صحيفة إماراتية تنتقد أداء مصر الدبلوماسي في أزمة سد النهضة

عودة إلى مفاوضات سد النهضة بعد تعثر الجولة الأخيرة
إخفاق دبلوماسي مصري أدى لأزمة سد النهضة الحالية وفقا للصحيفة

انتقدت صحيفة إماراتية أداء مصر الدبلوماسي في التعامل مع ملف سد النهضة معتبرة أن أداء القاهرة الضعيف وارتكاب العديد من الأخطاء أوقعها في مأزق خطير يهدد حياة الملايين من المصريين.

ونشرت صحيفة “العرب” الإماراتية السبت مقالا بعنوان “أخطاء دبلوماسية أوصلت مصر إلى عقدة سد النهضة” قالت فيه إن “أخطاء مصرية أدت إلى الربط بين أزمتين متنافرتين (ليبيا وسد النهضة) وأن القاهرة صبرت أكثر من اللازم، وتحركت بعد أن قطع خصومها شوطا طويلا يصعب تراجعهم عنه بالوسائل التقليدية، وهو ما تتحمله الدبلوماسية التي لم تتبن أفكارا خلاّقة، وتجاهلت عنصر الوقت وما يفضي إليه من انعكاسات يصعب ترميمها”.

وأضافت الصحيفة أن النفق الذي دخلته أزمة سد النهضة أثار الكثير من الأسئلة بشأن طبيعة الأخطاء التي ارتكبت وجعلت إثيوبيا تقود دفة الصعود والهبوط في المفاوضات، وتتحكم في مفاتيح أزمة تهدد حياة الملايين من المصريين الذين يعتمدون على مياه نهر النيل.

إلقاء اللوم على الأنظمة السابقة

واعتبرت الصحيفة الإماراتية، أن إلقاء اللوم على الأنظمة السابقة لم يعد كافيا لتفسير النتيجة القاتمة التي وصلت إليها أزمة سد النهضة والتي جعلت الخيارات أمام القيادة المصرية الحالية محدودة، فلا هي قادرة على مواصلة التفاوض بلا معنى من خلال القناة الأفريقية أو مخاصمتها صراحة، ولا هي تستطيع التلويح بالخيار العسكري أو استبعاده تماما.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يتمكن من حل عقدة سد النهضة على مدار سنوات حكمه الست لأنه وضع أمله كله في سلة المفاوضات، وتساءلت هل كانت أثيوبيا عصية على التفاهم مع مصر أم أن هناك فجوات أدت إلى ذلك؟

إشكالية عميقة في آلية صنع القرار المصري

ونقلت الصحيفة الإماراتية عن مصادر كشفت لها عما أسمته “إشكالية عميقة في صنع القرار المصري” بامتلاك قدر كبير من التفاصيل في الأزمات التي تحيط بالبلاد، غير أنها تفتقد إلى رؤية دقيقة تتعامل وفقها.

وأضافت المصادر للصحيفة أن هذه السياسة أضاعت على مصر الكثير من الفرص السانحة، ومكّنت دولة مثل تركيا من استغلال الفراغ العربي والتوغل في دول عربية وأفريقية. بينما بدت مصر، المعادل الموضوعي لتركيا في المنطقة، مكبلة بهواجس تقليدية لو تخلت عنها قليلا لنجحت في تغيير توازنات كثيرة تصب في مصلحتها.

ووفقا للصحيفة فإن “معظم التحركات التي تقوم بها القاهرة في قضايا حيوية، من ليبيا وحتى سد النهضة، تأتي كردود أفعال، حيث تنتظر معرفة كيف سيتصرف الآخرون ثم تضبط بوصلتها، ما جعل قوتها العسكرية الكبيرة والمتطورة منضبطة وغير مقلقة، حتى تولدت شكوك بأنه قد لا يتم استخدامها حال تجاوز بعض الخطوط الحمراء التي رسمتها لغيرها”.

واعتبرت الصحيفة أن توجيه التهديد فيما يتعلق بالأزمة الليبية التي تقع على مرمى البصر من الحدود المصرية ربما يجدي نفعا، لكنه غير مضمون العواقب بالنسبة إلى أزمة مثل أزمة سد النهضة الذي يبعد مئات الكيلومترات، فهي قضية فنية حتى لو جرى تغليفها بمناحٍ سياسية في تفاصيلها النهائية، ويستلزم التعامل معها التقيد بقواعد تقنية يؤدي الخروج عنها إلى وقوع أضرار بالغة.

استسلام المفاوض المصري للمنطق الإثيوبي

وتقول الصحيفة إن ما أسمتهم بالـ “خبراء” يأخذون على المفاوض المصري استسلامه للمنطق الإثيوبي، وعدم اللجوء مبكرا إلى وقفة حاسمة، وإجراء تعديل في خططه التي لم تحقق الأهداف المرجوة، والبحث عن بدائل ناجعة، لأن حلقات المفاوضات الطويلة باتت عاجزة، والاستمرار فيها يوحي بخمول في العقل الدبلوماسي.

وتابعت “حين سلكت مصر طريق مجلس الأمن كانت قد تراكمت جملة من المشكلات، ونجحت إثيوبيا في توظيف أدواتها لخلق صورة سلبية عن منافستها ونسجت علاقات مع قوى مختلفة بعضها أيد أديس أبابا في العلن وغالبيتها وفّـرت لها شبكة أمان خفية”.

وأكدت الصحيفة أن المفاوض المصري تغافل عن حقيقة رفض إثيوبيا التوصل إلى اتفاق ملزم، وبدا مفتقدا لهامش المناورة  الذي استثمرت فيه إثيوبيا خلال الفترة الماضية وساعدها على تسجيل عدد من الأهداف في المرمى المصري.

تابين التقديرات

ونقلت الصحيفة عن مصادر أسمتها “بالمطلعة على كواليس الدبلوماسية المصرية” قولها “إن المشكلة داخل مصر تكمن في تباين التقديرات، فهناك أكثر من جهة لها علاقة بأزمة سد النهضة، منها وزارة الخارجية ووزارة الري، والأجهزة الأمنية المتعددة، فضلا عن رئاسة الجمهورية، وكلها تتشارك في صناعة القرار الذي يتخذه الرئيس السيسي.

وتتسبب هذه المعادلة الموروثة من عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وفقا للصحيفة الإماراتية، في تفاوت الرؤى، لأن الجهة صاحبة التأثير الأكبر يتم تبني تقديرها، وفي الغالب لا يميل هذا التقدير نحو المجازفة، بل يفضل التحلي بالحذر والتريث والصبر خوفا من حدوث مفاجآت، وبالتالي تحمل المسؤولية الأخلاقية في حالة الخطأ.

المصدر : صحف إماراتية