غلغامش يظهر في كردستان العراق! (صور)

شاءت الصدف أن تقع عينا البروفيسور العراقي المغترب فاروق الراوي، على ألواح طينية ليكتشف بعد قراءتها قطعتين تعودان لنسختين مختلفتين من ملحمة غلغامش الشعرية، درة الأدب العالمي.

الراوي وهو خبير اللغات القديمة والآثار، كان عائدا إلى العراق لتطوعه لتبويب مقتنيات وقطع أثرية في متحف السليمانية، شمالي العراق.

تفاصيل مفقودة
  • الراوي وهو حاصل على شهادة (sul ) من جامعة لندن، يقر بوجود نسخ متعددة لهذه الملحمة الشعرية كتبت في فترات زمنية مغايرة، شهدت اندثار حضارات وصعود أخرى في بلاد الرافدين، بيد أن ما أكتشفه في العمودين الأول والثاني من كسرة اللوح الخامس من الملحمة الشعرية، يكشف تفاصيل مختلفة وغير موجودة في أية نسخة أخرى.
  • يستند في ذلك على التذييل المدون خلف اللوح والذي يثبت كونه اللوح الخامس من الملحمة الأسطورية وهي مكتوبةٌ بما يسميها الكتابةَ النموذجية البابلية وهي اللغة التي كتبت بها النصوصُ الأدبية الأشورية حسب قول الخبير العراقي، ما يرجح أن هذا اللوح يعود في الأصل إلى مقتنيات مكتبة أشور بانيبال، أعظم ملوك آشور والذي وصل نطاق حكمه الى صعيد مصر، بينما يرجح تأريخ كتابة اللوح الخامس للعام 1100 قبل الميلاد حسب تقدير الخبراء.
فاروق الراوي، خبير اللغات القديمة والآثار

 

  • تروي التفاصيل المفقودة، رحلة غلغامش في ميزوبوتاميا القديمة وصولا إلى غابات الأرز ولا يعرف إن كان المقصود بغابات الأرز (لبنان) الحالية أم لا، ولكن غلغامش وصديقه أنكيدو كانا يريدان مواجهة ساحر الغابة (خمبابا أو خواوا) وهنا يفضل الراوي تسمية (غول الغابة) التزاما بما هو مدون في اللوح، والذي كان حارسا مُهابا للغابة تخشاه حتى الآلهة وتدور حوله قصص خيالية مرعبة.
  • خلال عملية ترصده، اكتشف غلغامش أن خمبابا  ليس مجرد غول عربيد بل إن حيوانات الغابة كانت تغني له وأنه شريرمراوغ “لذا” نصح أنكيديو، غلغامش بعدم المغامرة في مواجهة (خمبابا) بيد أنه عقد العزم على اكتشاف الغابة ومخلوقاتها العجيبة التي كانت تصدر أصواتا غريبة ومن بينها (ميرانوبغو) أي القردة بلغة المدونة القديمة، وتعلم أيضا طرق استخدام أخشاب الغابة.

 

  • أما مضمون كسرة اللوح الثاني الذي تمكن الخبير من قراءته وهي مكتوبة بالغة البابلية القديمة فهي لا تختلف عن النسخ الأخرى إلا في جزئيات بسيطة، تروي قصة (شمخت) تلك المرأة (الغانية) التي أرسلها غلغامش (وورد اسم غلغامش هنا تحت اسم الإله (سِن) لأجل “إغواء أنكيدو(أيا) الذي كان يعيش في البراري وتأهيله للعيش المتحضر” (فقد كانت مدينة الوركاء، جنوبي العراق حاليا عاصمة غلغامش متحضرة ومزدهرة) وبالتالي استمالته إلى جانبه كعضيد له في مغامراته الموحشة.
تحف نادرة
  • هنا تبرز فطنة غلغامش في استخدام جمال المرأة كسلاح مع الأعداء وكذلك الأصدقاء ولربما كانت هذه الحيلة تستخدم للمرة الأولى، إذ يرجع تاريخ الملحمة حسب خبراء الآثار إلى نحو 5000 عام.

 

  • بفضل فاروق الراوي الخبير العراقي المتطوع الذي يشبه كثيرا المدونين السومريين والبابليين والأشوريين القدماء الذين سجلوا رحلة البشرية في بلاد ما بين النهرين، أصبح لدى متحف السليمانية للآثار، تحفتين نادرتين لأروع نص أدبي عرفته البشرية، وحسب تقدير الخبير العراقي، فإن متاحف عالمية كبرى مستعدة لدفع ما بين (300-400) مليون دولار لاقتناء مثل هذه القطع النادرة.
  • لا يخلو متحف السليمانية والذي يصنف الثاني على مستوى العراق بعد متحف الآثار في بغداد، من نفائس أثرية ورغم أن المتحف يخضع حاليا لأعمال تجديد وترميم شاملة، فإن هاشم محمد، مدير المتحف، كشف لموقع “الجزيرة مباشر”، عن نفائس الكنوز الموجودة إلى جانب اللوحين ومن بينها تاج لأميرة سومرية على شكل ثلاث زهرات متفتحة مرصعة بالذهب والاحجار الكريمة.

 

  • مدير المتحف يقول “على الأرجح كان تاجا لأميرة شابة جميلة توفيت في مقتبل العمر وكانت عزيزة على عائلتها النبيلة، تمت إعارته لمتحف السليمانية منذ سبعينيات القرن الماضي وهنا في هذا المتحف يعرض تاريخ البشرية منذ ما قبل 100 ألف عام وصولا إلى العصر الإسلامي”.
مدير متحف السليمانية هشام محمد

 

  • أما عن غلغامش الذي التقته “الجزيرة مباشر” في متون مغامراته الموحشة الملحمية المكتشفة في كردستان، فقد وجد عشبة الخلود في النهاية (حسب الملحمة الشعرية) لكنه وضعها على ضفة النهر بينما ذهب ليسبح وهنا تلقفت الأفعى وسرقت العشبة منه وابتلعتها ليطول عمرها وتطرح جلدها الميت كل فترة وليبقى غلغامش خاوي اليدين عقب بحث مضنٍ دام سنين عديدة وفي آخر المطاف اكتشف أن الأعمال الطيبة هي التي تخلد الإنسان فعاد إلى مدينته الوركاء وجعل منها أعظم العواصم على الإطلاق وقد تكون هذه القصة عبرة للباحثين عن الخلود في هذه الأيام.
السليمانية- أيوب الشيخ
تصوير: توار طه
المصدر : الجزيرة مباشر