فرانس برس: اعتقال نشطاء في السعودية رسالة بأن التغيير يأتي من السلطة فقط

حملة اعتقالات طالت علماء ودعاة ومعارضين سعوديين (أرشيفية)
حملة اعتقالات طالت علماء ودعاة ومعارضين سعوديين (أرشيفية)

قالت وكالة فرانس برس إن اعتقال نشطاء بارزين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة في السعودية ووصفهم بـ”الخونة” يشكّل تحذيرا لا لبس فيه مفاده بأن التغيير في المملكة يأتي فقط بأوامر عليا.

وقالت الوكالة إنه بينما تروّج السلطات السعودية لحملة “الاصلاح والانفتاح” بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تبدو الاعتقالات متعارضة مع هذه الحملة، إلا أن المحللين يرون أنها مجرد انعكاس لأسلوب الحكم في المملكة.

ونقلت الوكالة عن كريستين ديوان، من “معهد دول الخليج العربي” في واشنطن، قولها إن “تفكيك شبكة كبيرة من الناشطات يندرج في سياق إعادة التموضع، أكثر مما يشير الى التراجع عن الاصلاحات”.

وأشارت ديوان إلى أن استهداف النشطاء الليبراليين يجب أن ينظر إليه على أنه يأتي في سياق سعي أفراد الأسرة الحاكمة للتقرب من شخصيات دينية “لطرح أنفسهم في موقع الوسطيين في موازاة المضي قدما بالتغييرات”.

ويرى جيرالد فيرشتاين، وهو سفير أمريكي سابق في اليمن وعمل في السعودية أيضا، أن الاعتقالات “غير مفاجئة”.

وقال في مؤتمر لمعهد الشرق الأوسط: “في الوقت الذي شرع فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تنفيذ برنامج واسع للتحديث الاقتصادي والاصلاح الاجتماعي، والذي أطلق عليه لقب رؤية 2030، فإنه قال بوضوح إن برنامجه لا يشمل توسيع المساحة السياسية”.

وبحسب فيرشتاين، فإن اعتقال الناشطين استمر دون انقطاع على الرغم من مشروع الإصلاحات، في إشارة إلى استمرار سجن المدون رائف بدوي.

ويرى كريستيان أولريشسن الباحث في جامعة رايس أن هذه الخطوة تأتي للتذكير بمن يمسك بزمام الأمور في المملكة، ويقول: “في الوقت الذي يقترب فيه رفع حظر القيادة عن النساء السعوديات، فإن نشر صور ناشطات بارزات في مجال حقوق المرأة ووصفهن بالخائنات على الصفحات الأولى من الصحف السعودية يوجّه رسالة قوية دوليا ومحليا، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة”.

ويشرح أولريشسن أن التحذير “سيكون واضحا للغاية لأي شخص يميل إلى انتقاد الحكومة”.

ومن جانب آخر نقلت فرانس برس عن ناشط سعودي، اشترط عدم الكشف عن اسمه، قوله إن “التوقيت هام للغاية، قبل السماح للنساء رسميا بقيادة السيارة” في حزيران/يونيو المقبل، بعد نحو تسعة أشهر من صدور قرار ملكي بذلك.

وبحسب الناشط فإن الاعتقالات تأتي “من أجل توجيه رسالة واضحة مفادها أن السماح للنساء بقيادة السيارات ليس حقا بإمكان النساء المطالبة به، ولم يأت بسبب أي نشاطات، هذه مكرمة تفضل بها الملك والعائلة المالكة على الشعب في السعودية”.

وأضاف أن لسان حال العائلة المالكة هو: “سنمنحكم إنجازا سطحيا، ولكن ليس بإمكانكم السؤال لماذا وكيف” واعتبر الناشط أن حملة الاعتقالات تهدف إلى القضاء تماما على فكرة أن أي تغيير في السعودية يمكن أن يحدث بسبب حملات الناشطين.

بدورها، قالت ناشطة سعودية طلبت عدم الكشف عن اسمها: “عندما صدر قرار رفع الحظر عن القيادة العام الماضي شعر الكثير من الناس بالقوة، واعتقدوا أنه قد يكون هناك بعض القبول من العائلة المالكة بأن يصبح الناس جزءا من عملية صنع القرار”.

وأضافت: “لكن هذا لم يحدث أبدا كان هذا جزء من حملة القمع الحكومية بأن طبيعة ووتيرة الإصلاحات خاضعة تماما لسيطرة الملكية المطلقة لضمان مواصلة الإبقاء على السلطة”.

وأشارت الناشطة إلى أن الناشطين المخضرمين تعاملوا بحذر مع إصلاحات ولي العهد، كونها تأتي بالتوازي مع سياسة خارجية “عدائية” في اليمن والمنطقة.

ولم تعلن جهات الأمن السعودية رسميا أسماء المعتقلين والمعتقلات، لكن المتحدث الأمني لرئاسة أمن الدولة قال إن المتهمين قاموا “بالتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج”.

وبعد ساعات من هذا الإعلان، نشرت وسائل إعلام مقربة من الحكومة أسماء النشطاء واصفة إياهم بـ”الخونة” ونشرت صحيفة (الجزيرة) على صفحتها الأولى عنوان “خبتم وخابت خيانتكم” مرفقة بصورتين للناشطتين البارزتين لُجين الهذلول وعزيزة اليوسف، وهما ناشطتان اشتهرتا بدفاعهن عن حق المرأة في قيادة السيارة.

كما اعتقل المحامي إبراهيم المديميغ والذي وصفته وسائل إعلام بـ”محامي الشيطان”.

وكتبت صحيفة (عكاظ) نقلا عن قانونيين وعدليين سعوديين أن “التخابر مع جهات أجنبية والتجسس على الوطن يعدان من الجرائم الكبرى.. تصل عقوبتهما إلى القتل لمن يثبت تورطه”، وأضافت الصحيفة أنه “لا فرق في الجريمة بين الرجل والمرأة وفق ما نصت عليه الشريعة الإسلامية”.

المصدر : مواقع فرنسية