عام على اغتيال خاشقجي.. ولي العهد السعودي يقر بمسؤوليته

سعود القحطاني (يمين) وجمال خاشقجي (وسط) وولي العهد السعودي محمد بن سلمان

بعد أسابيع من قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم يعبأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بما أثارته الجريمة من غضب عالمي.

فقد ذهب ولي العهد بعدها ليشارك في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الأرجنتين، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.

وعلى مدار العام الماضي، حرِصَ ولي العهد الذي يبلغ من العمر 34 عامًا، على أن يُظهِرَ أن تبعات جريمة مقتل خاشقجي لم تجعل منه شخصًا منبوذًا على المستوى الدولي، فلم يتغيب عن أي حدث رئيسي عقد داخل المملكة أو خارجها.

محاولات ابن سلمان
  • سلط الضوء على ابن سلمان خلال قمة العشرين بالعاصمة الأرجنتينية بوينس أيريس وسط كوكبة من زعماء العالم، وبينهم الرئيسان الأمريكي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين.
  • عقب القمة مباشرة، قام ابن سلمان بجولة في المغرب العربي شملت تونس وموريتانيا والجزائر.
  • غير أن ابن سلمان لم يذهب إلى الولايات المتحدة، الحليف القوي لبلاده، أو إلى أي من دول أوربا.
 اغتيال خاشقجي.. من المسؤول؟
  • كان خاشقجي، الكاتب في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، معارضًا ومنتقدًا قويًا لمحمد بن سلمان.
  • تركيا ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) وحكومات غربية، تقول إن الأمر بقتل خاشقجي لم يكن ليصدر إلا عن أعلى مستويات السلطة داخل النظام السعودي.
  • لطالما نفى المسؤولون في الرياض أي دور لمحمد بن سلمان في الجريمة.
  • ابن سلمان التزم الصمت بشأن الحديث عن خاشقجي، ولكنه تعهد بالتحقيق في الجريمة، وجرى طرد عدد من المسؤولين الكبار في المملكة من مناصبهم، بينهم اثنان من الدائرة المقربة من ابن سلمان، لصلتهم بالجريمة.
ولي العهد السعودي اعترف بالمسؤولية السياسية عن مقتل الكاتب جمال خاشقجي
 وثائقي أمريكي: ابن سلمان يعترف
  • شبكة (بي بي إس) الإخبارية الأمريكية نسبت لولي العهد السعودي قوله في فيلم وثائقي إنه يتحمل مسؤولية مقتل خاشقجي لأنها وقعت وهو في موقع السلطة، بينما رفض مسؤولون سعوديون الإدلاء بمعلومات عن مكان المتهمين بقتل خاشقجي.
  • الأمير يقول في الوثائقي الذي تبثه (بي بي إس) كاملًا الثلاثاء المقبل، عشية الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي “أتحمل المسؤولية كاملة، لأنها (الجريمة) حدثت في عهدي”.
  • في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت (بي بي إس) أن مراسلها تعقب ولي العهد في سباق للسيارات الكهربائية أقيم خارج العاصمة السعودية الرياض.
  • المراسل سأل ابن سلمان كيف لجريمة مثل مقتل خاشقجي أن تحدث دون علمه، ليرد الأمير “لدينا 20 مليون نسمة. ولدينا ثلاثة ملايين موظف حكومي”.
  • في السياق ذاته، رفض وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير ضمن التحقيق الحديث عن مكان وجود سعود القحطاني مستشار ولي العهد السعودي، وهو أحد من وجهت إليهم أصابع الاتهام في جريمة مقتل خاشقجي.
تحقيق الأمم المتحدة
  • في يونيو/حزيران الماضي، خلُصت محققة الأمم المتحدة أغنيس كالامارد في تقرير بعد ستة أشهر من التحقيقات إلى أن جريمة خاشقجي “كانت عملية إعدام خارج نطاق القانون، واختفاء قسري، وربما عملية تعذيب، وتتحمل مسؤوليتها الدولة السعودية.
  • كالامارد أكدت الحاجة إلى إجراء مزيد من التحقيقات بشأن المسؤولية الشخصية لمسؤولين سعوديين عن الجريمة، وبينهم ولي العهد السعودي.
  • في نفس الشهر، مثل ابن سلمان بلاده مرة أخرى في قمة العشرين التي عقدت باليابان، حيث وصفه الرئيس الأمريكي بـ”صديقي” وأثنى على جهوده في تحديث المجتمع السعودي المحافظ.
  • كالامارد انتقدت بقوة الصورة التي جمعت زعماء مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، والتي احتل ابن سلمان مركز صدارة فيها، وهو يبتسم ويصافح ترمب.
  • المحققة الأممية قالت أمام فعالية في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الخميس الماضي، إنها “صورة مخزية لإمبراطورنا العاري، والأباطرة الصامتين المحتملين”.
  • كالامارد: قمة أوساكا أعطت “شرعية كاملة لمن لا شرعية له. إن هذا لا يعني فحسب تسامحًا مع القتل، بل والقتلة أيضًا، ويحتضنهم.
  • من المقرر عقد قمة العشرين القادمة في العاصمة السعودية الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
  • اتُخِذَ قرار عقد القمة في السعودية قبل جريمة قتل خاشقجي، ولكن كالامارد قالت “قد تقترب قمة الرياض 2020 للغاية من أن تشكل كارثة للقيم الرئيسية التي أُسِسَتْ عليها بلادنا”، ودعت إلى نقل الحدث إلى دولة أخرى.
جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أثارت ردود فعل غاضبة (رويترز)
 هل نجح ابن سلمان في تفادي العاصفة؟
  • ولي العهد السعودي يواصل استقبال الشخصيات العالمية البارزة التي تزور المملكة، والتي كان آخرها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس وزراء باكستان عمران خان.
  • وفقًا لمراقبين، يبدو أن ولي العهد السعودي قد نجح في أن يتفادى العاصفة التي اجتاحت العالم عقب اغتيال خاشقجي.
  • ستيفن بومبر، كبير مديري السياسات بمجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز أبحاث مقره العاصمة البلجيكية بروكسل، قال “ربما قد مضى الأسوأ بالنسبة لولي العهد”.
  • بومبر: في السياسة الأمريكية، تميل الشدة إلى أن تتضاءل بمرور الوقت. يمكن للكونغرس فحسب الحفاظ على التركيز لفترة طويلة.
  • بومبر: كانت إدارة ترمب عازمة دومًا على وضع هذه القضية (مقتل خاشقجي) خلف ظهرها.
  • منذ تنصيبه وليا للعهد في عام 2017، رسمت صورة لمحمد بن سلمان على أنه صانع التغيير، إذ قاد عملية إجراء تغييرات جذرية وغير مسبوقة، وبينها السماح للنساء بقيادة السيارات في البلاد، ولأول مرة.
تضرر صورة ابن سلمان
  • صورة ابن سلمان كمصلح تضررت كثيرا نتيجة لمقتل خاشقجي، وفقًا لما ذكره بومبر، الذي عمل مديرًا بإدارة حقوق الإنسان في مجلس الأمن الوطني بالولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
  • بومبر: هناك مجموعة من الناس، خاصة أصدقاء وزملاء مقربين من خاشقجي، لا يعتقدون أن العدالة قد أخذت مجراها، ولن ينسوا ما جرى، وسيعملون على ألا ينسى صانعو السياسات أو العامة ذلك.
  • الملف السعودي في مجال حقوق الإنسان خضع كذلك إلى عملية تدقيق العام الماضي عندما اعتقلت مجموعة من النساء، قالت جماعات حقوقية إنهن تعرضن للتعذيب. ونفت الرياض ذلك.
خلفيات
  • بعد حوالي ثلاثة أسابيع من النفي، وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على المملكة، أقرت الرياض أخيرًا بأن خاشقجي قتل داخل قنصلية المملكة في إسطنبول.
  • النائب العام السعودي قال آنذاك إن ما جرى لخاشقجي كان جريمة قتل متعمدة “مع سبق الإصرار والترصد”، وطالب بتوقيع عقوبة الإعدام بحق 11 سعوديًا تورطوا في الجريمة.
  • رغم ذلك، لم تكشف الرياض النقاب عن هوية الأحد عشر مشتبها بهم، أو طبيعة الاتهامات المنسوبة إليهم، وسط تساؤلات تُشكِك في نزاهة المحاكمة” السرية” التي انطلقت في يناير/كانون الثاني الماضي.
  • لطالما رفضت المملكة بقوة دعوات بإجراء تحقيق دولي أو محاكمة علنية في الجريمة.
  • في يونيو/حزيران الماضي، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير “نؤكد أن سيادة المملكة وولاية مؤسساتها العدلية على هذه القضية أمر لا مساومة فيه”.
المصدر : الألمانية + الجزيرة مباشر