شاهد: في غياب المنافسة الفعلية.. بدء الانتخابات الرئاسية في مصر

يدلي المصريون بأصواتهم، اليوم الإثنين، في انتخابات رئاسية من المرجح أن يحقق فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي فوزًا سهلًا.

ويتوجه المصريون من اليوم ولمدة ثلاثة أيام إلى مكاتب الاقتراع لاختيار رئيس للجمهورية في انتخابات محسومة سلفا للرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي الذي يتوقع أن يعاد انتخابه لولاية ثانية مدتها 4 سنوات.

وتفتح مكاتب الاقتراع أبوابها في التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء لإتاحة أكبر فرصة ممكنة لقرابة 60 مليون ناخب (من إجمالي 100 مليون مصري هم عدد سكان البلد العربي الأكبر ديموغرافيا) للإدلاء بأصواتهم.

وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بلغت نسبة المشاركة بعد يومين من الاقتراع 37% وقررت السلطات حينها تمديد التصويت لمدة يوم لترتفع نسبة المشاركة إلى 47،5%، ومن غير المرجح أن تصل نسبة المشاركة إلى 37% خلال الأيام الثلاثة للاقتراع.

وينصب التركيز على قوة الإقبال على التصويت بعدما دعت شخصيات معارضة تشكو من القمع إلى المقاطعة.

وأمس الأحد، جابت حافلات وسط القاهرة تحمل مكبرات صوت تنطلق منها أغان تحث الناخبين على التوجه إلى لجان الاقتراع عشية الانتخابات الرئاسية التي يقول محللون إنها خلت من منافسين حقيقيين للرئيس عبد الفتاح السيسي.

ولصقت على الحافلات التي تتبع محافظة القاهرة لافتات تحمل شعارات مثل “خليك إيجابي” و”شارك في انتخابات الرئاسة 2018″.

وقال الجيش، أمس الأحد، إنه اتخذ إجراءات تأمين العملية الانتخابية في جميع أنحاء البلاد لتوفير “مناخ آمن” للمصريين للإدلاء بأصواتهم. وشوهد رجال شرطة يوم الجمعة يسلمون مواطنين ملصقات تحث المواطنين على التصويت.

وفي حين يرى كثير من المصريين أن السيسي، الذي شغل من قبل منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، يلعب دورًا حيويًا في استقرار البلاد بعدما تضرر اقتصادها بسبب ما شهدته من قلاقل منذ عام 2011، يصف معارضون الانتخابات بأنها صورية بعد أن انسحب مرشحون لهم ثقل تحت ضغط فيما يبدو.

ويسعى السيسي (63 عامًا)، الذي كان قائدًا للجيش وقت الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر إثر احتجاجات حاشدة على حكمه عام 2013، إلى فترة رئاسة ثانية بعد فترته الأولى التي استمرت 4 سنوات يقول إنه حقق خلالها الأمن والاستقرار.

لكن أي إقبال أقل من المتوقع قد يشير إلى أن السيسي يفتقر إلى التفويض اللازم لاتخاذ المزيد من الخطوات الصعبة المطلوبة لإنعاش اقتصاد تضرر بشدة بعد أن تسببت انتفاضة 2011 في ابتعاد السياح والمستثمرين الأجانب، المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة.

ومنافس السيسي الوحيد في الانتخابات التي يبدأ التصويت فيها اليوم ولمدة ثلاثة أيام، هو موسى مصطفى موسى، وهو مؤيد للسيسي منذ فترة طويلة وينظر إليه على نطاق واسع على أنه مرشح صوري.

 وحزب الغد الذي يرأسه موسى أيد السيسي بالفعل لولاية ثانية قبل أن يظهر موسى نفسه كمنافس في اللحظات الأخيرة.

وينفي موسى الاتهامات الموجهة إليه بأنه أداة لإعطاء إحساس زائف بالمنافسة، وتقول الهيئة الوطنية للانتخابات إنها ستضمن أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة.

وجاء في مقال افتتاحي بصحيفة الأهرام، أمس الأحد، أن أهمية الانتخابات هذه المرة ليست في قوة المنافسة لكن في أنها تحمل رسالة بأن مصر تستعيد قوتها في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.

تكميم المعارضين

ويقول منتقدو السيسي إن شعبيته تضررت منذ انتخابه عام 2014 نتيجة الإصلاحات التقشفية وتكميم المعارضين والنشطاء ووسائل الإعلام المستقلة.

وأصدرت المحاكم أحكاما بالإعدام على مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين منذ 2013.

ويقول أنصار السيسي، وبينهم قوى غربية ومعظم دول الخليج، إن الإجراءات ضرورية للحفاظ على استقرار البلاد في وقت تتعافى فيه من الفوضى السياسية وتواجه مسلحين إسلاميين يتمركزون في شبه جزيرة سيناء.

ولم ينظم أي من المرشحين حملات انتخابية واسعة، لكنهما حثا على المشاركة في التصويت بقوة.

وفي انتخابات 2014، فاز السيسي بنسبة 97% تقريبًا من الأصوات، لكن لم يشارك في العملية الانتخابية سوى أقل من نصف من لهم حق التصويت، وذلك رغم تمديد الانتخاب وإجرائه على مدى ثلاثة أيام.

وأشار السيسي في تصريحات أدلى بها هذا الشهر إلى أنه قد يرى أن التصويت يمثل استفتاء على أدائه، وقال “من الأفضل أن يشارك كل الذين لهم حق التصويت ويقول ثلثهم لا، أفضل كثيرًا من أن يشارك نصف الذين لهم حق التصويت ويقول معظمهم نعم. ونحن نتعهد أن نكون أمناء على كل صوت، انزل وقل لا في الانتخابات، لأن كلمة لا، صورة جميلة عن مصر أيضًا”.

ودعت شخصيات معارضة إلى مقاطعة الانتخابات بعد انسحاب كل الحملات المعارضة الرئيسية قائلة إن القمع أخلى الساحة من المنافسين الحقيقيين.

اعتقالات

وألقي القبض على المنافس المحتمل الأبرز للسيسي، وهو سامي عنان رئيس أركان الجيش الأسبق، وتوقفت مساعيه لخوض الانتخابات بعد أن اتهمه الجيش بإعلان الترشح “دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له”.

وحتى قبل بدء الحملة رسميًا، انتقدت الأمم المتحدة وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وشخصيات معارضة الفترة التي سبقت الانتخابات وقالت إنها شهدت اعتقالات وتخويفًا للمعارضين وإن إجراءات عملية الترشح تصب في مصلحة الرئيس الحالي.

وانتقدت الحركة المدنية الديمقراطية، وهي تحالف سياسي معارض، السيسي بشدة يوم الثاني من فبراير شباط بسبب خطاب حذر فيه كل من يسعى لتحدي حكمه.

وقال السيسي حينها “احذروا، الكلام اللي اتعمل من سبع… تمن سنين مش هيتكرر تاني في مصر” في إشارة على ما يبدو إلى الانتفاضة الشعبية التي اندلعت عام 2011 وأطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك وأعقبتها سنوات من الاضطراب السياسي والاقتصادي.

ووصفت الحركة الخطاب بأنه محاولة لنشر الخوف مما يقوض نزاهة المنافسة الانتخابية.

وفي رسالة إلى فريق السياسة الخارجية بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، قالت مجموعة العمل بشأن مصر، وهي مجموعة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تضم خبراء أمريكيين في السياسة الخارجية، إن “الانتخابات الصورية” ستجرى على خلفية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

وقالت “نحثكم على عدم التعامل مع هذه الانتخابات على أنها تعبير شرعي عن إرادة الشعب المصري والامتناع عن الإشادة أو التهنئة”.

وأضافت أنها تتوقع أن يقترح أنصار السيسي في البرلمان تعديلات دستورية لإلغاء القيود على فترات الرئاسة. وقال السيسي إنه لن يسعى لفترة رئاسة ثالثة.

ويبلغ عدد لجان الاقتراع 13 ألفًا و687 لجنة، تحت إشراف 18 ألفًا و678 قاضيًا، بمعاونة 103 آلاف موظف، وفق تصريحات صحفية سابقة لرئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، لاشين إبراهيم.

 وستجرى عملية فرز الأصوات في اليوم الثالث والأخير للانتخابات التي يحق فيها لنحو 59 مليون مواطن داخل البلاد التصويت بجميع محافظات مصر، وفق المصدر السابق.

يشار أن تصويت المصريين في الخارج جرى في الفترة بين 16 و18 مارس/آذار الجاري، وسط حديث رسمي عن إقبال جيد، دون الإعلان عن نتائجه، على أن تعلن مجموعة بنتائج الداخل.

ومن المقرر أن تعلن الهيئة الوطنية لرئاسيات مصر النتيجة النهائية للانتخابات يوم 2 أبريل/نيسان المقبل.

وفي حال وجود جولة إعادة، لعدم حصول أحد المرشحين في الجولة الأولى على أكثر من 50% من الأصوات، وهو أمر غير متوقع لترجيح كافة المؤشرات كفة السيسي، فإن النتائج ستعلن يوم 1 مايو/أيار المقبل.

المصدر : رويترز