شاهد: تاجر وحيد بين أنقاض “خان الحرير” في حلب

وسط محال تجارية مهجورة وجدران محترقة مليئة بثقوب الرصاص، أعاد محمد شواش وحده فتح محله لبيع الأغطية البلاستيكية المزركشة في خان الحرير.

وقرّر شواش (62 عاماً) قبل خمسة أشهر العودة لتفقد متجر كان مصدر رزقه لسنوات طويلة قبل النزاع في سوريا في العام 2011. في خان الحرير، أحد أشهر أسواق حلب القديمة وأكثرها حيوية قبل أن تمحي المعارك معالمه.

ويقول شواش “بكيت في بادئ الأمر، وجدت دماراً شاملاً يحيط بكل شيء من حولي، المحلات مدمرة والشوارع تكسوها الأنقاض والحجارة والأبنية المهدمة”.

وبرغم الدمار المنتشر، رممّ شواش متجره جزئياً، وضع باباً حديدياً وعلق أغطية الطاولات الملونة والمزينة برسومات ذهبية في مشهد يتناقض مع الجدران السوداء المحترقة إلى جانبها.

وافتتح شواش متجره في الصيف، ويجلس منذ ذلك الحين أمامه وحيداً ينتظر عودة الزبائن. ويقول “قمت بترميمه بنفسي كي أثبت للعالم كله أن حلب القديمة لا يزال فيها روح”.

وخان الحرير، هو أحد أسواق المدينة القديمة، المدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للتراث العالمي، وجرت إضافتها في العام 2013 على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.

وبقيت مدينة حلب بين العامين 2012 و2016 مقسمة بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأخرى غربية تحت سيطرة القوات الحكومية.

وبعد عملية عسكرية لجيش النظام السوري تبعها إجلاء آلاف المدنيين والمقاتلين المعارضين من الأحياء الشرقية، أعلن في 22 ديسمبر/كانون الأول العام 2016 السيطرة على كامل مدينة حلب.

وخلال أربع سنوات، غيّرت المعارك معالم المدينة الاثرية القديمة بعدما تحولت إلى خط تماس بين طرفي النزاع. وحل الدمار على بواباتها القديمة وأسواقها وخاناتها.

ومنذ استعادة الجيش السيطرة على حلب، بدأ تجار بالعودة تباعاً لتفقد محالهم ومنهم من بدأ مباشرة بأعمال التأهيل لإعادة الحياة إلى خانات طالما تنوعت زبائنها بين أهل المنطقة وآخرين من بلدان العالم.

أما في خان الحرير، الذي كان يضج بالحركة وتعتمد عليه آلاف العائلات الحلبية، فيجلس شواش وحيداً في شارع موحل على جانبيه أبنية لم يبق منها أبواب أو نوافذ، بل مجرد جدران محترقة تملأها ثقوب الرصاص والقذائف.

ويروي شواش كيف قام بترميم محله بنفسه ووسط شروط قاسية ومتعبة، فقد انكب طوال أسبوع على العمل، ونقل على عربة صغير بعجلتين الحجارة والإسمنت والمواد اللازمة.

ومنذ ذلك الحين، يفتح شواش كل صباح محله، ويمضي وقته بتنسيق الأغطية برغم غياب الزبائن، ويقول إنه في السابق كان يبيع يومياً بقيمة تتراوح بين 50 و70 ألف ليرة (ما بين ألف و1500 دولار حينها) أما اليوم فقد تغير الأمر تماماً، ويوضح شواش “بعت على سبيل المثال بقيمة 400 ليرة (0,9 سنت) (…) هذا لا يكفي لشراء سندويشة فلافل”، وهو الذي كان يعمل لديه سابقاً أربعة عمال.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع فرنسية