عمان في عهد السلطان قابوس.. استقرار في محيط من الأزمات

السلطان الراحل قابوس بن سعيد

رحل السلطان قابوس بن سعيد، أقدم حاكم في الشرق الأوسط، بعدما حكم عمان لمدة تقترب من الخمسين عاما، تاركا خلفه سياسة خارجية عرفت بالحياد، وداخلية عرفت استقرارا سياسيا واجتماعيا.

وعرفت سلطنة عمان في عهد السلطان قابوس بهدوئها واستقرارها في محيط لم يخل يوما من الأزمات.

درس قابوس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة، وفي سبتمبر/أيلول 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى انجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة (سافوك).

وفى عام 1960م التحق بالأكاديمية العسكرية الملكية (ساند هيرست) ضابطا مرشحا، حيث أمضى فيهـا عـامين درس خلالها العلوم العسكرية وتخرج برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب البريطانية العاملة آنذاك في ألمانيا الغربية حيث أمضى ستة أشهر متدربا في فن القيادة العسكرية.

بعدها عاد إلى بريطانيا حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة. ثم قام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة أشهر، عاد بعدها إلى البلاد عام 1964م حيث أقام في مدينة صلالة يتعمق في دراسة الدين والحضارة والتاريخ.

وتسلم السلطان قابوس بن سعيد مقاليد عرش سلطنة عمان في 23 يوليو/ تموز 1970، خلفا لوالده.

سويسرا الخليج

وصفت تقارير عدة، السلطنة في عهد قابوس بأنها أشبه في هدوئها الداخلي والخارجي، بسويسرا، حتى باتت تعرف بسويسرا الشرق أو الخليج

وقامت سلطنة عمان في عهد السلطان بدور المحايد بشكل دفع لقيادة وساطة بين القوى الغربية وطهران حليف عمان، واستضافت مشاورات إيرانية- أمريكية، بخلاف دور في ملف الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية عقب استقبال السلطان قابوس رئيسَ وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في مسقط نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018، في ثانيةِ زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي إلى مسقط، منذ أن زارها عام 1994 الراحل إسحاق رابين.

وفي مؤتمر دولي عقب الزيارة بيوم، قال وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، إن “الزمن أصبح مناسبا للتفكير بجدية في التخلص من المشكلات التي لا تسمح لدول المنطقة بالتطور الذي تستحقه”، وإن بلاده “تساعد على تقارب الطرفين” الإسرائيلي والفلسطيني.

كما كان السلطان قابوس بن سعيد، من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وقامت بلاده بدور الحياد في ملف الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف 2017.

وتقول تقارير إن السلطنة في عهد قابوس كانت قوة ناعمة خليجية حيث تركز على شؤونها الداخلية، ولم يسجل تاريخها حالة واحدة لمحاولات عمان التدخل في شؤون الدول الأخرى أو دول الجوار، حيث ترتبط بحدود مشتركة مع كل من اليمن والسعودية والإمارات.

السياسة الداخلية

نُفذت مشاريع عدة في عهد قابوس منذ توليه مقاليد الحكم، على مستوى المستشفيات والمدارس، وإنشاء أول أوبرا في الخليج، وحتى مع وصول الربيع العربي، ظهر احتجاج في محافظة ظفار للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية.

وتحدث السلطان قابوس آنذاك، مع مجلسيه الاستشاريين -مجلس الدولة ومجلس الشورى- وهما كيانان شبه برلمانيين لهما صلاحيات تشريعية محدودة.

وتم احتواء هذا المطلب بوعود بتوفير وظائف وزيادة المعاشات والرواتب، تم ترجمتها فيما بعد بأمور أبرزها رفع الحد الأدنى لأجور المواطنين العمانيين العاملين في القطاع الخاص، وتوفير 50 ألف فرصة عمل للعاطلين، وإقالة وزيرين من حكومته وتشكيل حكومة جديدة، وسط تغييرات جعلت من مسقط مستقرة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

المرض 

على خلاف نظرائه من حكام منطقة الخليج العربي، فإن السلطان قابوس لم يسمِّ وريثًا للعرش، ولا ولي للعهد، وليس له أبناء ولا أشقاء.

وكان سلطان عمان غادر بلاده يوم 13 فبراير/ شباط 2016 لإجراء “فحوصات طبية دورية” في ألمانيا، بعد أقل من عام على عودته منها بعد رحلة علاجية استمرت 8 أشهر، من مرض لم يتم الإعلان عنه.

وعاد السلطان إلى بلاده، في 12 أبريل/نيسان 2016، وأصدر ديوان البلاط السلطاني بيانًا آنذاك جاء فيه، أن “سلطان البلاد عاد إلى أرض الوطن بعد إتمام الفحوصات الطبية الدورية في ألمانيا، والتي تكللت بفضل الله بالنتائج الجيدة المرجوة”.

وأعلن الديوان مغادرته للبلاد في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2019، ضمن رحلة علاجية وفحوصات طبية في بلجيكا، قبل أن يعلن عودة في 13 من نفس الشهر، أي بعد نحو أسبوع، ومعها تجددت مخاوف بشأن صحته.

وفجر اليوم السبت، أعلن الديوان السلطاني، وفاة السلطان قابوس بن سعيد، مشيرا إلى إعلان الحداد وتعطيل العمل الرسمي للقطاعين العام والخاص لمدة 3 أيام وتنكيس الأعلام 40 يوما.

المصدر : وكالات