فريق يدعو للإصلاح وآخر يختطف المعارضين.. هل تقود مصر جبهتان متصارعتان؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

تشهد مصر حاليا جملة تناقضات تتمثل في دعوة فريق داخل السلطة إلى الإصلاح السياسي والإفراج عن معتقلين، وبالمقابل اعتقالات وتعذيب لنفس الرموز التي يطالب الفريق الآخر بالتصالح معها.

وجاء خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليشير ضمنا لهذا الصراع أو التنافس بين الأجهزة، بالحرص على ربط نفسه وما يفعله بالجيش، وإبراز حضور المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، لإظهار استمرار ولاء الجيش للسيسي عبر جنرالات طنطاوي.

توصيف حالة الصراع؟
  • بالتزامن مع حملة الاعتقالات الأخيرة والمستمرة منذ 20 سبتمبر/ أيلول حتى الآن، دعا إعلاميون وبرلمانيون موالون للسلطة ومحسوبون على الجيش القيادة السياسية للبلاد بالإفراج عن سجناء الرأي والمعارضين السياسيين المسجونين.
  • رئيس مجلس النواب، علي عبد العال تحدث في بداية دور الانعقاد الحالي، عن وجود “إصلاحات سياسية وحزبية وإعلامية”، خلال المرحلة المقبلة، التي وصفها بـ “جني الثمار” بعد فترة انتقالية “استلزمت إجراءات قاسية”، بحسب قوله.
  • عمرو أديب ومصطفى بكري وأحمد موسى وغيرهم من “مجموعة الرائد أحمد شعبان” ممثل الجيش الموجه لوسائل الاعلام، ورموز أخرى، طالبوا بوضوح بإطلاق سراح “غير الإخوان والإرهابيين” ممن وقفوا مع انقلاب السيسي. 
  • عمرو أديب ذكر أسماء: رئيس حزب الدستور السابق خالد داود، وحازم غنيم شقيق وائل غنيم، والدكتور حسن نافعة، وعلاء عبد الفتاح، وماهينور المصري، وشادي الغزالي حرب، وحازم عبد العظيم، ووصفهم “مش إخوان ومش محرضين ولّا ممولين من الخارج”.
  • “أديب” قال مبررا: “الدنيا بتتغيّر.. مجلس النواب يتغيّر، والصوت داخل الإعلام يتغيّر”، و”الجهات الأمنية كانت ترى أن الدولة لا تحتمل هذا الأمر (يقصد المعارضة)، لكن بعد التأكد من قوة النظام بعد أحداث 20 سبتمبر/ أيلول، “يجب أن تكون هناك مبادرة سياسية لاستيعاب المعارضين”.

  • عقب دعوات الإصلاح السياسي والإفراج عن معتقلين، شنت أجهزة الأمن السرية بلباس مدني موجة اعتقالات جديدة تضمنت اختطافا من الشارع وتعذيبا لرموز بشكل غير معتاد، أبرزهم الناشطة إسراء عبد الفتاح، التي نقل عنها محاموها تعرضها للضرب والخنق والتعليق، وأعلنت أمام النيابة إضرابها عن الطعام.
  • محمد صلاح، أحد أصدقاء إسراء عبد الفتاح الذي كان مرافقًا لها وقت اختطافها، روى تفاصيل الحادث عبر حسابه على فيسبوك، قائلًا إن سيارتين بهما رجال أمن في زي مدني اعترضوا سيارتها وأخذوها بالقوة، وروى تفاصيل تعذيبها.

  • الاعتقالات طالت أيضا صحفيين مثل مصطفى الخطيب، مراسل وكالة أسوشيتد برس في القاهرة، والمصور عبد الله السعيد.
  • وضرب ومحاولة خطف حقيبة أوراق جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الذي رجح أن نفس الجهاز الأمني الذي اختطف الناشطة إسراء عبد الفتاح هو من حاول التعدي عليه.
  • الناشطة المصرية التي تحمل الجنسية الامريكية، “آية حجازي” شاركت بدورها في شرح ما جرى لها من تعذيب روته لأول مرة في سلسلة تغريدات، تضمن ضربا وتهديدات بخلع ملابسها.

تفسير ما يجري
  • مصادر سياسية وحزبية قالت لـ “الجزيرة مباشر” في تفسيرها لهذا التناقض أو الصراع والاختلاف الرسمي في التعامل، عدة تفسيرات يمكن رصدها في النقاط التالية:
  • أن الصراع أو تعارض السياسات، يدور بين أجهزة أمنية وأخرى عسكرية، حيث تتبع الأجهزة الأمنية سيناريو البطش منذ مظاهرات 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفق سيناريو اتجاه البلاد لثورة شعبية، وتتخوف من سيناريو 25 يناير.
  • بالمقابل تميل الجهات العسكرية لسيناريو التهدئة، والدعوة للمصالحة مع نفس الرموز التي جرى تلفيق القضايا لها وتعذيبها، وظهر هذا من التكليفات التي تنقلها الشؤون المعنوية لإعلاميي النظام عبر ” واتس آب” و”جهاز سامسونغ”.
  • يرى بعض من جرى استطلاع رأيهم، وفضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن هناك صراع أجنحة بين الجيش من جانب والأجهزة الأمنية من جانب أخر، ظهر في عدم نزول وحدات الجيش عقب مظاهرات 20 سبتمبر/ أيلول، والحديث عن تحالف محمد علي مع الجيش.
  • يشدد هؤلاء على أن الهدف كان “هز” السيسي، والتمهيد للتخلص منه في مشهد مثل 30 يونيو/ حزيران، ولكن ظهور حجم الغضب الشعبي، وعودة شعارات إسقاط النظام والحكم العسكري، والخشية من فقدان الجيش مكاسبه (الثروة والسلطة)، دفع الجيش للتركيز على المصالحة، فيما نشط الأمن في عمليات القمع.
  • هناك محاولات تجري من جانب الجهات العسكرية للعودة لمرحلة 30 يونيو/ حزيران باعتبارها ملاذا آمنا للنظام، حيث التحالف والوئام بين العسكر والقوى اليسارية والليبرالية، بدليل قول الإعلامي عمرو أديب: “عايزين نلّم بعض، حتى لا يلجأ المجتمع للاستماع من الخارج”.
  • جزء من الخطة هو إطلاق سراح من كانوا متحالفين مع السيسي، ثم انتقدوه واعتقلهم، بهدف إعادة الوحدة مرة أخرى ضد “الإخوان” خشية أن تنتهي موجات الغضب المتصاعدة لثورة ويعود الإخوان والتيار الإسلامي للساحة.
  • الجهات الأمنية يبدو أنها لم تعد تحت يد السيسي، وأسندها أو هي باتت في عهدة نجله “محمود” المسؤول الأول في جهاز المخابرات العامة، والأمن القومي، مع مدير الجهاز اللواء عباس كامل، ويتصرف محمود بمنطق “الرعب” من تكرار سيناريو 25 يناير، لهذا يبطش بعنف.
  • نبهت فيديوهات الممثل والمقاول محمد علي، المصريين لـ “بيزنس الجيش” وهزت ثقة المصريين فيه، وهو أمر يعتبره الجيش خطاً أحمر، لهذا رأى المجلس العسكري، ضرورة التهدئة ونصح بإطلاق حزمة قرارات ذات طابع اقتصادي للتهدئة، وأوعز للإعلاميين بالحديث عن “إصلاح سياسي”.
  • الجهات العسكرية اعتبرت تصريحات السيسي عن القصور الرئاسية، أمرا استفز المصريين، لهذا أطلقت حملة إعلامية منظمة لتبرير بناء هذه القصور على أنها لمصر وليس السيسي، وأنها غير مكلفة للدولة، ثم تم أمر الإعلام بعدم تناولها إطلاقا.
  • السيسي يتفهم قلق المؤسسة العسكرية من سياساته، لذلك حاول في خطابه الأخير تذكيرهم أنهم هم من اختاروه، وتحدث لأول مرة عن كواليس ترشيحه للرئاسة، قائلا: “حدث بناء على إجماع من المؤسسة (المجلس العسكري)، وتابع: “على أد فهمهم جابوا أحسن ما عندهم”.
المصدر : الجزيرة مباشر