قرض صندوق النقد الدولي.. كارثة جديدة لمصر

تتوقع بلومبرغ وقوع مظاهرات بسبب ارتفاع أسعار الخبز في مصر
خفضت الحكومة الدعم في نهاية عام 2016 بهدف التوصل إلى اتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي

أعاد استلام مصر الشريحة الأخيرة التي تبلغ قيمتها ملياري دولار من قرض صندوق النقد الدولي (إجمالي 12 مليار دولار) التساؤلات حول جدوى القرض للمصريين، أم أنه يشكل مزيدًا من الأعباء.

ووافق الصندوق في يوليو/تموز الماضي على سحب الشريحة من القرض (مدته 3 سنوات وبدأ في 2016) بعد مراجعته للإصلاحات الاقتصادية المصرية في الشهر الماضي، والتي جاءت على حساب المصريين بمزيد من الضرائب والرسوم، وفق مختصين.

واعتبر خبراء اقتصاديون ونشطاء أن القرض يفيد الاقتصاد المصري، لكنه لم يحسن أوضاع المصريين، ولم يشعروا بما يسمي “الإصلاح الاقتصادي”، في ظل استمرار حالة الغلاء، ووصول نسبة الفقر إلى (23.5%) حسب الإحصاءات الرسمية.

وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية من عمر البرنامج، قفز الدين الخارجي الحكومي من 48 مليار دولار ليتخطى حاجز الـ 96 مليار دولار تقريبًا، حسب البنك المركزي المصري.

أهداف القرض
  • حسب الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي، كانت أهداف البرنامج هي: تعويم الجنيه، والقضاء على مشكلة نقص النقد الأجنبي، وكبح عجز الميزانية الذي تجاوز 10% من إجمالي الناتج المحلي، ورفع أسعار الفائدة وتخفيض الدين العام.
  • على الصعيد العملي سعى الصندوق لفرض شروطه المتعلقة بخفض وإلغاء دعم الوقود لتوفير مبالغ من الميزانية للإنفاق الاجتماعي الموجه بدقة أكبر للمستحقين، وزيادة الاستثمارات والإنفاق في مجالات الصحة والتعليم ومشروعات البنية التحتية.
  • تضمنت أهداف البرنامج الاقتصادي المتفق عليه بين الحكومة وصندوق النقد الدولي زيادة معدل النمو وزيادة الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين مناخ أعمال القطاع الخاص وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفقراء.
  • تخفيض دعم الطاقة والأجور وتطبيق قانون القيمة المضافة، وهي الإجراءات التقشفية التي التزمت مصر بتطبيقها على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ما الذي تحقق؟
لا يزال الوضع الاقتصادي ضبابيًا فيما يخص العديد من أهداف الصندوق على النحو التالي:
  • كشف تتبع بيانات الاقتصاد الكلي خلال فترة الاتفاق عن ثغرات واضحة في التنفيذ فيما يتعلق بأداء الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم التحسن الملموس في ظروف عمل القطاع الخاص، بسبب منافسة بيزنس وشركات الجيش له.
  • ارتفعت معدلات الفقر من 27.8% عام 2017 إلى 30.2% عام 2018، ثم 32.5% عام 2019 بحسب الجهاز المركزي للمحاسبات، ما يتسبب باستفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

https://twitter.com/Youthacalex/status/1154812878320328704?ref_src=twsrc%5Etfw

  • ضغط الإنفاق لم يصب -كما طالب البرنامج- في صالح توزيع أفضل لثمار النمو، أو زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وعدد من البنود الاجتماعية.
  • منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع الصندوق، جذبت مصر مليارات من الدولارات، وارتفع صافي الاحتياطي إلى أكثر من 44 مليار دولار مقارنة بنحو 19 مليار دولار قبل توقيع اتفاق القرض، لكنها صبت في سوق الديون لا الاستثمار الحقيقي.
  • الحكومة نجحت في رفع معدلات النمو وارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 4.2% في عامي 2016/2017، ثم إلى 5.6% في 2018/2019، ومن المستهدف أن يصل إلى 6% في العام المالي الحالي.
  • ارتفع حجم الديون الخارجية والداخلية بصورة متفحشة، وأخفق الصندوق في توقع معدل نمو الدين الخارجي وخدمة هذا الدين مما اضطره لتعديل توقعاته عدة مرات.
  • بيانات البنك المركزي المصري الأخيرة، كشفت ارتفاع حجم ديون مصر الخارجية والداخلية إلى 338 مليار دولار خلال حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعدما كانت 128 مليار دولار في عهد الرئيس السابق محمد مرسى و89 مليار دولار خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
  • مصر توسعت في الاستدانة من الخارج خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة زادت على 130%، حسب بيانات أعلنها البنك المركزي، واستمرار الاستدانة للصرف على مشاريع كبرى لا تفيد الشعب أو تنعكس على رخائه.

  • الاتفاق مع الصندوق لم ينعكس إيجابيًا على الاستثمارات، بل على العكس، أصبح انكماش القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر، أمرًا اعتياديًا.
  • لم يحقق مؤشر “مديري المشتريات”، وهو مؤشر معد لقياس نشاط القطاع الخاص، أي نتائج إيجابية في شهرين متتاليين خلال سنتين، وواصل القطاع الخاص “تحمل عبء الإصلاحات الاقتصادية المستمرة في مصر” بحسب بيان بنك الإمارات دبي الوطني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
  • تحسن قدرة الاقتصاد المصري على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر، ارتبطت فقط بقطاع البترول والغاز دون الاستثمارات الفعلية في الصناعة والزراعة، وفقًا لتقرير “مراقب الاقتصاد المصري” الذي يصدره البنك الدولي.
  • ارتفع إجمالي الصادرات في 2016/2017 والعام المالي التالي له، بنسبة 16.2% و18.9%، لكنه كان نموًا يتعلق فقط بالصادرات البترولية ما يعني أن التعويم لم يحقق أي زيادة للصادرات من السلع غير البترولية.
كارثة على المصريين
  • حمل الاتفاق آثارًا سلبية واضحة على مستويات معيشة المصريين، انعكست على غلاء الأسعار ومعدلات التضخم، وبدت آثاره التنموية غير واضحة تمامًا علي حياة المصريين الفعلية.
  • وعد الصندوق بنمو الاقتصاد لم يتبعه تنفيذ وعود الحماية الاجتماعية للفقراء، إذ انخفض الإنفاق على الضمان الاجتماعي (معاش الضمان الاجتماعي ومعاشي تكافل وكرامة)، ودعم التأمين الصحي والأدوية ودعم السلع التموينية كنسبة للناتج المحلي الإجمالي.
  • خفض دعم الطاقة للإنفاق على التعليم والصحة، لم يحدث، حيث تراجع الإنفاق على التعليم (الأساسي والعالي والبحث العلمي)، والصحة مجتمعين كنسبة إلى الناتج المحلي (انخفض من 5.21% عام 2015 إلى 3.33% عام 2019).
  • اتسعت الفجوة بين الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي مجتمعين كنسبة للناتج المحلي من ناحية، وبين ما نص عليه الدستور الحالي من ضرورة رفع الإنفاق على تلك البنود إلى مستوى 10% من الناتج المحلي الإجمالي من ناحية أخرى.
هاآرتس ترصد
  • صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية رصدت أخطارًا على مصر بسبب سير حكومة السيسي وبرلمانه في تنفيذ الشروط القاسية التي فرضها صندوق النقد الدولي على القاهرة مقابل حصولها على القرض.
  • 1 % فقط من المصريين قادرون على التكيّف مع التدابير التي فرضها صندوق النقد مقابل القرض، و99% منهم يكابدون الأمرّين بسبب الأذى الذي يلحقه بهم “البرنامج الإصلاحي”.
  • هذا الوضع المعيشي القائم في مصر حاليًا يماثل تمامًا ما كان قائمًا قبل إسقاط نظام مبارك عام 2011.
  • موقع “ذا ماركر” الإسرائيلي، وصف مصر بأنها “أمة حزينة”، لأنه رغم أن الاقتصاد يزدهر، يزيد الفقر و”السيسي يظن نظامه مستقرًا وصبر الشعب ينفد”.

خلفيات
  • حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يونيو 2019، يبلغ عدد المصريين 104 ملايين مواطن تقريبًا، منهم 98 مليونًا مقيمون داخل مصر.
  • دراسة نشرها معهد “كارنيغي” للسلام، وصفت مشاريع السيسي الكبرى بأنها “عقيمة ولا تقدم أي منافع اقتصادية واسعة وملموسة” للشعب المصري، بل تزيد إفقاره بسبب الديون التي تترتب عليها ويتحملها الشعب.
  • الدراسة قالت إن هذه المشاريع لها هدفين، الأول: تعزير قبضة القوات المسلحة على الاقتصاد، والثاني: دعائي حيث “تُستخدم كأداة لفرض السلطة وترسيخ الدعم في صفوف أنصار النظام”.
  • من المقرر أن تبدأ مصر سداد أول دفعة من القرض في عام 2021.
  • وزير المالية المصري محمد معيط، قال الشهر الماضي، إن حكومته تسعى إلى إبرام اتفاق غير مالي مع الصندوق بعد انتهاء اتفاقية القرض، لكن “كاميلا أندرسن” مساعدة مدير إدارة الاتصالات في الصندوق نفت ذلك.
المصدر : الجزيرة مباشر