
  • أعطى الدستور الجديد، الذي تم التصديق عليه في استفتاء شعبي في 2الثاني والثالث من ديسمبر/كانون أول 1979، الوليّ الفقيه (الخميني) “السلطة المطلقة دون أدنى مسؤولية”.
  • الدستور جعل الخميني القائد الأعلى للجمهورية ورئيسًا على الجيش النظامي والحرس الثوري الإيراني، ومنحه سلطة تعيين وإقالة رؤساء كل منهم.
المصدر : الجزيرة مباشر