رويترز: اعتقالات بمصر تستهدف منتقدي السيسي البارزين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أدى اليمين الدستورية لولاية ثانية
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يؤدي اليمين الدستورية لولاية ثانية

ظهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على شاشة التلفزيون الرسمي مبتسما الشهر الماضي ليعلن العفو عن أكثر من 330 سجينا قبيل حلول شهر رمضان. وأصدر هذا الأسبوع أيضا عفوا عن 712 آخرين.

وكثير من هؤلاء شبان سجنوا لمشاركتهم في احتجاجات مناهضة للحكومة.

لكن في غياب مثل تلك الجلبة الإعلامية، احتجزت السلطات ما لا يقل عن ستة معارضين بارزين للسيسي خلال الأسابيع القليلة الماضية، فيما يقول نشطاء معارضون إنها جهود متزايدة لسحق كل أشكال المعارضة بعد أقل من ثلاثة أشهر على فوزه الساحق بالانتخابات.

وكتب وائل عباس، وهو أحد أبرز المعتقلين، على صفحته على “فيسبوك” قرب فجر يوم 23 من مايو/ أيار الماضي “أنا بيتقبض علي”.

واتهمت السلطات عباس، الصحفي الذي حصل على جائزة دولية في 2007 بعدما نشر تسجيلات مصورة تظهر أعمالا وحشية نسبت للشرطة المصرية، بنشر أخبار ومعلومات وبيانات كاذبة والاشتراك مع جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، وهي عبارة عادة ما تستخدمها السلطات المصرية للإشارة إلى الجماعات الإسلامية. وقال جمال عيد محامي عباس إن موكله نفى الاتهامات.

وانضم عباس إلى شخصيات بارزة أخرى اعتقلوا جميعا على مدى ثلاثة أسابيع. ومن بين هؤلاء حازم عبد العظيم، الذي كان مؤيدا معروفا للسيسي قبل أن يتحول إلى معارض له، إلى جانب العديد من الشخصيات البارزة في ثورة 25 يناير 2011، عندما أجبرت حشود المحتجين الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي عن السلطة.

ووجه النشطاء بعد ذلك انتقاداتهم للسيسي الذي ينظرون إليه باعتباره عودة إلى عهد السيطرة العسكرية القوية.

ولم ترد وزارة الداخلية أو مكتب الرئاسة المصرية على اتصالات هاتفية أو أسئلة مكتوبة بشأن الاعتقالات.

وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان “لا يوجد مواطن في مصر يتم القبض عليه أو محاكمته بسبب ممارسته نشاطا في مجال حقوق الإنسان، أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لاقترافه جرائم يعاقب عليها القانون”.

وفاز السيسي بولاية ثانية بسهولة بعدما حصل على 97 % من الأصوات في انتخابات أجريت في مارس/ آذار الماضي بلغت نسبة الإقبال على التصويت فيها 41 % فقط.

وكان جميع المرشحين الذين ينظر إليهم على أنهم يمكن أن يشكلوا تحديا له قد انسحبوا قبل الانتخابات فيما أرجعوه إلى الترهيب.

وقال محمد زارع مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إنه يعلم بشأن نحو 30 صحفيا أو ناشطا اعتقلوا منذ الانتخابات. ولم يتسن لرويترز التحقق من ذلك الرقم.

وأثارت الاعتقالات الأخيرة قلقا بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة، فيما يرجع جزئيا إلى أن هؤلاء المعتقلين شخصيات بارزة لم يسبق أن أدى انتقادهم الصريح للسلطات إلى مثل هذه الردود القوية من جانبها.

وأشاد مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي بالعفو الذي أصدره السيسي الشهر الماضي، غير أنه عبر للسيسي في 24 من مايو/ أيار عن قلقه من الاعتقالات الجديدة.

ودعت المتحدثة باسم حقوق الإنسان في الأمم المتحدة رافينا شمدساني مصر (الثلاثاء) الماضي إلى “احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وقالت منظمات حقوقية دولية ومحلية إن القبض على النشطاء جرى دون مذكرات رسمية وإن السلطات تحرم المعتقلين من الاتصال بمحامين.

وتحت عنوان “استهداف بسبب الكتابة” قالت “رويترز” إنه ومنذ تولي السيسي السلطة في 2014 شهدت مصر حملة أمنية واسعة على المعارضين الإسلاميين والنشطاء الليبراليين وهو ما تصفه جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بأنه أسوأ فترة قمع سياسي في تاريخ مصر الحديث.

وأعلن السيسي عندما كان وزيرا للدفاع عزل الرئيس السابق محمد مرسي (أول رئيس مدني منتخب) في 2013 .

وتعرض آلاف من أنصار جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي للاعتقال، وأقرت مصر قانونا يتطلب استصدار تصريح من وزارة الداخلية لأي تجمع عام لأكثر من عشرة أشخاص.

ويقول أنصار السيسي إن مثل تلك الإجراءات مطلوبة للحفاظ على استقرار البلاد وهي تتعافى من فوضى سياسية وتحاول معالجة مشكلات اقتصادية صعبة. كما أن البلاد تواجه خطرا من مسلحين من “تنظيم الدولة الإسلامية” في شبه جزيرة سيناء وتم فرض حالة الطوارئ في البلاد.

وأصدر السيسي، الذي ينفي وجود معتقلين سياسيين في مصر، عددا من قرارات العفو في المناسبات الكبرى.

وقال بعض المحامين والدبلوماسيين والباحثين في مجال حقوق الإنسان إنهم في حيرة من أمرهم بشأن تفسير الاعتقالات التي وقعت في الآونة الأخيرة.

ولم يتعرض من احتجزوا مؤخرا للاعتقال على مدى سنوات على الرغم من نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال محمد لطفي مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات لـ “رويترز”: “قبل الانتخابات (كان هناك) تفسير منطقي وهو تخويف أنصار (المعارضة)… استهدفت (الاعتقالات) الأخيرة من يكتبون على الإنترنت فحسب” مضيفا أن منتقدي السيسي أصبحوا يمارسون الرقابة على أنفسهم بشكل متزايد خشية الاعتقال.

واعتقلت الناشطة أمل فتحي الشهر الماضي بتهمة إهانة الدولة بعد أن نشرت مقطع فيديو ينتقد الحكومة لفشلها في حماية النساء من التحرش.

وكان حازم عبد العظيم وهو محتجز آخر قد شكا على “تويتر” من تصعيد الحملة الأمنية قبل أيام من احتجازه في 27 مايو/ أيار.

وكتب على تويتر “الظلم يزيد. والظالم يزداد ظلما. وشباب بيتحبس يوميا”.

وفي تغريداته على “تويتر” انتقد إطلاق سراح أكثر من 300 سجين لا يشملون أي معارضين سياسيين بارزين.

ولم تتح السلطات الإطلاع على قائمة كاملة بمن شملهم العفو.

وعمل عبد العظيم مسؤولا في الحكومة في عهد مبارك وشارك في الدعاية للسيسي في فترته الأولى في 2014 لكنه قال بعد ذلك إن هذا كان خطيئته الكبرى.

ويواجه عبد العظيم، مثل وائل عباس، اتهامات بنشر أخبار كاذبة والتورط مع منظمة محظورة، وقال محاميه إنه ينفي تلك الاتهامات.

ومن بين المعارضين البارزين الذين اعتقلوا في مايو/ أيار أيضا المدون الساخر شادي أبو زيد، والمحامي هيثم محمدين.

وقال محامي أبو زيد إنه يواجه ذات الاتهامات التي يواجهها عباس وعبد العظيم وينفيها أيضا. ولم يتسن الوصول إلى محامي محمدين للتعليق.

كما اعتقل شادي الغزالي حرب، وهو شخصية بارزة في المعارضة في ثورة 25 يناير 2011 التي أجبرت مبارك على التنحي، في الشهر الماضي أيضا.

وكان قد نشر على “تويتر” انتقادات لاعتقال متظاهرين شاركوا في احتجاج نادر ضد زيادة أسعار تذاكر المترو في القاهرة.

المصدر : رويترز