رويترز: لماذا اندلعت الاحتجاجات الجماهيرية في العراق؟

شهد العراق احتجاجات شعبية عارمة ضد الفساد وسوء الخدمات وقلة فرص العمل

قال عضو في مفوضية حقوق الإنسان العراقية التابعة للبرلمان إن عدد ضحايا الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الثلاثاء ارتفع إلى 29 قتيلًا وأكثر من ألف جريح، بينهم عناصر أمن.

هذه المظاهرات، التي قالت وكالة رويترز إنها فاجأت السلطات العراقية، كانت أول احتجاجات كبرى يسقط فيها قتلى منذ أكثر من عام.

لماذا يحتج الناس؟
  • بلغ السيل الزبى بالعراقيين. فبعد عامين من هزيمة تنظيم الدولة يعيش قطاع كبير من سكان البلاد، الذين يقترب عددهم من 40 مليون نسمة، في أوضاع متدهورة رغم ما يملكه العراق من ثروة نفطية.
  • بالرغم من تحسن الوضع الأمني عما كان عليه منذ سنوات، لم تمتد يد الإصلاح إلى البنية التحتية التي حاق بها الدمار، كما أن الوظائف أصبحت نادرة. ويتهم الشباب من يرون أنها قيادات فاسدة صراحة بالمسؤولية عن ذلك ويقولون إن هذه القيادات لا تمثلهم.
ما سبب سوء الأوضاع لهذه الدرجة؟
  • بعد حروب متتابعة على مدار عشرات السنين مع دول مجاورة وعقوبات الأمم المتحدة وغزوين أمريكيين واحتلال أجنبي وحرب أهلية طائفية كانت هزيمة الدولة في 2017 إيذانا بأن العراق دخل مرحلة سلام وأصبح حرا في تسيير تجارته لفترة متواصلة طويلة للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي. كما أن إنتاج النفط ارتفع إلى مستويات قياسية.
  • غير أن البنية التحتية متهالكة، بل وتتدهور، ولم يبدأ البناء بعد في مدن دمرتها الحرب كما أنه ما زال لجماعات مسلحة سطوة في الشوارع.
  • المتظاهرون يقولون إن الفساد ترسخ في ظل حكم الأحزاب الطائفية الذي ظهر بعد سقوطه.
ما الذي أطلق شرارة الاحتجاجات الأخيرة؟ ومن نظمها؟
  • لا يبدو أن الاحتجاجات تنسقها جماعة سياسية بعينها. وقد تزايدت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاجات في أوائل هذا الأسبوع. وبدا أن الإقبال على المشاركة فيها كان مفاجأة لقوات الأمن.
  • السببان الرئيسيان للغضب الشعبي هما قصور خدمات الدولة ونقص الوظائف. وساهمت في هذا الغضب سلسلة من الخطوات الحكومية لا سيما تنزيل رتبة قائد عسكري يحظى بشعبية كبيرة من أوقات الحرب لأسباب لم تُشرح بشكل كاف. وكان البعض يحتج خلال المظاهرات على ما حدث لهذا القائد.
هل الاحتجاجات الجماهيرية نادرة في العراق؟
  • في شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي وقعت احتجاجات كبرى تركزت أساسا في مدينة البصرة الجنوبية. ولقي فيها قرابة 30 شخصا حتفهم.
  • منذ ذلك الحين شهد العراق بعض المظاهرات المتفرقة لكنها لم تكن بحجم الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع وكانت أول مظاهرات كبرى مناهضة لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي منذ تولت السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
هل سيتسع نطاق المظاهرات؟ وما هي المخاطر؟
  • يتوقف الأمر على الكيفية التي ستعالج بها الحكومة والأجهزة الأمنية الاحتجاجات.
  • فسقوط مزيد من القتلى سيغذي مشاعر الغضب. لكن البعض يرى أن الرد القاسي قد يدفع المحتجين أيضا للبقاء في بيوتهم.
  • كثير من العراقيين يعتقدون أن فصائل شبه عسكرية ذات نفوذ كبير وتتمتع بدعم إيران تقف وراء الرد العنيف على احتجاجات البصرة في العام الماضي. ومنذ ذلك الحين كانت المشاركة في الاحتجاجات محدودة.
  • إذا شاركت جماعات عشائرية أو فصائل مسلحة في الاضطرابات فقد يتدهور الوضع.
  • عدة مدن جنوبية شهدت هذا الأسبوع اشتباكات بالرصاص بين مسلحين مجهولين وبين رجال الشرطة.
هل ستلبي الحكومة مطالب المحتجين؟
  • وعدت الحكومة بتحسين فرص العمل للعراقيين.
  • هذا الأسبوع وعد رئيس الوزراء بإتاحة وظائف للخريجين وأصدر تعليمات لوزارة النفط وهيئات حكومية أخرى لاشتراط أن يكون 50 في المئة من العاملين من العراقيين في التعاقدات التالية مع الشركات الأجنبية.
  • الحكومة السابقة أصدرت وعودا مماثلة لتحسين الرعاية الصحية والكهرباء والخدمات في العام الماضي.
هل الاضطرابات طائفية؟
  • لا. فقد سعى أغلب العراقيين لتحاشي الشعارات الطائفية بعد التجربة المريرة التي تمثلت في ظهور تنظيم الدولة وذلك رغم بقاء بعض التوترات الطائفية.
  • تدور الاحتجاجات حول تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتحدث وقائعها أساسا في بغداد والجنوب الذي يغلب عليه الشيعة لكن تتداخل فيها خطوط عرقية وطائفية. كما أن الغضب موجه لطبقة سياسية لا لطائفة بعينها.
  • يتناقض ذلك مع الاحتجاجات التي وقعت في العامين 2012 و2013 واستغلها تنظيم الدولة في كسب التأييد في صفوف السُنة.
ما الذي تعنيه الاضطرابات للحكومة؟
  • ربما تجد الحكومة أن من الصعب السيطرة على هذه الاحتجاجات، إذ لا يشارك أي فصيل أو حزب سياسي فيها علنا، ولا حتى المعارضة البرلمانية المتمثلة في كتلة مقتدى الصدر التي سبق أن نظمت مظاهرات من قبل.
  • إذا اتسع نطاق الاحتجاجات فليس من الواضح ما الخيارات التي تملكها الحكومة.
  • لم يُذكر شيء حتى الآن عن تعديلات وزارية أو استقالات. ومن المرجح أن ترغب الأحزاب التي اتفقت على الدفع برئيس الوزراء عبد المهدي إلى قمة السلطة في إبقائه في موقعه.
المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات