في الذكرى الـ 50 لإحراق الأقصى.. تحذير فلسطيني من “حريق جديد”

الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى لم تتوقف منذ احتلال القدس

قبل نصف قرن من اليوم، اقتحم متطرف أسترالي الجنسية يدعى دينيس مايكل روهان المسجد الأقصى من باب الغوانمة، وأشعل النار في المصلى القبلي بالمسجد الأقصى المبارك، ما تسبب بدمار كبير.

وفي الذكرى الخمسين لحريق المسجد الأقصى، أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أن المسجد الأقصى “وقف إسلامي خالص”، كما دعا قاضي قضاة فلسطين الفلسطينيين والعرب والمسلمين لشد الرحال إلى الأقصى والرباط فيه لحمايته من التدنيس والتهويد، محذرًا من “حريق جديد”.

قصة الحريق
  • في يوم 21 أغسطس/آب 1969، أقدم اليهودي المتطرف دينيس على إشعال النار عمدًا في المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
  • جاء ذلك في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس.
  • الحريق شبّ في الجناح الشرقي للمصلى الواقع في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى، وأتت النيران على واجهات المسجد الأقصى وسقفه وأعمدته وأقواسه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث.
  • تضرر البناء بشكل كبير، ما تطلب سنوات لترميمه وإعادة زخارفه كما كانت، أيضًا تسببت هذه الجريمة بإحراق منبر نور الدين زنكي الذي صنعه ليضعه في المسجد بعد تحريره، لكنه مات قبل ذلك ووضعه صلاح الدين الأيوبي، الذي يعتبر رمزًا للتحرير والنصر على الصليبيين.
  • سقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكًا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون.
  • بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع.
بقايا منبر صلاح الدين الذي تعرض للحريق (الجزيرة)
 ماذا فعل الاحتلال؟
  • بينما قام الاحتلال بقطع الماء عن المصلى القبلي ومحيطه، وتباطأ في إرسال سيارات الإطفاء، هرع الفلسطينيون إلى إخماد النيران، بملابسهم وبالمياه الموجودة في آبار المسجد الأقصى.
  • “إسرائيل” ادعت أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل وتبين أن المادة الحارقة الشديدة الاشتعال سكبت من داخل المصلى القبلي ومن خارجه، أقر الاحتلال أن المتطرف دينيس هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة.
  • لم يمض وقت طويل حتى ادعى الاحتلال أن هذا الشاب معتوه ونقلته إلى مستشفى للأمراض النفسية في المزرعة بالقرب من عكا وبعد فترة ليست طويلة تم ترحيله إلى أستراليا، وروج في حينه خرافة قال فيها، إنه” قام بفعلته بأمر من الله”.
  • قبل حرق الأقصى وحتى يومنا هذا، تحاول سلطات الاحتلال بشتى الوسائل والطرق الإضرار بالمسجد من خلال أعمال حفرية تحته، إلى بناء الأنفاق المتواصلة بعضها بعضًا التي أدت إلى تقويض أساسات المسجد في الحرم القدسي، وما زالت “إسرائيل” تعمل جاهدة من أجل تهويد القدس عاصمة فلسطين.
ردود فعل حول الجريمة
  • الجريمة أثارت ردود فعل عالمية ودولية نددت به، ودان مجلس الأمن الدولي في قراره رقم (271)، الاحتلال لتدنيسه المسجد، ودعا “إسرائيل” إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة.
  • القرار عبر عن حزن مجلس الأمن للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال الإسرائيلي، الذي دعاه إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري، والامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية.
  • كان لهذا العمل الإجرامي ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي، وانطلقت المظاهرات الغاضبة في كل مكان.
  • كان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي في سبتمبر/أيلول من نفس العام (منظمة التعاون الإسلامي حاليًا)، وأنشئ صندوق القدس عام 1976، وفي العام التالي أنشئت لجنة القدس للمحافظة على مدينة القدس ضد عمليات التهويد الإسرائيلية.
  • في المقابل علقت رئيسة وزراء الاحتلال في حينه غولدا مائير على الموقف العربي قائلة: عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن إسرائيل ستُسحق، لكن عندما حلَّ الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق.
ترميم المسجد
  • بعد عام واحد من حريق المصلى القبلي، بدأت أعمال الترميم فيه بتشكيل لجنة إعمار الأقصى، ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي، واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986.
  • في 2006، أعد الأردن منبرا بديلا يماثل منبر نور الدين زنكي ووُضع في الأقصى.

بيان وزارة الأوقاف الفلسطينية في الذكرى الـ 50 لحريق الأقصى:
  • الأقصى وقف إسلامي خالص.
  • إحراق المسجد القبلي في المسجد الأقصى، الأكثر خطورة منذ احتلاله في العام 1967.
  • هذه الذكرى الأليمة تأتي على شعبنا ومدينة القدس والمسجد الأقصى في اللحظات الأكثر صعوبة في تاريخهم.
  • نستنكر بأسف وحزن شديدين هذه الذكرى الأليمة التي مست مشاعر المسلمين في بقاع الأرض كافة لتؤكد بأن المسجد الأقصى هو وقف إسلامي خالص.
  • السيادة على المسجد الأقصى بكامل مساحاته وباحاته ومساطبه ومساجده هي للفلسطينيين فقط.
  • الانتهاكات المتكررة واليومية له لن تثنينا عن حمايته والدفاع عنه.
  • ندعو جميع أبناء شعبنا الفلسطيني، إلى شد الرحال إلى الأقصى وإعماره بالتواجد فيه أوقات الصلاة وغيرها، لتفويت الفرصة على الاحتلال ومستوطنيه في محاولاته جعل التقسيم المكاني والزماني واقعًا مفروضًا.
  • ندعو الأمتين العربية والإسلامية إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى لما لهذا الأمر من دعم كبير لصمود شعبنا الفلسطيني في مواجهته لسياسات الاحتلال فيه لتحيي الفتوى الأخيرة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بجواز زيارة المسجد الأقصى.

قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش:
  • على العرب والمسلمين شد الرحال إلى الأقصى وحمايته من حريق جديد، فكما جاء إرهابي يهودي متطرف من أقاصي الدنيا لتنفيذ جريمة الحرق قبل خمسين عاما واجب علينا كمسلمين في هذه الأيام أن نأتي من كل أرجاء الدنيا للدفاع عن المسجد وحمايته من الخطر المحدق به سواء من الهدم أو التقسيم.
  • جريمة حريق المسجد الأقصى يجب أن تكون ناقوس خطر يدق على الأمة الإسلامية كلها بأنه وبعد نصف قرن من الجريمة الإرهابية مازال الخطر يحيط بالمسجد الأقصى من كل جانب.
  • هذا الخطر الجديد أشد من خطر الحريق فهو يهدد اليوم بنيان المسجد وساحاته بسبب الحفريات أسفل المسجد والأنفاق التي تقوم بها دولة الاحتلال، أو من خلال استمرار الاقتحامات اليومية، وتدنيس المسجد من قبل المتطرفين المستوطنين تمهيدا لفرض عملية التقسيم الزماني والمكاني كخطوة أخيرة على طريق عملية التهويد والتهجير بحق المدينة المقدسة وأهلها.
  • شعبنا الفلسطيني لن ينسى هذه الجريمة ولن يسمح أبدًا بتكرارها بكل ما أوتي من قوة وعزيمة وبإمكانات بسيطة وبصدور عارية سنحمي أقصانا وقدسنا.
  • أدعو “البعض” – وهم قلة – إلى مراجعة مواقفهم من زيارة القدس والرباط في مسجدها خاصة من هؤلاء الذين ربطوا زيارة القدس بالتطبيع مع دولة الاحتلال.
المصدر : الجزيرة + الجزيرة مباشر + وكالة الأنباء الفلسطينية